لا يزال انعدام الأمن الغذائي يمثل التحدي الأكثر إلحاحاً في اليمن على خلفية الحرب والتضخم وتغير المناخ، في حين تطلب «الأمم المتحدة» توفير مبلغ قدره 2.8 مليار دولار تقول إنها تحتاجه لتشغيل عملياتها في اليمن للعام 2024، ويعبّر برنامج الأغذية العالمي الذي قطع المساعدات في مناطق «حكومة صنعاء» عن أنه يمر بـ«وضع تمويلي مروّع»، مؤكداً استياءه من أنه سيتلقى تمويلاً بنسبة 7% فقط لفترة النصف الأول من 2024 بينما يحتاج تمويلاً صافياً يبلغ 1.30 مليار دولار. حيال هذا الوضع يحتاج ملايين اليمنيين الذين يعانون من الجوع إلى معالجة أوضاعهم من خلال استجابة متعددة القطاعات وفقاً لـ«البنك الدولي»، في حين يمثل قطع المساعدات الحالي في مناطق صنعاء مدخلاً جديداً لتفاقم التدهور الغذائي. وحسب تقرير في ديسمبر لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، فإن وضع الأمن الغذائي في اليمن سيتدهور في أول شهرين من عام 2024 في معظم مناطق البلاد، بما يتماشى مع الاتجاهات الموسمية وتوقف المساعدات الغذائية الإنسانية في مناطق حكومة صنعاء، ويأتي هذا التدهور عقب تحسن شهدته اليمن خلال الربع الأخير من 2023 في حالة الأمن الغذائي، مع توافر الغذاء وتحسن الدخل من فرص العمل الزراعي. وتقول وكالات الأمم المتحدة إن توقف المساعدات ناجم عن تقلص حاد في التمويل لديها، بينما ربطته حكومة صنعاء بأبعاد سياسية وتدخلات أمريكية كورقة ضغط لوقف هجمات قواتها البحرية في البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل. برنامج الأغذية العالمي أشار في أوائل ديسمبر إلى أنه أوقف توزيع المساعدات مؤقتاً في مناطق حكومة صنعاء بسبب محدودية التمويل وخلاف مع السلطات المحلية حول سبل التركيز على الفئات الأشد فقراً، وقال إن هذا القرار اتُّخذ بالتشاور مع المانحين، في حين أوشكت المخزونات الغذائية في هذه المناطق على النفاد، وقد يستغرق استئناف المساعدات 4 أشهر بسبب تعطل سلاسل التوريد. وردَّ مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية التابع لحكومة صنعاء، بأن WFP أوقف المساعدات الإنسانية لأسباب تتعلق بالموقف الأمريكي من إطلاق الصواريخ والمسيرات وليس بسبب نقص التمويل، مشيراً إلى أن التمويل الذي حصل عليه البرنامج بلغ ملياراً و160 مليون دولار حتى سبتمبر 2023، وهو ما يزيد عن عام 2022 بـ60 مليون دولار. بدوره قدَّم الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر نظرة شاملة في تقريره نصف السنوي وقال إن اليمن تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم بسبب مزيج من الصراع الذي طال أمده والأزمة الاقتصادية والمخاطر المتكررة المرتبطة بالمناخ، وتشمل هذه المخاطر ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع منسوب مياه البحر وتغير أنماط هطول الأمطار، مما يتسبب في حدوث فيضانات وجفاف وانخفاض توافر المياه وتدهور التربة، ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم مواطن الضعف ويهدد سبل العيش ويسهم في زيادة الصراع.