
الاقتصاد اليمني | بقش
بينما يشتد التوتر الأمني في المحافظة النفطية، أصدرت شركة بترومسيلة بياناً حصل “بقش” على نسخة منه، قالت فيه إنها أوقفت عمليات الإنتاج والتكرير وإمدادات الغاز المخصصة لتشغيل محطات الكهرباء الغازية في وادي حضرموت.
البيان جاء في وقت حساس مع تصاعد حالة التوتر الأمني والصراع بين القوى المحلية المتنافسة على النفوذ العسكري والإداري والسيطرة على المنشآت السيادية، وعلى رأسها قطاعات النفط.
وأوحى البيان بأن الأوضاع الأمنية في المحافظة دخلت مرحلة تؤثر مباشرة على البنية الحيوية للطاقة والاقتصاد المحلي، وهو ما يربط البيان مباشرة بسياق الصراع المتصاعد في وادي حضرموت بين قوات النخبة، وقوات حماية حضرموت التابعة لرئيس حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبريش، وتدخلات أطراف أخرى تسعى إلى إعادة رسم خريطة النفوذ في المنطقة.
إيقاف العمليات في قطاعين مهمين
قالت شركة “بترومسيلة” إنها اضطرت إلى وقف عمليات الإنتاج والتكرير بصورة كاملة في حقول وآبار ومنشآت قطاع (14) منذ يوم السبت 29 نوفمبر، نتيجة لتدهور الأوضاع الأمنية حول منشآت القطاع، وأشارت إلى أن أي اشتباكات مسلحة بالقرب من المواد النفطية والغازية قد تؤدي إلى حوادث كارثية وخسائر هائلة لا يُحمد عقباها، وهو ما دفع الشركة إلى اتخاذ الإجراءات الاحترازية.
ووفق اطلاع بقش، أضافت الشركة أنها أبقت على الحد الأدنى من العمليات في قطاع (10) لغرض توفير كميات الغاز اللازمة لتشغيل محطة وادي حضرموت الغازية بقدرة (75 ميجاوات)، إضافة إلى محطة الجزيرة الغازية، مؤكدة أنها تولي مسألة استمرار الكهرباء للمواطنين أهمية قصوى.
لكن العمليات في قطاع (10) استمرت فقط حتى الثامنة مساء الأحد 30 نوفمبر، حيث اضطرت الشركة لإيقافه بعد امتلاء خزانات النفط الخام وتعذر ضخ الكميات المخزونة إلى قطاع (14) بسبب تصاعد الوضع الأمني الذي سبق توضيحه.
بناءً على هذه الظروف التي وصفتها بترومسيلة بـ”القاهرة”، توقفت إمدادات وقود الغاز المشغِّل للمحطتين الغازيتين، وتم تنفيذ إطفاء تدريجي للمحطات والمنشآت الغازية بما في ذلك محطة كهرباء وادي حضرموت.
أولى نتائج الصراع
يبدو أن إيقاف العمليات النفطية وتوقف إمدادات الغاز والكهرباء هو أولى نتائج الصراع الحاصل في حضرموت، حيث جاء هذا التوقف وسط تصعيد غير مسبوق وعلى نحو خاص في مناطق الوادي والصحراء التي تُعتبر من أغنى مناطق اليمن بالثروات النفطية.
ويتنازع المحافظة ثلاثة أطراف هي حكومة عدن، والمجلس الانتقالي، وحلف قبائل حضرموت الذي يدفع باتجاه حكم ذاتي وإدارة محلية بعيدة عن تدخلات الحكومة المركزية والمجلس الانتقالي الجنوبي على حد سواء.
ويُنظَر إلى النفط على أنه محور من محاور الصراع إذ يتم التنافس على السيطرة على المنشآت النفطية، حيث أقدمت مؤخراً قوات حماية حضرموت التابعة لرئيس حلف قبائل حضرموت عمرو بن حبريش، على السيطرة على منشآت بترومسيلة وحقول النفط، في خطوة وُصفت بأنها “استباقية”، وسط اتهامات لقوى محلية وإقليمية بالسعي لإعادة توزيع السلطة في المنطقة، وهو ما زاد من حدة الصراع.
يرى حلف قبائل حضرموت أن هناك مشروعاً للسيطرة على النفط وخطوط النقل وموانئ التصدير، وأن السيطرة على ميناء الضبة ومحاولة الوصول إلى شركة بترومسيلة تُعد جزءاً من هذا المشروع، محذراً من تمركز ما وصفها “قوات خارجية” على أرض حضرموت. بينما قالت المنطقة العسكرية الثانية التابعة للمجلس الانتقالي، حسب متابعات بقش، إنها دفعت بعدد من الألوية العسكرية لدعم وإسناد القوة المتواجدة في المنشآت النفطية في قطاع المسيلة.
ووفق تقارير اقتصادية، فإن التعدد السياسي في المحافظة خلق حالة من الفراغ الأمني المتقطع وارتفاع مستوى التوتر حول المنشآت السيادية.
وتشكّل حضرموت القلب الاقتصادي لليمن في قطاع النفط، وتهدد الاختلالات الأمنية فيها بالتأثير على الوضع العام لإمدادات الطاقة والاقتصاد المحلي واستقرار الخدمات الأساسية.
ويُقرأ إيقاف محطة وادي حضرموت الغازية (75 ميجاوات) بأنه يعني انقطاعات كهرباء واسعة، وتوقف العديد من الخدمات الحيوية وظهور أعباء إضافية على المواطنين الذين يعانون أساساً من تحديات اقتصادية.
ويعكس بيان بترومسيلة مرحلة خطيرة من التوتر في حضرموت، ويمثل توقف العمليات النفطية وتوليد الكهرباء جرس إنذار بأن الصراع خرج عن السيطرة، وأن المحافظة أمام منعطف حساس يهدد أمنها واستقرارها وخدماتها، ويضع الدولة أمام مسؤوليات عاجلة لإعادة التهدئة وضمان حماية المنشآت الحيوية.


