إمبراطورية التنمية الدولية في مهب الريح | قصة إغلاق الوكالة الأمريكية “الإجرامية”

في أحدث خطواته منذ تنصيبه وزيراً للكفاءة الحكومية الأمريكية، شن الملياردير “إيلون ماسك” حملة ضد الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وأكد على ضرورة إغلاقها لكونها وكالة “إجرامية وفاسدة”.
إيلون ماسك أعلن اليوم الإثنين أن الرئيس #ترامب وافق على أنه يجب “إغلاق” الوكالة التي تأسست عام 1961، والتي توزع مليارات الدولارات من التمويلات التنموية سنوياً.
وأشار ماسك إلى أنه يحظى بدعم ترامب، لذلك “ذهبت، وناقشت الأمر (بخصوص الوكالة) معه بالتفصيل، واتفق مع أنه ينبغي علينا، وقال يجب أن يغلقها”. وبالنسبة لترامب فقد رأى أن الوكالة تمت إدارتها من قبل “مجموعة من المجانين الراديكاليين”، وأكد: “سنُخرجهم، ثم سنتخذ قراراً حول مستقبلها”.
وقد تم إعطاء اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين في الوكالة الأمريكية إجازة إدارية، مساء السبت، لرفضهما منح أعضاء وزارة الكفاءة الحكومية الوصول إلى أنظمة الوكالة ومستنداتها السرية، حتى عندما هدد موظفو الوزارة باستدعاء سلطات إنفاذ القانون.
وفي الأسبوع الماضي، وُضع 60 موظفاً من كبار موظفي الوكالة في إجازة، بتهمة محاولة التحايل على أمر ترامب التنفيذي لتجميد المساعدات الخارجية لمدة 90 يوماً حسب متابعات بقش، وجرى وضع مسؤول كبير في إجازة إجبارية لمحاولته عكس هذا التحرك.
وكالة “التنمية الفاسدة والإجرامية”
الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية “بعيدة عن الإصلاح” كما أكد إيلون ماسك، ووصفها بأنها “كرة مليئة بالدود”. كما اعتبرها “منظمة إجرامية” استخدمت أموال دافعي الضرائب لتمويل أبحاث حول الأسلحة البيولوجية بما في ذلك فيروس كورونا الذي قتل ملايين الأشخاص حول العالم.
ووفق مراجعات بقش، تقدم الوكالة مساعدات عبر تمويل المنظمات غير الحكومية، والحكومات الأجنبية، والمنظمات الدولية، وفي العام 2023 تجاوزت ميزانيتها 40 مليار دولار، أي 1% من الميزانية الفدرالية الأمريكية، وتعمل في حوالي 130 دولة، ويعمل فيها أكثر من 10 آلاف موظف، يتوزع ثلثاهم في أكثر من 60 بعثة حول العالم.
وعلى الأرجح سيصدر ترامب أمراً تنفيذياً هذا الأسبوع بدمج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مع وزارة الخارجية الأمريكية وفق صحيفة وول ستريت جورنال، كما أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن برامج الوكالة تخضع للمراجعة لإلغاء أي برنامج “لا يخدم المصلحة الأمريكية”.
وتسلط التقارير مخاوف في مجتمع المساعدات حول مصير وكالة المعونات، وما إذا كان سيتم ضم الوكالة إلى وزارة الخارجية أو إلغاؤها تماماً. وقد حُذف الموقع الإلكتروني وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي للوكالة حسب متابعة بقش لنشاط الوكالة عبر الإنترنت.
وقال جيريمي كونينديك (وهو مسؤول مساعدات كبير في إدارة #بايدن السابقة) إن حذف الموقع الإلكتروني وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي وتسريح عدد كبير من العمال والتعليق شبه الكامل للعمل هو “محاولة لتفكيك الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بالكامل”.
ويشار إلى كونينديك بأنه قاد في الوكالة أعمالاً إغاثية في حالات الكوارث في عهد الرئيس الأسبق أوباما وخلال جائحة كورونا وفيروس mpox في عهد بايدن، ويترأس حالياً منظمة مساعدة اللاجئين الدولية. واعتبر كونينديك أن الإدارة الأمريكية تحاول “القضاء على الوكالة” دون إعلان خطة أو تقديم أي مبرر، كما قال “إنهم يحاولون القيام بذلك خلف الكواليس وليس في العلن”.
وجاء إغلاق الموقع الإلكتروني عقب أمر بإيقاف العمل والإجازات أو التسريح الذي طال مئات من موظفي الوكالة في أول أسبوعين لترامب في منصبه.
الوكالة في #اليمن
يُذكر أن الوكالة نفسها اتهمتها الأجهزة الأمنية التابعة لـ #حكومة_صنعاء في العام الماضي بتنفيذ أجندة تجسسية تستهدف البلاد والمجالس المحلية وأعضاءها، ونقلت عن أحد المتهمين الذين بثت اعترافات لهم في يوليو 2024 أن من أكبر مشاريع الوكالة الأمريكية للتنمية التي كانت مقررة في قطاع الديمقراطية والحكم الرشيد أثناء الحرب هو مشروع “مجتمعات عالمية” بميزانية 5 ملايين دولار، وينص على العمل مع المجالس المحلية على مستوى المحافظات وكان مقرراً له أن يتم في شمال وجنوب اليمن.
وحاولت الوكالة الأمريكية التفاوض مع المجلس الأعلى بـ #صنعاء عن طريق منظمة “مجتمعات عالمية” للحصول على تصريح للمشروع، لكن لم تؤدِّ المفاوضات إلى نتيجة، إذ كان للمجلس الأعلى اشتراطات رأت الوكالة أنها غير مناسبة وغير قابلة للتنفيذ، وقررت عدم التنفيذ في صنعاء واكتفت بالتركيز على الجنوب فقط.
ونُقل عن المتهم هشام الوزير قوله إن “الأهداف الخفية” للمشروع هي عملية استقطاب وتجنيد للشخصيات الاجتماعية، بحيث ترتبط بالوكالة الأمريكية للتنمية وبالحكومة والسفارة الأمريكية، وضمان إيجاد نفوذ للأمريكيين في المديريات بما يخدم مصالح وأجندات الحكومة الأمريكية، وتوفير غطاء مدني لتواجد القوات الأمريكية العسكرية في الجنوب وبالتحديد في #عدن و #المكلا.
وحسب متهم آخر هو شايف الهمداني، فإن الهدف الرئيسي للوكالة الأمريكية للتنمية في اليمن هو الوصول إلى قواعد المجتمع على مستوى المواطن والدولة بشكل عام، من خلال جمع البيانات عن آرائهم والتأثير على حياة الفرد والمجتمع، وجمع المعلومات التي لا تستطيع الأقمار الاصطناعية جمعها وبالتالي السيطرة على سلوك ورأي المواطن حد تعبيره.