
الاقتصاد العالمي | بقش
تتساءل صحيفة “ذا نيويورك سن” الأمريكية: “هل هناك أي طريقة لإيقاف الحوثيين عن تدمير الشحن العالمي؟”، إذ أصبح الشريان الحيوي للتجارة العالمية ساحة معركة، في رد فعل على إسرائيل وحربها على قطاع غزة، ما جعل الحوثيين يكثفون هجماتهم البحرية، التي أدت مؤخراً إلى إغراق سفينتين، وهو ما أدى إلى ارتفاع حاد في أقساط التأمين وتكاليف الشحن عبر طرق الشحن العالمية.
يحذر الخبراء من أن هذه الهجمات تشير إلى تطور استراتيجي في كل من القدرات والنوايا، مما يثير جرس إنذار في واشنطن وإسرائيل والعواصم الرئيسية في الناتو. ووفق اطلاع بقش على تقرير الصحيفة، يقول “بنهام بن طالب لو”، المدير الأول لبرنامج إيران في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إن الحوثيين أثبتوا بوضوح للعديد من الخصوم أنهم ليسوا خائفين من تدابير الردع التقليدية.
و”طالما أن شركات الشحن لا تزال مترددة أو تواصل نقل التكاليف إلى المستهلكين، فإن استراتيجية الحوثيين ستكون قد نجحت”، تقول الصحيفة، مضيفةً: “صدمت هذه الهجمات صناعة الشحن العالمية، وزادت أقساط التأمين، حيث أصبحت تغطية مخاطر الحرب تجعل طرق البحر الأحمر مكلفة للغاية للعديد من الناقلات، وألحقت ضربة شديدة بالجهود التي تقودها أمريكا وبريطانيا لتأمين مضيق باب المندب الحيوي”.
فشل الحملة الأمريكية على اليمن
لم تنجح الحملة الجوية الأمريكية على اليمن في كبح قدرات قوات صنعاء، وبدلاً من ذلك “أصبحوا أكثر جرأة” كما تقول الصحيفة.
وفي غضون ذلك، يقول إدموند فيتون-براون، السفير البريطاني لدى اليمن بين عامي 2015 و2017، إن شركات الشحن والتأمين تميل إلى تجنب المخاطر، لذا لا يتطلب الأمر الكثير لإبعادهم عن استخدام قناة السويس والبحر الأحمر ومضيق باب المندب. ويضيف: “القوات الأمريكية والحليفة ليست مجهزة بشكل جيد للعب نوع من لعبة ضرب الفئران التي يقدمها الحوثيون”.
مستوى الهجمات معقد ومقلق
في الوقت الراهن، يقوم بعض قادة السفن بإرسال رسائل على سفنهم، مثل: “طاقم السفينة مسلم بالكامل”، في محاولة يائسة للإشارة إلى الحياد وتجنُّب أن يصبحوا أهدافاً. ومع ذلك، ما يثير القلق الأكبر لدى مسؤولي الاستخبارات والبحرية هو مستوى التعقيد الذي أصبح واضحاً في الهجمات.
روز كيلاني، مديرة برنامج الشرق الأوسط في “دفاع الأولويات”، تقول للصحيفة الأمريكية إن الضربات الأمريكية لم تفعل شيئاً للقضاء على قدرات الحوثيين وعزمهم، وفي الواقع، زادت مكانة الجماعة السياسية في المنطقة عندما أصبحت هدفاً للضربات الجوية الأمريكية، وفق قراءة بقش لتصريحها.
تضيف كيلاني: “هذه ليست معدات بقيمة مليون دولار، بل طائرات مسيّرة قد تكلف 2000 دولار فقط. يمكنهم بسهولة إعادة البناء وإعادة التزويد، بالإضافة إلى إخفاء أسلحتهم الصغيرة في المخابئ التي يصعب على القوات الأمريكية تحديدها وتدميرها من الجو”.
وتحدثت الصحيفة عن علاقة بين حكومة صنعاء وطهران، قائلةً إن الحوثيين أهم حليف لها ضمن ما يُعرف بمحور المقاومة. واعتبر السفير البريطاني السابق لدى اليمن أن ردع الحوثيين ليس بالأمر السهل، لأنهم “مرنون وسيتوقفون ويبدؤون الأعمال العدائية دون أن يتأثروا كثيراً بالضربات الجوية”.
وبينما تفشل الضربات الأمريكية في ردعهم، يعزز كلُّ يوم من عدم التحرك حقيقةً صارخة هي أن الحوثيين تطوروا إلى مهندسين لتمرد بحري حديث، بلا نهاية واضحة في الأفق، في حين تحتاج الولايات المتحدة إلى الضغط على إسرائيل لإنهاء حربها على غزة، لأن هذه الحرب هي جذر المشكلة.