تقارير
أخر الأخبار

أسطول الصمود يتجه إلى غزة وعمال موانئ أوروبية يهددون بإغلاق البحر الأبيض المتوسط

تقارير | بقش

وصل أسطول الصمود العالمي المحمل بالمساعدات لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، إلى تونس، واستقبله مئات التونسيين في ميناء سيدي بوسعيد الواقع في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، إذ يضم سفناً وناشطين مشاركين من مختلف الجنسيات، وتونس هي المحطة الوحيدة والأخيرة قبل إبحار الأسطول إلى وجهته نحو قطاع غزة لكسر الحصار.

الأسطول أعلن مساء أمس الأحد أن مهمته الرئيسية تتمثل في كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وفتح ممر إنساني لإيصال المساعدات للشعب الفلسطيني، وذلك خلال مؤتمر صحفي عُقد في ميناء سيدي بوسعيد بالعاصمة تونس.

ويشارك في هذا الأسطول نحو 20 سفينة كانت قد انطلقت نهاية أغسطس من ميناء برشلونة، تبعتها قافلة أخرى من ميناء جنوة الإيطالي وفق متابعات مرصد بقش، على أن تنضم إليها قافلة ثالثة من تونس يوم الأربعاء المقبل عقب تأجيل لوجستي.

ومن المتوقع أن يبحر الأسطول بعد غد الأربعاء من سواحل تونس في أكبر تحرك بحري نحو القطاع.

هذا التحرك يأتي في الوقت الذي خلفت فيه الحرب أكثر من 64 ألف شهيد وأكثر من 162 ألف مصاب، معظمهم من النساء والأطفال، بينما لا يزال آلاف آخرون في عداد المفقودين، إلى جانب نزوح مئات الآلاف وسط الظروف الإنسانية الكارثية.

التضامن الأكبر تاريخياً

المتحدث باسم البعثة الإسبانية، دييغو إلفيرا، أكد أن الرحلة واجهت عواصف وتحديات خلال 7 أيام من الإبحار، لكنها لا تُقارن بمعاناة الفلسطينيين اليومية، مشيراً إلى أن الهدف هو “إسناد الشعب الفلسطيني والتنديد بعقود من الإبادة الجماعية على يد الاحتلال”. وأضاف إلفيرا: “لسنا بحاجة إلى أبطال بل إلى تنظيم وشجاعة وتضامن”.

ويرى المنظمون في الأسطول أن هذا أضخم تحرك بحري تضامني مع غزة في التاريخ، سواء من حيث عدد المشاركين أو حجم التعبئة الدولية. وفي التفاصيل التي اطلع عليها بقش، يضم الأسطول اتحاد أسطول الحرية وحركة غزة العالمية وقافلة الصمود ومنظمة صمود نوسانتارا الماليزية، مما يعكس اتساع قاعدة الدعم العالمي لهذه المبادرة.

الناشط التركي أرسين تشليك، وهو مشارك ضمن البعثة المنطلقة من صقلية الإيطالية، تحدث لوسائل إعلام عن أن فترة التدريب في صقلية أظهرت تصاعد الوعي الشعبي الأوروبي تجاه فلسطين، وقال إن “أوروبا بدأت تستفيق من غفلة طويلة، وهناك إدراك متزايد بأن ما تفعله إسرائيل في غزة إهانة لكرامة الإنسانية”.

تهديد أوروبي حقيقي لإسرائيل

هناك مخاوف لدى الناشطين من احتمالية حدوث محاولات إسرائيلية لإعاقة وصول الأسطول، كما حدث مع السفن السابقة، سواء عبر اعتراض المراكب أو إطلاق النار عليها، إلا أن ناشطين يرون أنه يصعب على الجيش الإسرائيلي اعتقال هذا العدد الكبير من الناشطين.

لكن عمال ميناء جنوة الإيطالي سبق وحددوا مهلة 20 دقيقة فقط لإغلاق البحر بالكامل في وجه إسرائيل وقطع اتصالها الكامل بأوروبا، وذلك في حال فُقد الاتصال بالأسطول وقواربه لهذه المدة.

يُقرأ هذا التهديد بأنه ليس تهديداً شكلياً، بل وعيد من نقابات لا تُفرض عليها سياسات الدول، بل تتخذ قراراتها بنفسها. ويأتي ذلك في إطار الغضب الأوروبي واسع النطاق تجاه استمرار تجارة الأسلحة والتجارة العامة مع إسرائيل.

ففي مرسيليا مثلاً رفض العمال تحميل الأسلحة لإسرائيل، وفي اليونان تم تبديل مجرى الحاويات المليئة بالذخائر، إضافة إلى منع السياح الإسرائيليين من النزول إلى المناطق السياحية على السواحل اليونانية، وفي السويد أعلن اتحاد الموانئ السويدية حظراً كاملاً للتجارة العسكرية مع إسرائيل.

والتهديدات الراهنة من قِبل النقابات الأوروبية بتنفيذ إضراب دولي شامل، بما في ذلك إضراب محتمل لعمال ميناء جنوة الإيطالي، يوقع الفأس على رأس إسرائيل بصورة وخيمة، إذ ستنقطع مسارات إسرائيل وتُغلق الموانئ في وجه سفنها، وهذا ما لا يُحمد عقباه وسط استمرار حظر عبور السفن الإسرائيلية من “البحر الأحمر” من قِبل قوات صنعاء، والذي أدى إلى كثير من النتائج الكارثية لإسرائيل بما في ذلك إغلاق ميناء إيلات وإفلاسه.

وسيكون قطع البحر عن إسرائيل كارثة إضافية نظراً لكون 99% من واردات إسرائيل تمر عبر البحر، واعتمادها على أوروبا كشريان حياة اقتصادي وتجاري، من السلع الغذائية والمواد الخام وإمدادات الطاقة والإمدادات العسكرية وغيرها. وفي حال انقطاع مثل هذه الواردات الحيوية، فإن إسرائيل مهددة بارتفاع الأسعار بنسبة لا تقل عن 25% خلال وقت قصير وفقاً لمعطيات اقتصادية اطلع عليها بقش تُؤكد فداحة تداعيات الحرب المستمرة في الداخل الإسرائيلي وسكانه.

ويعتمد الكيان على أوروبا للحصول على 40% من التكنولوجيا والمعدات الصناعية، و35% من الطاقة والموارد الخام، و30% من الغذاء المصنّع. كما تعتمد الصناعة الدفاعية الإسرائيلية على مكونات إلكترونية دقيقة تأتي من دول مثل هولندا وألمانيا وفرنسا.

ومن ميناء جنوة فقط، الذي يهدد إسرائيل، تنطلق ما بين 13 ألفاً و14 ألف حاوية سنوياً إلى الكيان، لذا فإن العمال يتعهدون بأنه “لن يخرج مسمار واحد بعد الآن” في حال تصرفت إسرائيل برعونة.

كل ذلك مؤدّاه أن إسرائيل تقترب من زلزال اقتصادي كارثي في حال عرقلت سير أسطول الصمود العالمي الهادف إلى كسر الحصار على غزة. ويُنتظر أن يواصل الأسطول رحلته من تونس عبر البحر المتوسط باتجاه غزة، محاولاً اختراق الحصار الإسرائيلي الذي تسبب في المجاعة المتفشية، إذ أعلن مؤشر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي “آي بي سي” (IPC) في 22 أغسطس عن تفشي المجاعة في محافظة غزة شمالي القطاع، محذراً من توسعها إلى مناطق أخرى بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي.

ومن جانب اعتصم نشطاء في تونس أمام السفارة الأمريكية دعماً لأسطول الصمود العالمي، واحتجاجاً على سياسات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة. ونصب المعتصمون خياماً قبالة مقر السفارة بمنطقة “البحيرة” القريبة من وسط العاصمة، بعد ساعات من وصول أولى سفن الأسطول العالمي من سواحل إسبانيا إلى ميناء سيدي بوسعيد.

لكن حتى في حال تنفيذ الإضرابات الأوروبية الدولية الواسعة “من غير العرب وغير المسلمين”، فإنه يُخشى فقط من تخاذل بعض “الموانئ العربية الإسلامية” وبعض الخطوط البرية في حال تنفيذ الإضرابات الأوروبية، حيث يُتوقع أن تعرض بعض الدول العربية خدماتها على إسرائيل والاقتصاد الإسرائيلي، وهو موقف سيكون مناقضاً تماماً للموقف العالمي المناصر لغزة، في الوقت الذي لا يزال فيه الممر البري التجاري من الإمارات إلى إسرائيل عبر السعودية والأردن قائماً.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش