يراقب منتجو النفط والغاز حول العالم بحذر شديد تطورات الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، والتي قد تلقي بتأثير كبير على أسعار النفط والاقتصاد العالمي. حيث تعد منطقة الشرق الأوسط، وخاصة منطقة الخليج، مركزاً مهماً لإنتاج النفط ونقله. وأي اضطرابات في هذه المنطقة يمكن أن تؤدي إلى مخاوف بشأن استقرار إمدادات النفط، مما يسبب تقلبات في أسعار النفط. وإذا تصاعدت الحرب وعطلت إنتاج النفط أو البنية التحتية العالمية للنقل، فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض إمدادات النفط العالمية، وبالتالي ارتفاع الأسعار. وفي المقابل، فإن ارتفاع أسعار النفط له آثار واسعة النطاق على الاقتصاد العالمي. فيمكن أن تؤدي زيادة تكاليف الطاقة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج للشركات، مما يؤدي إلى ضغوط تضخمية. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه المستهلكون أسعاراً أعلى للسلع والخدمات المختلفة مع ارتفاع تكاليف النقل. ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى إبطاء النمو الاقتصادي والتأثير على الإنفاق الاستهلاكي. علاوة على ذلك، فإن التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط يمكن أن تخلق المزيد من عدم اليقين في الأسواق المالية، مما يؤثر على ثقة المستثمرين. فالترابط بين الاقتصاد العالمي يعني أن الاضطرابات في منطقة واحدة يمكن أن يكون لها آثار مضاعفة في جميع أنحاء العالم. ولذلك، فإن مراقبة الحرب الإسرائيلية أمر بالغ الأهمية ليس فقط للأطراف المعنية مباشرة ولكن أيضاً لاستقرار أسواق الطاقة العالمية والمشهد الاقتصادي الأوسع. وقد أثار هذا ناقوس الخطر وأعاد المخاوف بشأن الحرب التي تعطل سلاسل التوريد العالمية وأسواق السلع الأساسية، ووفقاً لتقرير «آفاق أسواق السلع الأساسية» الفصلي الصادر عن البنك الدولي، يرى أنه إذا اشتدت حدة الحرب بين إسرائيل وغزة وأدت لتدخل أطراف إقليمية أخرى، فإن الاقتصاد العالمي سيواجه صدمة طاقة هائلة للمرة الأولى منذ عقود، وكانت هذه النتائج نتيجة للعواقب التي خلفتها حرب روسيا الأخيرة مع أوكرانيا. إلى ذلك اعتبر خبراء اقتصاديون أنه في حال توسعة الحرب ودخول إيران فيها مباشرة، من الممكن أن يتعطل مرور شاحنات النفط عبر مضيق هرمز، ومن شأن ذلك رفع أسعار النفط الخام بشكل كبير. دان سترويفن، رئيس أبحاث النفط في بنك الاستثمار الأمريكي «غولدمان ساكس»، قال لشبكة CNBC مؤخراً إنه في حال حدوث اضطراب في مضيق هرمز لمدة شهر، فسترتفع الأسعار بنسبة 20%. ويمكن إعادة توجيه الشحنات بعيداً عن البحر الأحمر، لكن النفط الخام سيتباطأ تحركه بشكل أساسي إذا تم إغلاق المضيق، وهذا التعطيل لفترة طويلة في المضيق قد يؤدي في النهاية إلى مضاعفة أسعار النفط. وبينما يعتبر بنك غولدمان ساكس أن هذا السيناريو غير مرجح، يعتقد «بوب ماكنالي» من مجموعة «رابيدان» للطاقة أنّ هناك احتمالاً بنسبة 30% أن يمتد الصراع في الشرق الأوسط إلى إيران، ما قد يتسبب في انقطاع تدفقات النفط في الخليج العربي. ويلفت ماكنالي إلى أن السوق يجب أن تأخذ في الاعتبار علاوة المخاطر الجيوسياسية البالغة 12 دولاراً في أسعار النفط في الوقت الحالي، ويقول إن السوق لم تأخذ في الاعتبار المخاطر لأن التجار لديهم «جلد سميك للغاية» حد تعبيره، حيث شهد تجار النفط على مدى سنوات صراعات متكررة في المنطقة لم تؤدِّ في النهاية إلى تعطيل الإمدادات لفترة طويلة. من جهتها رأت وكالة إس أند بي غلوبال S&P Global للتصنيف الائتماني، أن المخاطر الجيوسياسية تزحف الآن عائدةً إلى السوق. إلى ذلك قالت شركة النفط الأمريكية العملاقة «شيفرون» إنها تعمل حالياً مع البحرية الأمريكية لحماية سفنها التي تعبر البحر الأحمر، مشيرة إلى أن قوات صنعاء تحدوا الإنذار الأمريكي الصارم لوقف الهجمات في البحر أو مواجهة العواقب.