تشهد محافظتا حضرموت وشبوة النفطيتان تصعيداً قبلياً ضد المجلس الرئاسي و #حكومة_عدن، يهدد بمنع استئناف تصدير النفط ما لم يتم منح المحافظتين حصة من عائدات النفط. هذه التحركات القبلية جاءت متزامنة مع زيارة رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي إلى محافظة حضرموت، حيث لم تلق زيارته ترحيباً من قبل الأوساط المجتمعية في المحافظة التي تشهد تردياً في الأوضاع المعيشية والخدمات. وانتشرت قبائل في هضبة حضرموت والخشعة في إطار تهديدها بالتقدم نحو المؤسسات الحكومية بسبب الخلاف حول النفط، وذكرت وسائل إعلام أن مسلحين بأسلحة خفيفة ومتوسطة أنشأوا نقاطاً في بعض شوارع حضرموت مطالبين بحصة المحافظة من عائدات النفط. وقاد هذه التحركات حلف قبائل حضرموت وعلى رأسهم الشيخ عمرو بن حبريش، حيث هدد الحلف في نهاية يوليو الماضي بوضع القبائل يدها على الأرض والثروة إذا لم تتم الاستجابة للمطالب الشعبية، وإذا لم يتم تحديد نسبة للمحافظة من النفط وفق متابعات بقش. ووسط ما يُروَّج له عن مساعٍ حكومية للتسوية وتقاسم إيرادات النفط والغاز مع #حكومة_صنعاء في إطار توافقي، أصدر حلف قبائل حضرموت تحذيراً للمجلس الرئاسي من الإقدام على أي تصرف بنفط المحافظة أو تصديره أو تسويقه إلا بعد تثبيت مكانة حضرموت وضمان حقوقها بما يرضي أبناءها، معتبراً المخزون النفطي الحالي في خزانات ميناء #الضبة و#المسيلة حقاً من حقوق المحافظة ولن يتم التنازل عنه، على أن يسخر كامل قيمته لشراء طاقة كهربائية لحضرموت. ويتمثل الاحتجاج الشعبي في حضرموت في رفض الواقع الخدمي والمعيشي والإداري المتدهور، مع وصول ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى 15 ساعة يومياً، وصرف الموارد بما لا يعود بالنفع على السكان، ويطالبون بإيجاد معالجات للأوضاع والكشف بشفافية عن إيرادات حضرموت وأوجه إنفاقها، وتشكيل لجنة مشتركة مع السلطة المحلية يكون فيها المجتمع شريكاً لإدارة الموارد، وإيقاف التدهور المعيشي وانهيار قيمة العملة وإنقاذ المواطنين من المجاعة والفقر. وفي نفس التوجه، قال حلف أبناء وقبائل شبوة إنه يرفض أي اتفاقات حول ثروات المحافظة النفطية دون تحديد الحصة العادلة بشراكة وتمثيل عادل وندي، وبقيادة الشيخ علي بن دوشل النسي شدد حلف شبوة على أن أي مفاوضات أو حلول تتجاوز حقوق شبوة وأبنائها في التمثيل العادل وفي حصص المحافظة من ثرواتها وفي الشراكة لن تحقق الحلول المستدامة والسلام العادل. ولا يريد حلف شبوة -كما قال- أن تكون المحافظة وثرواتها لقمة سائغة لأي مفاوضات جارية أو تسويات لا تكون فيها للمحافظة حصتها العادلة بها والتي تتناسب مع ما تدعم به الخزينة العامة للدولة من ثرواتها. وكان عبدربه منصور هادي، الرئيس السابق المعترف به دولياً، قد أقرَّ حصة محافظة حضرموت من ثرواتها بنحو 25% من عائدات بيع النفط، ويرى محللون أن هذه النسبة لن تكون ممكنة وسط الحديث عن تقاسم عائدات النفط والغاز مع حكومة صنعاء في حال استئناف التصدير. وقد يتمكن الحراك القبلي في المحافظتين من منع تصدير النفط دون أن تقوى حكومة عدن على منعه أو كبح جماعة لعدم امتلاكها أدوات ضغط لمنعه، كما يقول محللون، حيث إن الحراك ينطلق من منطلق شعبي غير مرتبط بأجندة معينة داخلية أو خارجية. الزيارة الغامضة للعليمي في أواخر يوليو زار رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي محافظة حضرموت كأول وجهة له بعد الإعلان عن اتفاق التهدئة الاقتصادية مع حكومة صنعاء وإلغاء الإجراءات ضد القطاع المصرفي والنقل الجوي، وهي زيارة اعتبرها متابعون معبرةً بشكل ضمني عن اهتمام #السعودية الاستثنائي بحضرموت ذات الموقع الاستراتيجي الذي يضمن للمملكة ممراً مباشراً ومفتوحاً نحو بحر العرب والمحيط الهندي. ومن المحافظة الأكبر في اليمن تحدَّث العليمي عن مخطط للتسوية السلمية بدعم من السعودية، وقال إن حل الأزمة يكمن في خارطة طريق تتضمن ثلاث مراحل، الأولى تبدأ بوقف إطلاق النار وتنفيذ إجراءات اقتصادية وإنسانية لبناء الثقة، والثانية تتضمن الذهاب إلى حوار مع حكومة صنعاء لصياغة أسس فترة انتقالية ستكون هي المرحلة الثالثة ضمن خارطة الطريق. وأوحت الزيارة بإشارات سلبية للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من #الإمارات والشريك الأكبر لسلطة الشرعية المعترف بها، والمطالِب باستعادة "دولة الجنوب" بالانفصال مع الشمال، إذ روَّج العليمي للتسوية في مدينة #المكلا التي يعدها الانتقالي مركزاً لنفوذه في #الساحل، وقال العليمي إن حضرموت ستكون لها الاستقلالية الإدارية والمالية والتنفيذية، لكن في نطاق الدولة اليمنية الموحدة، أي ليس في نطاق دولة جنوبية مستقلة كما يرغب المجلس الانتقالي،حيث اعتبر العليمي أن حضرموت تمثل روح الدولة والنموذج الأمثل لحفاظها على المؤسسات. وقد سبق للسعودية أن قامت بإجراءات لتمكين حكومة عدن في حضرموت من أجل ما وُصف إعلامياً بالحد من قوة المجلس الانتقالي فيها، مثل تقديم الدعم لقوات "الشرعية" في منطقة الوادي والصحراء، وإنشاء قوة جديدة تحت قيادة العليمي بمسمى قوات درع الوطن لمحاولة السيطرة على عدد من مناطق ساحل حضرموت الواقع تحت سيطرة الانتقالي، وسبق لتلك القوات الحكومية في يناير الماضي محاولة دخول هذه المناطق لكن قوات الانتقالي تصدت لها وأجبرتها على التراجع. ولفت عدد من المتابعين إلى غياب عضو المجلس الرئاسي فرج سالمين البحسني (محافظ حضرموت السابق) عن استقبال العليمي، معتبرين ذلك يطرح تساؤلات حول أهداف الزيارة التي بدت غير مرضية بالنسبة للمحافظ السابق. وبينما وعد العليمي أهالي حضرموت بمفاجآت سارة قال إنه لا يريد استباق الأحداث والإعلان عنها، اعتبر مؤيدون للانتقالي أن الهدف من هذه التصريحات هو تكثيف حضور الشرعية المدعومة من السعودية في حضرموت. ويشار إلى أن الزيارة واجهت استياء من قبل العديد من أبناء حضرموت بسبب تدهور أوضاعهم المعيشية والخدمية دون العمل الرسمي على حلها، ونظر البعض إلى الزيارة كسابقاتها من الزيارات ولن تحقق تقدماً ملموساً في الخدمات. وتقول وسائل إعلام محلية تابعة للانتقالي، إنه عند مرور موكب العليمي في المكلا، تعالت أصوات عدد من المواطنين بعبارات مثل: "برَّع.. برَّع"، و"لا نريد رئيساً نريد خدمات". وعبَّر مؤتمر حضرموت الجامع عن رفضه للزيارة وعدم ترحيبه بها حتى تنفيذ المطالب وإعطاء حضرموت المكانة المستحقة وفقاً للمؤتمر. فقد أعطى المؤتمر الجامع مهلة مدتها أسبوعان للسلطة المحلية بحضرموت وللمجلس الرئاسي حسب اطلاع بقش، من أجل تصحيح الأوضاع الخدمية والإدارية المتردية، لكن المهلة انقضت في أواخر يوليو بتجاهل تام، وبالتزامن مع زيارة العليمي، وشدد المؤتمر على أنه سيقوم بإجراءات للتصعيد في عموم حضرموت على كافة الأصعدة. هذا ونُشرت أنباء غير مؤكدة عن أن القبائل منعت العليمي ومحافظ المحافظة مبخوت بن ماضي، من زيارة شركة بترومسيلة والوصول إلى حقول النفط، لمنع ترتيبات لتصدير محتمل لثلاثة ملايين برميل من النفط الخام مخزنة في خزانات الشركة وميناء الضبة. عن حقيقة "إعادة التصدير" طُرح في الآونة الأخيرة موضوع إعادة تصدير النفط الخام اليمني من موانئ التصدير جنوباً، والمتوقف منذ أكتوبر 2022، وما يترتب على ذلك من صرف رواتب الموظفين المنقطعة منذ العام 2016، في إطار اتفاق التهدئة الاقتصادية المعلن عنه من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن في 23 يوليو. وفي الأيام الأخيرة للشهر الماضي تداولت وسائل إعلام محلية أنباء عن اتفاق بين حكومتي صنعاء وعدن على استئناف تصدير النفط ضمن مسار خفض التصعيد الاقتصادي، وذكرت مصادر بحكومة عدن أن الحكومة تستعد لاستئناف التصدير. لكن حكومة صنعاء نفت ذلك عبر اللجنة الاقتصادية العليا، وقالت إن ما رُوِّج له بهذا الشأن مجرد شائعات، وإن مسألة عودة تصدير النفط مرتبطة بشكل قاطع بصرف رواتب الموظفين ومعاشات المتقاعدين. وحذرت #صنعاء الشركات المحلية والأجنبية من أي تواطؤ مع حكومة عدن في ما وصفته بانتهاك قرار منع تصدير النفط، قائلةً إن ذلك سيواجه برد عسكري فوري، وإن الشركات ستتحمل مسؤولية تداعيات ذلك. وتتمسك حكومة صنعاء برفض السماح باستئناف تصدير النفط، مشترطةً بناء آلية لدفع الرواتب من عائدات النفط في عموم مناطق اليمن بلا استثناء، في حين تقول حكومة عدن إن توقف التصدير حرمها من قرابة 70% من عائداتها وهو ما أثر على موازنتها وماليتها العامة.