مصادر إعلامية: السعودية تفرض الإقامة الجبرية على محافظ حضرموت تمهيداً لتغييره

الاقتصاد اليمني | بقش
كشفت أحد البرامج السياسية في قناة “يمن شباب” الموالية لحزب الإصلاح عن معلومات تفيد بأن المملكة العربية السعودية فرضت الإقامة الجبرية على محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، ومنعته من العودة إلى المحافظة، في خطوة يبدو أنها تمهّد لإقالته وتعيين شخصية بديلة أكثر انسجاماً مع أولويات الرياض في شرق اليمن.
وبحسب البرنامج، فإن السلطات السعودية بدأت بالفعل مناقشة ملفات عدد من الشخصيات المرشحة لخلافة بن ماضي، في سياق ما يُوصف بتوسيع السيطرة الإدارية على محافظة حضرموت، الغنية بالنفط والمنافذ الحيوية، والتي تشهد منذ أشهر حالة من الغليان السياسي والشعبي.
وعلى الرغم من انتماء المحافظ مبخوت بن ماضي إلى حزب المؤتمر الشعبي العام، إلا أن مواقفه الميدانية خلال الشهور الماضية جعلته، وفقاً للمصادر، محسوباً على الخط السياسي الإماراتي، خصوصاً من خلال تنسيقه مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وتصدّيه لمحاولات إدخال “قوات درع الوطن” التي ترعاها السعودية.
ورأت الرياض في تلك المواقف إشارات غير مرحّب بها، ما دفعها إلى سحب الثقة الفعلية من بن ماضي وبدء ترتيبات تغيير الرجل الأول في حضرموت، بالتوازي مع تصاعد احتجاجات شعبية واسعة في المكلا ومدن أخرى تطالب برحيله، على خلفية الانهيار الخدماتي المستمر، وخاصة في ملف الكهرباء.
أسماء تتداولها الرياض لتولي المنصب
وفقاً للتقارير ذاتها، تشمل قائمة المرشحين المحتملين لتولي منصب المحافظ عدداً من الشخصيات السياسية والإدارية، من أبرزها: سالم الخنبشي، نائب رئيس الوزراء الأسبق، ويحظى بدعم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي “رشاد العليمي”.
مرشح آخر هو سعيد الشماسي: وزير النفط الحالي، ويمتلك خبرة فنية وميدانية في القطاع النفطي، إلى جانب عبدالسلام باعبود: وزير سابق، له حضور سياسي داخل المحافظة، وأيضاً بدر باسلمة، وزير النقل الأسبق، وأحد المقرّبين من رجل الأعمال المعروف “عبدالله بقشان”.
وتشير المصادر إلى أن معايير الاختيار تركّز على قدرة المرشح على التنسيق مع السعودية، دون الدخول في صدام مباشر مع المجلس الانتقالي، مع تقديم خطة إنقاذ خدمية عاجلة للحد من تصاعد الاحتجاجات.
صراع النفوذ في حضرموت: سباق إقليمي على بوابة الثروات اليمنية
تشهد محافظة حضرموت منذ سنوات صراعاً متزايداً على النفوذ بين القوتين الإقليميتين البارزتين: السعودية والإمارات، وسط محاولات مستمرة من كل طرف لترسيخ حضور عسكري وسياسي يعزز موقعه في واحدة من أغنى المحافظات اليمنية بالموارد النفطية والموقع الجيوسياسي.
وتسعى السعودية منذ مطلع 2023 إلى تعزيز نفوذها في ساحل حضرموت من خلال دعم تشكيلات عسكرية جديدة مثل “قوات درع الوطن”، إلى جانب تمكين شخصيات موالية لها في المناصب العليا بالمحافظة. وتُعد المكلا نقطة ارتكاز رئيسية في هذا التوجّه، باعتبارها الميناء الأكبر في الشرق، والبوابة الأهم لتصدير النفط الخام.
الرياض ترى في حضرموت منطقة أمن قومي، خاصة مع التراجع التدريجي لنفوذها في مأرب وشبوة، وهو ما يجعل المحافظة ساحة حيوية لإعادة ضبط توازناتها في الملف اليمني.
في المقابل، تحتفظ الإمارات بحضور عسكري واستخباراتي مؤثر في ساحل حضرموت، من خلال دعمها المستمر لقوات “النخبة الحضرمية” ذات التوجّه المقرب من المجلس الانتقالي الجنوبي. وتُعتبر المكلا واحدة من معاقل النفوذ الإماراتي منذ عام 2016.
وتُفضل الإمارات، بحسب مراقبين، الإبقاء على شخصيات في الإدارة المحلية تنسجم مع خططها، وهو ما يفسّر دعمها الضمني للمحافظ بن ماضي، ورفضها مساعي استبداله بأسماء محسوبة على السعودية.
وبين هذه الاصطفافات الإقليمية، تعيش حضرموت حالة من الضياع الإداري والخدمي، حيث تتدهور أوضاع الكهرباء والمياه والبنية التحتية، وسط احتجاجات شعبية متصاعدة تتهم السلطة المحلية بالفشل والعجز عن إدارة الموارد، رغم الثروات الضخمة التي تمتلكها المحافظة.
ترجّح المعطيات الميدانية أن حضرموت تقف على أعتاب تغيير سياسي محوري قد يُعيد رسم خارطة النفوذ داخلها، ومع تداول الأسماء البديلة، وتزايد الضغوط الإقليمية، وتفجر الشارع، تبدو الإطاحة بمحافظها الحالي مسألة وقت فقط.
لكن يبقى السؤال الأهم: هل التغيير القادم سيكون خطوة نحو إنهاء حالة التنازع الإداري والتبعية الإقليمية؟ أم أنه بداية فصل جديد من الصراع المفتوح على بوابة الثروات اليمنية؟ ذلك ما ستُجيب عنه الأيام القليلة المقبلة.