مع تصاعد الأحداث، حذرت منظمات إغاثية في اليمن من ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير التسليم بسبب توترات البحر الأحمر، أبرزها «برنامج الأغذية العالمي» الذي قال إنه يشعر بالآثار غير المباشرة للتصعيد الذي شهد أيضاً ضربات أمريكية وبريطانية على اليمن وتحشيداً للقوات الأوروبية في المنطقة، مضيفاً أن المنظمة الأممية تواجه ارتفاع تكلفة الشحن بسبب زيادات أسعار الشحن والتأمين والوقود الإضافية، فيما قال صندوق النقد الدولي إن حركة المرور البحرية انخفضت بالفعل بنسبة 30% على الأقل هذا العام. أمام المخاوف «الاقتصادية» لم يكن ملف «مفاوضات السلام» بمعزل عن الأزمة، إذ كان ولا يزال حاضراً بقوة في المشهد المتوتر، فبعد أن أدخلت واشنطن قرار العقوبات حيز التنفيذ، ذهب البعض إلى أن هذه المفاوضات لا يمكن إتمامها أو شرعنتها طالما أن بها طرفاً أصبح مصنفاً دولياً بـ«الإرهاب»، وهو ما أكدت «حكومة صنعاء» أنها غير آبهة به وأن موقفها إزاء الحرب الإسرائيلية على غزة لن يتغير. المبعوث الأممي إلى اليمن «هانس غروندبرغ» قال قبل التصنيف الأمريكي بيومين، إن مشهد الوساطة أصبح أكثر تعقيداً الآن، وإن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق في اليمن تعصف بها أولويات ومصالح مختلفة، موضحاً: «تصاعد التوترات الإقليمية المرتبطة بالحرب على غزة، وبشكل خاص التصعيد العسكري في البحر الأحمر، يؤدي إلى تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن، ورغم محاولاتي لعزل عملية السلام عن الديناميات الإقليمية الأوسع، إلا أن الواقع يبرهن بأن جهود الوساطة في اليمن لا يمكن النأي بها عما يحدث». اعتبر غروندبرغ أن التصنيف الأمريكي لـ«أنصار الله كجماعة إرهابية» يأتي كـ«تطور مثير للقلق»، لكنه سيواصل في عمله «مهما حدث» و«رغم التعقيدات المحتملة»، مبيّناً أن نهج الوساطة الأممية يتسم «بمرونة كافية للتكيف مع مختلف السيناريوهات والتحديات». ويتم العمل من أجل التوصل لاتفاق يسمح للأطراف بالالتقاء والتفاوض بشأن الأولويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، وفقاً للمبعوث الذي قام بزيارات متعددة إلى «إيران» و«سلطنة عمان» و«السعودية» و«الإمارات» لمباحثة إيجاد بيئة مواتية لحل النزاع في اليمن. والتزمت الأطراف في اليمن في أواخر ديسمبر 2023، بوقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وباتخاذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية، واستئناف عملية سياسية يمنية يمنية، كما جرى الالتزام بالعمل مع مكتب المبعوث لتفعيل هذه الالتزامات من خلال اتفاق خارطة طريق أممي. بعد التصنيف قال المبعوث إن هذه المسألة مثيرة للقلق وتبعث مخاوف دائمة من أن يكون للتصنيف تأثير سلبي على الاقتصاد اليمني ككل، وإن الأولوية هي تقييم تأثير التصنيف في قدرة الأمم المتحدة على تقديم المساعدات الإنسانية لليمنيين، مجدداً التأكيد على أن بيئة الوساطة أصبحت أكثر تعقيداً نظراً للتطورات الأخيرة في المنطقة، «لكنها ليست عقبة من المستحيل التغلب عليها» حسب قوله. على ضفة مقابلة كان لـ«السعودية» نفسها قول آخر في قضية المفاوضات، فقد أكد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن «اتفاق السلام أصبح قريباً»، وأن «الرياض ستدعمه»، معبراً عن قلق بلاده من نشوب حرب إقليمية مع طول أمد حرب غزة وتزايُد خطر التصعيد. وتسعى السعودية إلى تقديم الاتفاق على أنه بين الأطراف اليمنية، رغم خوضها المفاوضات مع حكومة صنعاء بدءاً من «صنعاء» دون دور يُذكر لحكومة عدن. لجنة اقتصادية مشتركة و«مقترحات للسِّلم» على لسان مبعوثها قالت الأمم المتحدة في فبراير الماضي إنها تحضر لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة لدعم تنفيذ التدابير الاقتصادية المتفق عليها والتفاوض على أولويات أخرى قصيرة وطويلة الأمد. وفيما يؤكد غروندبرغ أولوية دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في كامل البلاد، وبالأخص في مناطق حكومة صنعاء، فإنه ما زال ينظر أن حجم التحديات الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد «هائل». وترى الأمم المتحدة أن وقف إطلاق النار وفتح الطرق سيعزز سلامة المدنيين ويخفض من أسعار السلع الأساسية، كما سيُسهم استئناف إنتاج وتصدير النفط والغاز في توليد تدفقات مالية كبيرة، مما سيسمح بدفع رواتب الموظفين. وفي رؤية المنظمة يمكن «خلال وقت السِّلْم» أن تدعم الجهات المانحة الدولية إعادة بناء المساكن والبنية التحتية، وتطوير قطاعات مختلفة مثل قطاع الطاقة المتجددة، كما يمكن للاستثمار الأجنبي المباشر أن يساعد اليمن على الانتقال من الاعتماد على المساعدات إلى إعادة الإعمار القائمة على الاستثمار.