
متابعات | بقش
تتفاقم أزمة المياه في محافظة تعز لأسباب تعود إلى إهمال حكومة عدن والسلطة المحلية هذه الجانب المعيشي الهام، وانهيار البنية التحتية والمؤسسية وتوقف مشاريع المياه الحكومية التي عجزت بالأساس عن تلبية احتياجات السكان حتى قبل اندلاع الحرب، وفي الفترة الأخيرة تعطلت خطوط الإمداد من الحقول الرئيسية.
وفق متابعات بقش، يعاني السكان في مدينة تعز من إنفاق مبالغ طائلة على وايتات المياه، وتصطف الأسر، من النساء والأطفال، لساعات طويلة لجلب كميات محدودة من المياه يومياً، ومن مصادر غير آمنة يشوبها التلوث، وأمام هذا المشهد لم تتحرك مؤسسة المياه لإنفاذ خطة طوارئ، وتُتهم السلطة المحلية بإصدار تعميمات شكلية فقط، دون تنفيذ حلول عملية تنهي هذه الأزمة.
وعلم مرصد بقش أن هناك مواطنين كثر يضطرون للوقوف لساعات طويلة لتعبئة ما لا يزيد عن دبَّتي مياه، ما يعادل 40 لتراً، حيث يتحجج المسؤولون عن بيع المياه بندرة المياه ويحدون من الكميات المعطاة للأسر، وبأسعار باهظة، في حين أن ذلك أثر بالأساس على الأطفال وذهابهم إلى المدارس.
ويبلغ سعر وايت الماء أرقاماً فلكية تصل إلى 60 ألف ريال وسط انهيار قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، رغم أن السلطة المحلية أعلنت في منتصف مايو الجاري عن تحديد تسعيرة تعبئة ماء الوايتات بـ6 آلاف ريال (مقابل ألف لتر) و35 ألف ريال (مقابل 6 آلاف لتر) وفق متابعات بقش.
ومؤخراً أعلنت حكومة صنعاء التي تسيطر على مدينة الحوبان عن إمداد مدينة تعز بالمياه وسط الأزمة الخانقة في مياه الشرب، وذلك من الحوبان إلى خزانات مؤسسة المياه في المدينة.
وكانت مدينة تعز تعتمد على 4 حقول رئيسية دُمرت، ولم يتبق سوى الحقل الإسعافي داخل المدينة، الذي يغطي أقل من 20% من الاحتياج، ووفقاً لإدارة مؤسسة المياه والصرف الصحي بتعز فإنه يتم العمل على استكمال مشروع مياه الضباب، الممول من الإمارات، ويتضمن حفر 10 آبار، ومد خطوط ناقلة بطول 14 كيلومتراً، إضافة إلى خزانات ومحطة ضخ تعمل بالطاقة الشمسية، لكن هذا المشروع الذي يُتوقَّع إنهاؤه خلال 8 أشهر، لا يغطي إلا قرابة 20% من الاحتياج الكلي، فيما لا يزال الوضع هشاً مع عجز مائي تجاوز 60 حتى ما قبل الحرب.
كما لم يُنفذ، حتى الآن، مشروع تحلية مياه البحر الذي كان من المفترض أن تدعم تنفيذه المملكة العربية السعودية.
الأزمة خارج المدينة: المخا أيضاً في “جفاف”
المخا الساحلية بدورها تشهد أزمة مياه متفاقمة، إذ يشكو سكانها من الأزمة وغياب الحلول الحكومية من جانب السلطات المعنية التابعة لعضو المجلس الرئاسي طارق صالح، المدعومة من الإمارات. ووفقاً لتأكيدات السكان، فإن مشروع المياه في المخا متوقف منذ أكثر من 30 يوماً، وفي حال عودته فإنه يعود بشكل ضعيف ولساعات قليلة فقط لا تغطي الاحتياجات الملحة للأسر يومياً.
ووصل سعر الوايت الواحد (1000 لتر) إلى قرابة 8 آلاف ريال، وهو ما يضاعف الأعباء المالية على الأسر التي تشكو بالأساس من تأخر الرواتب على ضآلة قيمتها كونها لا تكفي لتلبية أدنى الاحتياجات اليومية والأساسية.
أزمة المياه في محافظة تعز، بما فيها المدينة والمخا، تعكس واقعاً مقلقاً تتدهور فيه البنية التحتية وترتفع فيه تكاليف المعيشة، وتزداد الخدمات سوءاً، وحياة الناس سواداً، وهو ما يجعل الناس واقعين في دوامة من الأزمات التي لا نهاية لها، متسائلين عن موعد انفراجة كل هذه الأزمات المتشابكة، حيث ترمي الحكومة المواطنين في قاع الأزمات لمواجهة مصيرهم بمفردهم دون أدنى تحمل للمسؤولية.