في أول تحرُّك أوروبي على الإطلاق، أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء أنه سيفرض رسوماً جمركية مضادة على منتجات أمريكية بقيمة 28 مليار دولار اعتباراً من شهر أبريل 2025، في تصعيدٍ لحرب تجارية عالمية رداً على الرسوم الجمركية الأمريكية الشاملة على الصلب والألومنيوم.
ورغم الرد الأوروبي الذي من المفترض أن يدخل حيّز التنفيذ في 13 أبريل المقبل، إلا أن المفوضية الأوروبية “وهي الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي” قالت حسب اطلاع بقش إنها لا تزال منفتحة على المفاوضات وتعتبر أن فرض رسوم جمركية أعلى ليس في مصلحة أحد.
وتستهدف الرسوم الجمركية منتجات أمريكية تشمل الحبوب والقوارب والدراجات النارية، وسيبدأ الاتحاد الأوروبي مشاورات لمدة أسبوعين لاختيار فئات أخرى من المنتجات.
رد فعل أوروبي سلبي
رابطة صناعة الماشية الأوروبية (FEFAC) قالت من جهتها إن الرسوم الجمركية الأوروبية على الحبوب الأمريكية، كجزء من رد الاتحاد على الرسوم الأمريكية على الصلب والألمنيوم، ستضر بقطاع الثروة الحيوانية الأوروبي الذي يعتمد على الواردات من أجل تغذية الحيوانات.
ويُعتبر الفائض التجاري الكبير للاتحاد الأوروبي مع أمريكا كبيراً في مجال الزراعة، وهي أبرز شكاوى الرئيس الأمريكي ترامب، رغم أن الولايات المتحدة هي أكبر مورد لفول الصويا للاتحاد الأوروبي ومورّد رئيسي للذرة.
وبدوره قال اتحاد المزارعين في الاتحاد الأوروبي إن مثل هذه الرسوم الأوروبية “ستؤثر سلباً على مرونة وتنافسية أنظمة إنتاج الثروة الحيوانية في الاتحاد الأوروبي”. وقال اتحاد المزارعين إنه نظراً لاعتماد أوروبا على السلع العلفية الأجنبية، فإن وارداتها من الولايات المتحدة “يمكن أن تتضاعف بسهولة من 4 مليارات يورو حالياً إلى 8 مليارات يورو، وبالتالي تقليص العجز التجاري الزراعي الحالي للولايات المتحدة مع الاتحاد الأوروبي”.
وتبلغ الرسوم الجمركية الأوروبية المعلقة حالياً على الذرة الأمريكية 25%، وهو ما قد يؤدي إلى خروج الذرة الأمريكية من أسواق الدول الأوروبية الرئيسية المستوردة مثل إسبانيا.
لكن في المقابل، هدد وزير الشؤون الأوروبية الفرنسي بأن الاتحاد الأوروبي قد يذهب إلى أبعد من ذلك في رده على الرسوم الجمركية الأمريكية. وأكد: “لدينا الوسائل للذهاب أبعد من ذلك، إذا أردنا ذلك”.
وفي غضون ذلك بقيت سويسرا على الحياد، إذ اكتفت بقول إنها تتابع تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية، وتواصل الحوار مع إدارة ترامب. وجاء هذا التصريح رداً على تساؤلات ما إذا كانت سويسرا ستنضم إلى الرسوم الجمركية المضادة التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي.
ترامب يهدد: سنفرض رسوماً إضافية عليكم
عن ردة فعل ترامب، هدد الرئيس الأمريكي بتصعيد حرب تجارية عالمية من خلال “فرض المزيد من الرسوم الجمركية على سلع الاتحاد الأوروبي”، وهو ما يثير مخاوف واسعة النطاق من زيادة الحواجز التجارية التي أقامها ترامب بالفعل منذ لحظة توليه رئاسته الثانية في يناير 2025.
شدد ترامب على أنه سيفرض رسوماً إضافية كنوع من العقوبة إذا نفذ الاتحاد الأوروبي خطته المفترضة في أبريل المقبل. وقال ترامب: “مهما كانت الرسوم التي يفرضونها علينا، سنفرضها عليهم”.
وبينما أصبح هناك نوع من المنافسة الواضحة على من سيفرض الرسوم الأكبر، ومن سيكون عليه الضرر الأكبر، يُنظر إلى أن دول الاتحاد الأوروبي قد تكون أقل عرضةً للخطر، إذ يتم تصدير “جزء صغير” من المنتجات المستهدفة إلى الولايات المتحدة وفق اطلاع بقش على تقديرات معهد كيل الألماني.
وأدى تركيز ترامب المفرط على الرسوم الجمركية إلى زعزعة ثقة المستثمرين والمستهلكين والشركات، وأثار مخاوف من الركود الاقتصادي للاقتصاد الأمريكي نفسه -أكبر اقتصاد في العالم- وما سيترتب على ذلك من زلازل اقتصادية محتملة عالمياً. كما تسبب الرئيس الأمريكي في توتر العلاقات مع المكسيك، وكذلك مع كندا، الحليف الوثيق والشريك التجاري الرئيسي، بتهديده المتكرر بضم الدولة المجاورة.
وفي السياق تراجع ترامب عن تهديده بمضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألمنيوم من كندا إلى 50%، وذلك بعد ساعات فقط من إعلانه عن زيادة الرسوم، في خطوات سريعة أثارت قلق الأسواق المالية. وجاء التراجع بعد أن تراجعت كندا عن خطط فرض رسوم إضافية بنسبة 25% على تصدير الكهرباء من ولاية أونتاريو الكندية إلى الولايات المتحدة.
في الوقت نفسه انتقدت بريطانيا وأستراليا، وهما حليفتان وثيقتان للولايات المتحدة، الرسومَ الجمركية الشاملة، لكنهما استبعدتا فرض رسوم جمركية متبادلة على الفور.
