الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

تراجع حاد في ثقة المستهلك الأمريكي بسبب مخاوف التضخم والحرب التجارية

انخفضت ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها منذ نحو عامين ونصف، وفق أحدث بيانات “استطلاع جامعة ميشيغان للمشاعر الاقتصادية”، وسط مخاوف متصاعدة من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس “دونالد ترامب” قد تؤجج التضخم وتُعرض الاقتصاد لاضطرابات واسعة.

وسجل المؤشر انخفاضاً حاداً إلى 57.9 نقطة في مارس الجاري، وهو الأدنى منذ نوفمبر 2022، في إشارة إلى قلق متزايد عبر الانتماءات الحزبية من تبعات السياسات الاقتصادية غير المُستقرة.

الحرب التجارية تُلهب الأسواق وتوافق نادر بين الجمهوريين والديموقراطيين

أشار الاستطلاع إلى أن 48% من المشاركين يرون أن الرسوم الجمركية –التي شملت شركاء تجاريين كالصين و الاتحاد الأوروبي– ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، مما دفع توقعات التضخم على المدى القصير (12 شهراً) إلى 4.9%، وهي الأعلى منذ نهاية 2022.

كما قفزت التوقعات طويلة الأجل (5 سنوات) إلى 3.9%، مسجلةً أعلى مستوى منذ فبراير 1993. وجاء هذا التراجع بعد تهديدات ترامب الأخيرة بفرض رسوم جمركية بنسبة 200% على واردات الكحوليات الفاخرة الأوروبية، رداً على إجراء أوروبي مماثل بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات الويسكي الأمريكي، ما أثار موجة بيع في الأسواق المالية.

سجل الاستطلاع تراجعاً لافتاً في الثقة عبر جميع الانتماءات السياسية في الولايات المتحدة، فقد انخفضت ثقة الجمهوريين بنسبة 10%، في حين شهدت ثقة فئة المستقلين انخفاض بنسبة 12%، بينما انهارت ثقة الديمقراطيين بتحركات الإدارة الجديدة بنسبة 24%.

وأكدت “جوآن هسو”، مديرة الاستطلاع بجامعة ميشيغان، أن “الجميع يتفقون على تدهور التوقعات الاقتصادية منذ فبراير الماضي”، مشيرةً إلى أن القلق يشمل الشؤون المالية الشخصية، وفرص العمل، وأسواق الأسهم.

الاحتياطي الفيدرالي أمام مفترق طرق

مع استمرار ارتفاع توقعات التضخم لثلاثة أشهر متتالية، يزداد الضغط على البنك المركزي الأمريكي لإعادة تقييم سياساته النقدية. ومن المتوقع أن يُبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة عند النطاق الحالي (4.25%-4.50%) في اجتماعه المقبل، لكن الخبراء يحذرون من صعوبة تجاهل استمرار تسارع التضخم.

وقال “كونراد ديكوادروس”، الخبير الاقتصادي في “بريان كابيتال”: “الرسوم الجمركية لم تعد صدمة مؤقتة للأسعار، بل تحولت إلى جزء من ديناميكية التضخم ذاتها”.

القلق الاقتصادي تفاقم مع حملة ترامب غير المسبوقة لتقليص الوكالات الفيدرالية عبر “وزارة كفاءة الحكومة” (DOGE) التي يديرها الملياردير “إيلون ماسك”، والتي ألغت آلاف الوظائف وقطعت التمويل عن برامج حيوية.

ورغم إعادة بعض الموظفين بعد نزاعات قضائية، أظهر استطلاع لـ”رويترز” أن 57% من الأمريكيين يرون سياسات ترامب الاقتصادية “فوضوية”، بينما يعتقد 53% أن الحرب التجارية ستضر أكثر مما تنفع.

تحذيرات من شلل الإنفاق الاستهلاكي

حذر خبراء من أن تراجع الثقة قد يُبطئ النمو الاقتصادي، إذ يميل المستهلكون إلى تأجيل عمليات الشراء الكبرى مثل السيارات والمنازل عند الشعور بعدم اليقين. وقال بيل آدامز، كبير الاقتصاديين في “كوميريكال بنك”: “الخوف من المستقبل قد يُشل حركة الإنفاق، مما يعرض التعافي للخطر”.

من ناحية أخرى، شهدت “وول ستريت” تعافياً جزئياً بعد خسائر جسيمة الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت عوائد السندات الحكومية، في إشارة إلى حذر المستثمرين من استمرار التحديات.

ويقف الاقتصاد الأمريكي عند مفترق حاسم كما تُظهر البيانات، حيث تهدد السياسات التجارية والتقشفية بإعادة إشعال التضخم وإضعاف ثقة المستهلك –المحرك الرئيسي للنمو– مما يضع صناع القرار أمام اختبار صعب لموازنة الأولويات في الأشهر المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش