أوروبا تتحدى ضغوط ترامب بتعزيز الدعم العسكري والمالي لأوكرانيا عبر أصول روسيا المجمدة

في خطوة تعكس تصعيداً غربياً غير مسبوق تجاه موسكو، اجتمع قادة أوروبيون وأمريكيون وكنديون في لندن اليوم الأحد لبحث آليات دعم أوكرانيا، بالتزامن مع توقيع بريطانيا اتفاقية قرض بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني (2.85 مليار دولار) لتمويل الدفاع وإعادة الإعمار، على أن تُسدَّد من عوائد الأصول الروسية المجمدة.
يأتي هذا التحرك في أعقاب تصاعد التوترات بين كييف و واشنطن بعد لقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ودونالد ترامب الذي أغلق الباب على استمرار الدعم الأمريكي.
تفاصيل الاتفاقية البريطانية: توقيت استراتيجي وآلية سداد مثيرة للجدل
وقّعت وزيرة الخزانة البريطانية “راشيل ريفز” مع نظيرتها الأوكرانية “سيرهي مارتشينكو” اتفاقية القرض عبر الفيديو، حيث سيتم تحويل الدفعة الأولى (752 مليون جنيه) نهاية الأسبوع المقبل، على أن تُقسَّط المبالغ على ثلاث سنوات.
وأكد الرئيس الأوكراني زيلينسكي في بيان على “تيلغرام” أن السداد سيتم عبر إيرادات الأصول الروسية المجمدة، قائلاً: “من أشعل الحرب يجب أن يدفع ثمنها”، في إشارة إلى موسكو.
جاء الإعلان خلال زيارة زيلينسكي إلى لندن، التي شملت لقاءً مع رئيس الوزراء “كير ستارمر”، والذي أكد بدوره “التزام بريطانيا الثابت بدعم أوكرانيا طالما استمرت الحاجة”.
وتندرج هذه الخطوة ضمن آلية “تسريع الإيرادات الاستثنائية” (ERA) التي أطلقتها مجموعة السبع بقيمة 50 مليار دولار، بهدف تحويل عوائد الأصول المجمدة إلى تمويل مباشر للجيش الأوكراني.
قمة لندن: تحالف أوروبي لسد الفراغ الأمريكي المحتمل
عقدت القمة بحضور 15 قائداً أوروبياً، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز، وكذلك رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، إضافة إلى الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، في محاولة لتعويض أي تراجع أمريكي محتمل في ظل تصريحات ترامب الصارمة.
وركز النقاش على تعزيز الضمانات الأمنية لأوكرانيا وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا، تمهيداً لقمة الاتحاد الأوروبي الاستثنائية المقررة في 06 مارس الجاري في بروكسل.
كشف ماكرون في مقابلة مع صحيفة “لا تريبون” عن خطة فرنسية لتقديم “مئات المليارات من اليورو” لبناء دفاع أوروبي مشترك، داعياً إلى “تمويل مشترك ضخم” خلال القمة المقبلة.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء النرويجي “يوناس جار ستوره” عن عزمه طلب زيادة الدعم لأوكرانيا إلى 35 مليار كرونة (3.12 مليار دولار) لعام 2025، كجزء من حزمة إجمالية بقيمة 155 مليار كرونة حتى 2030.
تصعيد ألماني: دعوات لتجاوز قيود الميزانية
انضمّت ألمانيا إلى الموجة الداعمة عبر تصريحات لوزير الاقتصاد “روبرت هابيك” دعا فيها إلى “الإفراج الفوري عن 3 مليارات يورو” لدعم منظومة الدفاع الأوكرانية، بينما طالبت وزيرة الخارجية “أنالينا بيربوك” بتخفيف القيود المالية الأوروبية لتوجيه موارد إضافية لكييف.
وتأتي هذه الخطوات في وقت يمتلك فيه الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع ما يقرب من 300 مليار يورو من الأصول الروسية المجمدة، يتواجد 200 مليار منها داخل أوروبا، معظمها في بنك “يوروكلير” البلجيكي.
الرد الروسي: تحذيرات من “سرقة قانونية” وعواقب دولية
وصفت موسكو استخدام العوائد المجمدة بأنه “سرقة”، حيث هدد وزير الخارجية “سيرغي لافروف” سابقاً بالرد على أي مصادرة. وفي تصريح صحفي، وصفت المحامية الروسية “دينارا فاليفا” الخطوة البريطانية بأنها “استغلال غير قانوني لأصول مواطنين روس خضعوا لعقوبات تعسفية”، محذرة من أن “هذه السياسة ستزيد التوترات الدولية وتقوض آفاق الحل السلمي”.
وأضافت فاليفا: “بدلاً من تمويل الحرب، على الغرب التركيز على الحوار”، مشيرة إلى أن “روسيا مستعدة للمفاوضات لتحقيق استقرار دائم”. ومع ذلك، يبدو الموقف الأوروبي متصلباً، حيث أكد “ستارمر” أن بريطانيا لن تتراجع عن دعم ما وصفه بالحق الأوكراني في الدفاع عن نفسه.
هذا وشهدت زيارة زيلينسكي إلى لندن لقاءً مع الملك تشارلز الثالث في مقر إقامته بساندرينغهام، في إطار حملة دبلوماسية مكثفة تزامنت مع زيارة سابقة للبيت الأبيض انتهت بتبادل لفضي حاد مع ترامب، الذي رفض الالتزام بمواصلة الدعم العسكري دون شروط.