الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

الأسر اليمنية تحت رحمة النزوح والجوع والانهيار الاقتصادي

الاقتصاد اليمني | بقش

يشير تقرير حديث إلى أن اليمن يواجه أزمة إنسانية حادة في الوقت الذي ترتفع فيه أعداد النازحين داخلياً، حيث نزحت كثير من الأسر من ديارها إلى محافظات أو مناطق أخرى، أو لجأت إلى مخيمات استقبال أو مراكز إيواء، مثل مخيم الرباط بمحافظة لحج.

ويقول تقرير منظمة إنترسوس الإيطالية، الذي اطلع عليه بقش، إن الأزمة الداخلية تفاقمت في اليمن مع تصاعد حالة عدم الاستقرار الإقليمي، مما جعل الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد أكثر هشاشة، مشيراً إلى أن هناك عدداً لا يُحصى من الأسر النازحة التي تفتقر غالباً إلى القدرة على الوصول للخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتغذية والتعليم والسكن الآمن.

ويحتاج في اليمن نحو 20 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، وفقاً للتقرير، ويتجاوز عدد النازحين داخلياً 4 ملايين، مما يجعل اليمن خامس أكبر بلد يشهد أزمة نزوح في العالم، استناداً إلى بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، ولا يزال هؤلاء الأشخاص يواجهون تحديات هائلة في محاولتهم البقاء على قيد الحياة وإعادة بناء حياتهم في ظل انعدام الأمن وندرة الموارد.

ويُعتبر مخيم الرباط للنازحين داخلياً، في لحج، أحد أهم المخيمات في البلاد، إذ يستضيف عشرات الآلاف من النازحين الذين فروا من ديارهم.

وبتتبُّع بقش لأحدث البيانات الأممية، فإن الأزمة تتفاقم نظراً لعدة عوامل أبرزها استمرار الصراع والانهيار الاقتصادي المتمثل في تضخم الأسعار وانهيار العملة وتدهور الدخل أو انعدامه.

وتشير التقارير إلى أن التغييرات المناخية تزيد من هشاشة سبل العيش، خصوصاً للنازحين، وسط ضعف الخدمات الأساسية نتيجة تدمير أو تعطّل المرافق، ونقص التمويل، وغياب البنية التحتية.

وفي غضون هذه الظروف، تحذر الأمم المتحدة من عجزها المالي عن تغطية عملياتها في اليمن، وتطلبت خطبتها لعام 2025 نحو 2.5 مليار دولار لتغطية الاحتياجات الأساسية لأكثر من 10.5 مليون من الأكثر ضعفاً، لكن وفق بيانات رصدها بقش لم تحصل خطة الاستجابة الأممية سوى على قرابة 600 مليون دولار، أو ما يعادل 24% من إجمالي المبلغ المطلوب.

أوضاع الأسر نحو الأسوأ

دخل اليمن مرحلة من الانهيار الإنساني الواسع، وفق بيانات الأمم المتحدة في نوفمبر. حيث يتجه أكثر من نصف السكان نحو مستويات من الجوع الحاد، ليوضع اليمن في المرتبة الثالثة عالمياً من حيث انعدام الأمن الغذائي.

العوامل التي تدفع الأزمة متعددة، وتتفاقم من دون أي مؤشرات على انفراج قريب، وتحد من قدرة الأسر على التأقلم.

وتشير البيانات المنشورة لدى بوابة “ريليف ويب” الأممية، إلى تباين الواردات، حيث تراجعت واردات الغذاء عبر موانئ البحر الأحمر الخاضعة لحكومة صنعاء بنسبة 44%، بينما ارتفعت في الموانئ الجنوبية بنسبة 121%. كما أن تأخيرات رواتب الموظفين الحكوميين في عدن من بين العوامل.

ويُضاف إلى ذلك تراجع المساعدات الإنسانية، فلا يُتوقع وصول أي مساعدات غذائية إنسانية إلى مناطق حكومة صنعاء بسبب تعليق “برنامج الأغذية العالمي” لعملياته. أما في مناطق حكومة عدن، فمن المرجح وصول المساعدات الغذائية إلى 3.4 ملايين شخص أو أقل، وهي أرقام منخفضة جداً مقارنة بالاحتياج المقدر بين 13 و14 مليون شخص.

ووصلت الأسر اليمنية إلى مستويات غير مسبوقة من الضعف وفقدان القدرة على امتصاص الصدمات، إذ عجزت 61% من الأسر عن تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية في سبتمبر 2025، ولجأت 42% من الأسر إلى إجراءات قاسية مثل تقليل حجم الحصص الغذائية وتقليل عدد الوجبات، وفي حالات أخرى تفضيل الأطفال على حساب البالغين.

ويعاني 63% من النازحين من عدم كفاية الغذاء وفق متابعة بقش، مع مستويات مرتفعة من سوء التغذية بين الأطفال في المخيمات، إذ يكتفي معظمهم بتقديم غذاء ينتمي إلى مجموعة أو مجموعتين فقط من أصل ثماني مجموعات ضرورية للنمو السليم.

ويواجه اليمن أزمة متعددة الأبعاد، تتقاطع فيها الصعوبات الاقتصادية مع العوائق الأمنية والإنسانية، مما يخلق دائرة مغلقة من التدهور يصعب كسرها. وتشير البيانات الأممية إلى أن الوضع يتطلب اليوم خطة إنقاذ شاملة وفورية، تبدأ بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الأكثر تضرراً وكسر القيود المفروضة على العمل الإنساني، مع تقديم دعم مباشر لواردات الغذاء والوقود لتقليص فجوة الأسعار، ودعم برامج سبل العيش لتقليل الاعتماد الكامل على الإغاثة.

زر الذهاب إلى الأعلى