في تقرير جديد، قال البنك الدولي إن اليمن الذي يئن تحت وطأة الحرب الممتدة لعشر سنوات، يواجه مخاطر متزايدة ناجمة عن تغير المناخ، مما يزيد من حدة التهديدات القائمة، مثل ندرة المياه وانعدام الأمن الغذائي. وفي تقرير المناخ والتنمية الخاص باليمن الصادر عن البنك والذي اطلع عليه بقش، قال البنك الدولي إن البلاد بحاجة ماسة لـ"الاستثمارات المراعية للمناخ" لتتمكن من مواجهة التحديات الملحة المتعلقة بالمياه والزراعة وإدارة مخاطر الكوارث، مع وضع ما تعانيه البلاد من صراعٍ وهشاشةٍ في الاعتبار. أبرز التوقعات الاقتصادية حسب البنك، يتعرّض نصف سكان اليمن لخطر واحد على الأقل يرتبط بالمناخ، مثل الارتفاع الشديد في درجات الحرارة، أو موجات الجفاف، أو الفيضانات، مع آثارٍ مضاعفة على انعدام الأمن الغذائي والفقر، متوقعاً أن تزداد حدة هذه المخاطر دون اتخاذ إجراءات فورية، وأن ينخفض إجمالي الناتج المحلي السنوي لليمن بمتوسط 3.9% بحلول عام 2040 وسط السيناريوهات المناخية غير المتفائلة، وذلك بسبب انخفاض الإنتاجية الزراعية والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية. ورغم هذه التحديات، يرى البنك الدولي أن هناك فرصاً استراتيجية لتعزيز القدرة على الصمود، وتحسين الأمن الغذائي والمائي، وفتح الآفاق أمام تحقيق النمو المستدام. فمثلاً يمكن أن تؤدي الاستثمارات الموجهة لتخزين المياه وإدارة المياه الجوفية، إلى جانب الاستثمارات في الزراعة المراعية لتغير المناخ، إلى زيادة إنتاجية المحاصيل بنسبة تصل إلى 13.5%، مع سيناريوهات مناخية متفائلة للفترة من 2041 إلى 2050. وما زال القطاع السمكي اليمني ضعيفاً، مع خسائر محتملة قد تصل إلى 23% بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، بسبب ارتفاع درجات حرارة البحر. ويرى ستيفان جيمبرت، المدير الإقليمي لـ #مصر واليمن و #جيبوتي في البنك الدولي، أن اليمن يواجه مجموعة متزامنة وغير مسبوقة من الأزمات وتغير المناخ وارتفاع معدلات الفقر، داعياً إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة بشأن القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ، كمسألة حياة بالنسبة لملايين اليمنيين. وبالاستثمار في الأمن المائي والزراعة المراعية للمناخ والطاقة المتجددة، يمكن لليمن كما يرى البنك الدولي حماية رأس المال البشري وبناء القدرة على الصمود ووضع أسس لمسار نحو التعافي المستدام. سيناريوهات التنمية مستقبلاً وفق قراءة بقش للتقرير، فإن سيناريوهات التنمية المستقبلية المحتملة في اليمن، ستتطلب جهوداً حثيثة لبناء السلام، والتزاماتٍ كبيرة من جانب المجتمع الدولي. وبينما يمكن للمساعدات الإنسانية دعم قدرة الأسر اليمنية على التعامل مع الصدمات المناخية، فإن تأمين السلام المستدام سيكون مطلوباً لإفساح المجال أمام التمويل، واتخاذ الإجراءات اللازمة لبناء القدرة على الصمود على المدى الطويل في مواجهة تغير المناخ. ويعتبر التقرير إدارة مخاطر الكوارث أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً مع تزايد تواتر الفيضانات المفاجئة، وستؤثر الصدمات الاقتصادية على المجتمعات المحلية الهشة أكثر من غيرها كما يقول البنك. وقد تؤدي التحديات الصحية المرتبطة بالمناخ إلى تحميل اليمن تكاليف صحية إضافية بأكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2050، مما يزيد من تكاليف الرعاية الصحية والضغط على الأنظمة الصحية التي تعاني بالفعل من الهشاشة. ويتمتع اليمن بإمكانات هائلة في مجال الطاقة المتجددة، ويمكن أن تكون مكوناً رئيسياً في الاستجابة لتغير المناخ، ولا يوفر تسخير موارد الطاقة المتجددة مساراً للحد من الاعتماد على الوقود الأحفوري فحسب، بل يتيح أيضاً إنشاء بنية تحتية للطاقة تكون أكثر قدرة على الصمود، كأمر ضروري لدعم الخدمات الحيوية كخدمات الرعاية الصحية وإمدادات المياه وتوزيع المواد الغذائية. هذا ويرى خواجة أفتاب أحمد، المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية لمنطقة الشرق الأوسط، أن للقطاع الخاص دور حيوي في مواجهة تحديات التنمية الملحة في اليمن، معتبراً أن تسخير إمكاناته من خلال آليات التمويل المبتكرة وأدوات الضمان وخلق مناخ استثماري مناسب، من شأنه أن يسهم في تعبئة التمويل الذي يركز على المناخ. كما يورد البنك الدولي أهمية اتخاذ قرارات تتسم بالمرونة والوعي بالمخاطر من أجل تكييف الإجراءات المناخية مع المشهد السياسي غير المستقر في اليمن.