قالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» في تقرير نشرته الشهر الفائت، إن واردات الغذاء والوقود في اليمن -حتى شهر يناير السابق- شهدت ارتفاعاً في البلد الذي يعتمد على استيراد أكثر من 90% من احتياجاته من الخارج، إلا أن هناك تأثيرات محتملة لتصاعد توترات البحر الأحمر. فاستمرار الأزمة البحرية سيؤدي إلى تسريع تكاليف الشحن المتزايدة بالفعل، وبالتالي حدوث مزيد من التأخير في التسليم، أو حتى إلى التعليق الكامل لطرق التجارة وإغلاق الموانئ اليمنية، كما تقول «الفاو»، ويمكن أن يؤدي هذا الاضطراب إلى ندرة الإمدادات الغذائية وارتفاع الأسعار لاحقاً، ونتيجة لذلك فإن السكان الضعفاء، بما في ذلك الفقراء والنازحين داخلياً، سوف يكافحون من أجل شراء المواد الغذائية الأساسية. وقد يتأثر الصيادون بالأزمة، حيث قد يجبر تصاعد الأزمة الصيادين اليمنيين على التخلي عن أنشطتهم بسبب زيادة انعدام الأمن في البحر الأحمر وفي مواقع الإنزال، وذلك سيؤثر سلباً على دخلهم وعلى توافر الأسماك في الأسواق، مما يقلل من مصدر «البروتين» الحيوي للسكان. المساعدات الإنسانية بدورها ستتأثر، حيث إن الخلافات الكبيرة في الوصول إلى المستفيدين، وأزمة البحر الأحمر، يمكن أن تؤدي إلى تعقيد عملية إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن، وتعتمد المنظمات الإغاثية بشكل كبير على الطرق البحرية لاستيراد الغذاء والدواء والإمدادات الأساسية الأخرى إلى المناطق المتضررة، وأي تعطيل أو انسداد لهذه الطرق سيعيق إيصال المساعدات، مما يؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي بين السكان الضعفاء بالفعل. كما ترى الفاو أن تفاقم أزمة البحر الأحمر قد يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي في اليمن، وقد تنخفض التحويلات المالية، ويرتفع التضخم، وتهبط قيمة العملة المحلية، مما يجعل الغذاء والسلع الأساسية الأخرى أقل قدرة على تحمل تكاليفها بالنسبة لليمنيين العاديين. وبشكل عام، من المرجح أن يؤدي تصاعد الأزمة في البحر الأحمر إلى تفاقم حالة انعدام الأمن الغذائي في اليمن في العام الجاري 2024، مما سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الأليمة بالفعل، وهو ما يتطلب جهوداً فورية لتهدئة التوترات وتسهيل التدفق المستمر للإمدادات الغذائية التجارية والإنسانية. برنامج الغذاء: الوضع يسوء هنا برنامج الغذاء العالمي بدوره أجرى مسحاً نتج عنه أن أكثر من نصف الأسر اليمنية (52%) التي شملها المسح في يناير لم تتمكن من الحصول على الغذاء الكافي، بزيادة 11% عن نوفمبر 2023، وبنسبة 6% على أساس سنوي، وفي المناطق التي تسيطر عليها حكومة عدن، أبلغ 55% عن عدم كفاية الوصول إلى الغذاء، مقارنة بـ51% في مناطق حكومة صنعاء، ومع ذلك فإن نسبة الأسر غير القادرة على تلبية الحد الأدنى المقبول من الاستهلاك الغذائي في الشمال وصلت إلى أعلى مستوى مسجل خلال الأشهر الستة عشر الماضية. يرتبط هذا إلى حد كبير بالتوقف المستمر للمساعدات الغذائية الإنسانية في مناطق حكومة صنعاء شمالاً، وبوجه عام فقد تجاوزت نسبة الأسر التي أبلغت عن عدم كفاية استهلاك الغذاء الـ40% في 18 محافظة من أصل 22 محافظة يمنية، وسُجِّلَت الذروة في محافظات «لحج»، «الجوف»، «ريمة»، «البيضاء» و«الضالع». جاء في مسح «الغذاء» المنشور في فبراير، أن الشهر السابق شهد زيادة في حجم الوقود المستورد عبر موانئ البحر الأحمر (موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى) بنسبة 31% مقارنة بديسمبر 2023، وبنسبة 46% على أساس سنوي، فيما زادت واردات الوقود عبر موانئ «عدن» و«المكلا» الجنوبية بنسبة 23% عن شهر ديسمبر، وبنسبة 32% على أساس سنوي. مع ذلك، لا تزال حالة عدم اليقين قائمة بشكل خاص وسط التوترات المستمرة في منطقة الشرق الأوسط، وارتفاع أسعار الشحن والتأمين على طول طريق البحر الأحمر. ولا تزال المساعدات الغذائية متوقفة مؤقتاً في مناطق حكومة صنعاء منذ ديسمبر 2023 في خطوة اعتبرتها حكومة صنعاء بأنها «ضغط سياسي أمريكي» لإنهاء عمليات البحر الأحمر. في المقابل، قدَّم برنامج الغذاء مساعدات لـ3.6 ملايين شخص في مناطق حكومة عدن بحصص غذائية مخفضة، بما يعادل حوالي 40% من الحصة الكاملة للبرنامج لكل عملية توزيع. وفقد الريال اليمني 23% من قيمته بمناطق حكومة عدن مقارنة بالعام الماضي، ليصل إلى 1,627 ريال يمني للدولار الواحد مع حلول شهر فبراير، مدفوعاً بانخفاض احتياطيات العملات الأجنبية وتوقف صادرات النفط الخام وتدفقات التحويلات المالية.