رفع التصنيف الائتماني للسعودية إلى “A+”.. طموحات “نيوم” على محك اختبار ثقة مفصلي

أعلنت وكالة “ستاندرد آند بورز” العالمية للتصنيف الائتماني، رفع تصنيف المملكة العربية السعودية بالعملات المحلية والأجنبية إلى “A+” مع نظرة مستقبلية “مستقرة”، في خطوة تعكس تعزيز الثقة في متانة الاقتصاد السعودي وقدرته على موازنة التحديات المالية مع متطلبات “رؤية 2030”.
جاء في تقرير الوكالة الذي اطلع عليه بقش، أنّ القرار يستند إلى “التقدم الملحوظ” في تنويع القاعدة الاقتصادية، و”النمو المتسارع” للقطاعات غير النفطية، و”تطوير أسواق رأس المال”، ما ساهم في تعويض مخاطر ارتفاع الدين الخارجي وخدمته، كما أشاد التقرير بجهود المملكة في جذب الاستثمارات كـ”محفز رئيسي” لتعزيز مرونة الاقتصاد على المدى المتوسط.
توقعت الوكالة أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو متوسطاً 4% خلال الفترة من 2025 إلى 2028، بينما قدّر التقرير متوسط عجز الميزانية بنسبة 4.2% من الناتج المحلي، نتيجة الإنفاق الاستراتيجي على برامج التحول الاقتصادي. ورجَّحت “S&P” أن تظل المملكة محافظة على “مركز مالي قوي” مدعوم بصافي أصول خارجية ضخم، رغم الضغوط التمويلية.
وهذه الترقية هي الأحدث في سلسلة تحسينات تصنيفية حصلت عليها السعودية خلال السنوات الأخيرة، كتتويج لمسار إصلاحي يشمل تعزيز كفاءة المؤسسات، واعتماد سياسات مالية استباقية، وتسريع وتيرة التنويع الاقتصادي، في إطار السعي لتحقيق أهداف “الرؤية” الطموحة.
مشروع نيوم.. تباشير التفاؤل تتصادم مع تحذيرات التكاليف
رغم الإشادة الدولية بالأداء الاقتصادي السعودي، تتصاعد التحذيرات في المقابل من تفاقم تكاليف مشروع نيوم العملاق، الذي يُعد أحد ركائز “رؤية 2030”. فقد كشفت تقارير حديثة، منها تلك المنشورة في “وول ستريت جورنال”، عن تضاعف التكاليف التقديرية لإكمال المشروع بأكثر من 3 أضعاف، ما يهدد بضغوط إضافية على المالية العامة.
أشارت التسريبات إلى أن مشروع “ذا لاين” –المدينة الذكية الطموحة– يشهد ارتفاعاً غير مسبوق في التكاليف بسبب تعقيدات البناء في الصحراء، بينما يواجه منتجع “تروجينا” السياحي تحديات في تحقيق الجدوى الاقتصادية بعد ارتفاع تكلفته بنحو 10 مليارات دولار حسب اطلاع بقش. وتُعزى هذه الزيادات إلى افتراضات مالية “غير واقعية” في التخطيط الأولي، وفقاً للتقارير.
استثمارات ضخمة.. بين الطموح والواقع
يقدر خبراء أن إجمالي التكاليف الرأسمالية لنيوم حتى اكتمالها بحلول 2080 قد تصل إلى 8.8 تريليونات دولار، أي ما يعادل 25 ضعف الميزانية السنوية الحالية للمملكة، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الاقتصاد على استيعاب هذه الأعباء دون التأثير على برامج التنويع الأخرى.
وفي حين تُظهر ترقية “ستاندرد آند بورز” ثقة المستثمرين في السياسات المالية السعودية، يُحذّر الخبراء من أن التكاليف المتصاعدة للمشاريع الضخمة –مثل نيوم– قد تعيد تشكيل التوقعات الائتمانية مستقبلاً، خاصة مع تراجع أسعار النفط وتقلبات الأسواق العالمية. وتؤكد التقارير أن نجاح المملكة في إدارة هذا التوازن سيحدد مسار التحول الاقتصادي خلال العقود المقبلة.