الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

أزمة مالية خانقة تهدد بشلل السجون في مناطق حكومة عدن

دقت مصلحة التأهيل والإصلاح التابعة لوزارة الداخلية في حكومة عدن ناقوس الخطر، محذرة من مخاطر وشيكة قد تؤدي إلى توقف شبه كامل لعمل السجون المركزية في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة، وذلك نتيجة أزمة مالية خانقة تمثلت في توقف صرف موازنات التغذية والنفقات التشغيلية الحيوية لشهري مارس وأبريل من العام الجاري 2025.

وكشف مصدر مسؤول في المصلحة، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية عن أن قيادة المصلحة بذلت جهوداً متواصلة ومتابعات حثيثة مع وزارة المالية وبنك عدن المركزي لتأمين صرف الموازنات المستحقة، إلا أن جميع هذه المحاولات باءت بالفشل حتى لحظة صدور التحذير، حيث لم تصل أي مخصصات مالية للسجون خلال الشهرين الماضيين.

هذا الوضع الحرج دفع قيادة المصلحة إلى إصدار تعميم رسمي عاجل، حمل الرقم (106/1/137) بتاريخ 27 أبريل 2025 وفق متابعات بقش، يتضمن حزمة من الإجراءات التقشفية الصارمة في محاولة يائسة للحد من تفاقم الأزمة داخل أسوار السجون المكتظة.

وشدد المصدر على أن استمرار الوضع الراهن دون تدخل عاجل ينذر بتوقف وشيك لعمليات السجون، لا سيما مع اقتراب نفاد المخزون الغذائي المخصص للنزلاء بشكل كامل، وانعدام القدرة على توفير الاحتياجات الأساسية الأخرى من رعاية صحية ومواد نظافة وصيانة للمرافق. وحملت المصلحة في تحذيرها “الجهات المعنية” المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات محتملة قد تنجم عن هذا الإهمال المالي، سواء على الصعيد الإنساني داخل السجون أو على الأمن والاستقرار العام في المحافظات المعنية.

إيقاف توافد ونقل السجناء وحظر الزيارات

وفقاً للتعميم الرسمي الذي اطلع عليه بقش الصادر عن مصلحة التأهيل والإصلاح، فقد تقرر اتخاذ مجموعة من الإجراءات الفورية والمشددة التي تعكس حجم الأزمة، على رأسها التوقف الفوري عن استقبال أي سجناء جدد في السجون المركزية حتى إشعار آخر، مما يعني تكدس الموقوفين في مراكز الاحتجاز الأولية أو إطلاق سراح بعضهم.

إلى جانب ذلك، تقرر وقف عمليات نقل السجناء من وإلى مقرات النيابات والمحاكم إلا في حالات الضرورة القصوى وبترتيب مسبق يعتمد على الإمكانيات الشحيحة المتاحة للنقل والوقود، وتعليق شامل لكافة الأنشطة والبرامج والزيارات داخل السجون، ويشمل ذلك زيارات الأهالي والزيارات التفقدية للمنظمات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بمراقبة أوضاع السجناء، مما يزيد من عزلة النزلاء ويمنع الرقابة الخارجية على أوضاعهم، وكذا اقتصار الزيارات الإنسانية الحرجة (مثل الحالات المرضية الشديدة أو الوفاة) على فترة محدودة جداً مدتها أسبوع واحد فقط، تنتهي بتاريخ 03 مايو 2025.

واختتمت مصلحة التأهيل والإصلاح تعميمها بتحذير أخير من أن استمرار التجاهل لمطالب صرف الموازنات سيؤدي حتماً إلى “كارثة إنسانية” داخل السجون يصعب احتواؤها، مجددة دعوتها العاجلة للحكومة والجهات المالية المختصة إلى التحرك الفوري لإنقاذ الموقف قبل فوات الأوان وخروجه بشكل كامل عن السيطرة.

في هذا السياق يفيد الخبير الاقتصادي “أحمد الحمادي” بأنه لا يمكن فصل أزمة موازنات السجون عن السياق الأوسع للأزمة المالية والإدارية الحادة التي تواجهها حكومة عدن والمؤسسات التابعة لها.

فتوقف صرف مخصصات حيوية كهذه لمدة شهرين متتاليين -حسب الحمادي- يشير إلى وجود خلل هيكلي في إدارة الموارد المالية للدولة، وصعوبات بالغة في تحصيل الإيرادات، وربما صراعات داخلية على الموارد المتاحة أو سوء في تحديد الأولويات. ويعكس عجز الحكومة عن توفير أبسط متطلبات تشغيل السجون حالةً من الشلل المالي قد تطال قطاعات خدمية أساسية أخرى.

كما أن التوقف عن توفير الغذاء والاحتياجات الأساسية للنزلاء يمثل انتهاكاً صارخاً لأبسط حقوق الإنسان ويضع آلاف السجناء في مواجهة خطر حقيقي يهدد حياتهم وصحتهم. فالسجون المكتظة أصلاً في اليمن يمكن أن تتحول بسرعة إلى بؤر للأمراض وسوء التغذية والعنف في حال انعدام الموارد. كما أن تعليق زيارات الأهالي والمنظمات الحقوقية يزيد من معاناة النزلاء ويمنع توثيق أي انتهاكات قد تحدث في ظل غياب الرقابة، مما يخلق بيئة خصبة لتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل مأساوي.

التحذير من تداعيات محتملة على الأمن والاستقرار ليس مجرد خطاب إعلامي، فالظروف المعيشية المتدهورة داخل السجون يمكن أن تؤدي بسهولة إلى اضطرابات وأعمال شغب واسعة النطاق، أو حتى محاولات هروب جماعية. كما أن عدم قدرة السلطات على استقبال سجناء جدد قد يؤدي إلى تكدس الموقوفين في أماكن احتجاز غير مناسبة أو حتى إطلاق سراح متهمين في قضايا جنائية، مما يشكل تهديداً مباشراً للأمن العام في المدن والمحافظات التي تسيطر عليها الحكومة. ضعف سيطرة الدولة على مؤسساتها العقابية يمثل مؤشراً خطيراً على تآكل قدرتها على فرض النظام والقانون.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش