بعد «دُفعة سعودية جديدة» لمركزي عدن | سعر الصرف يكسر 1600 ريال

عاود «بنك عدن المركزي» عقد مزاداته الإلكترونية الأسبوعية لبيع العملة الأجنبية اعتباراً من 24 يناير الماضي، وذلك بعد توقفها لأكثر من شهرين، إلا أن قيمة العملة المحلية واصلت انهيارها المشهود في مناطق حكومة عدن وتخطت حاجز 1600 ريال للدولار الواحد خلال الشهر المنصرم، مقابل استقرار بمناطق حكومة صنعاء عند ما بين 528 و530 ريالاً للدولار.
وأمعن الريال اليمني في انهياره أكثر رغم أن مركزي عدن أعلن في منتصف يناير عن تحويل الدفعة الثانية من «الوديعة السعودية» إلى حساب البنك المركزي في البنك الأهلي السعودي، دون الإفصاح عن حجم الدفعة، وتحدث المركزي عن «أهمية هذا الدعم كونه يأتي في ظرف استثنائي وعصيب»، مجدداً شكره للسعودية.
وكانت العملة المحلية خلال شهر ديسمبر 2023 متقلبة ما بين 1530 و1550 ريالاً للدولار طوال ذلك الشهر.
ووسط تردي الأوضاع المصرفية كان بنك عدن المركزي أعلن في الثلث الأول من يناير عن رفع مقدار رأس المال المطلوب لبنوك التمويل الأصغر إلى مبلغ 15 مليار ريال يمني كحد أدنى، وذلك خلال سنتين من العام 2024، وقال إن هذه الخطوة ستعزز متانة المراكز المالية لبنوك التمويل الأصغر وترفع قدراتها لتحسين جودة الخدمات وسط الظروف الراهنة.
هذا ويشير برنامج الغذاء العالمي إلى أن الريال اليمني يواصل تدهوره في مناطق حكومة عدن رغم أن السعودية في أغسطس الماضي أودعت 267 مليون دولار في بنك عدن بغرض تخفيف الضغط على سعر الصرف وتعزيز الموازنة الحكومية، وخلال الربع الثالث من العام الماضي، انخفضت قيمة الريال بنسبة 4% مقارنة بالربع السابق وبنسبة 22% عن العام 2022، لتصل إلى 1434 ريالاً للدولار بنهاية سبتمبر، ويرتبط هذا الانخفاض إلى حد كبير بهبوط مستوى احتياطيات العملات الأجنبية وانخفاض صادرات النفط الخام وتدفقات التحويلات المالية.
ومن ناحية أخرى، ارتفع سعر الصرف في مناطق حكومة صنعاء بالربع الثالث بنسبة 1% فقط مقارنة بالربع الثاني، وبنسبة 7% مقارنة بالعام 2022، ليسجل مستوى 523 ريالاً للدولار، ويرجع ذلك أساساً إلى تدابير الرقابة التي تنفذها السلطات في صنعاء لتقييد تحويل العملات الأجنبية إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها، والدور الذي تلعبه في إدارة العرض والطلب على العملات الأجنبية، وفقاً للبرنامج الأممي.
مركزي عدن يُتَّهم بـ«تدمير العملة» و«الابتزاز»
بعد تجاوز سعر صرف الدولار 1600 ريال، استنكرت «نقابة الصرافين الجنوبيين» ما وصفته «الصمت المطبق والمخزي» من قبل إدارة بنك عدن المركزي إزاء التدهور الحاصل في قيمة الريال اليمني، في حين يتم صرف رواتبهم ومخصصاتهم ونثرياتهم بالدولار الأمريكي، بينما يعيش المواطنون ظروفاً كارثية، مشيرةً إلى أن المركزي منشغل في صرف تراخيص الشبكات والبنوك وتحصيل رسوم هذه التراخيص بمليارات الريالات ويتجاهل الحفاظ على الاستقرار المالي والاقتصادي.
وبنهاية يناير أصدرت النقابة بياناً لاذعاً اتهمت فيه بنك عدن المركزي بالسعي إلى تدمير العملة المحلية وليس مواجهة انهيارها، وقالت إن هناك «مؤامرة مكشوفة» تستهدف العملة، وأن «سعر الصرف الريال السعودي بلغ 427 ريالاً يمنياً يوم 31 يناير 2024، وكان مهيأ للنزول التدريجي، لكن وكيل بنك عدن المركزي لقطاع الرقابة على البنوك، منصور راجح، قام بنشر تعميم للبنوك لنشرة الإغلاق لشهر يناير بسعر أعلى من سعر السوق المصرفي».
النقابة اعتبرت التعميم دليلاً كافياً وواضحاً على أن قيادة بنك عدن المركزي سبب رئيسي في انهيار العملة، وأنها تضع السياسات النقدية التي من شأنها مضاعفة هذه الانهيار وليس مواجهته، كما ذكرت النقابة أن هناك شركات صرافة عدة وبنوكاً تابعة لمتنفذين تحاول احتكار السوق المصرفي، هي من تمارس التلاعب في أسعار العملة وقوت المواطنين، وكذا الإضرار بالصرافين الجنوبيين.
وحذرت النقابةُ الصرافين من دفع أي مبالغ أو أي ضمان غير قانوني يطلبه البنك المركزي في عدن بطريقة الابتزاز، حسب تعبيرها، في حين تستعد النقابة كما تقول لمواجهة أي جهة وبالقانون، مشددة على عدم التعامل مع الشبكة الموحدة، التابعة لمركزي عدن، كونها لا تصب في المصلحة العامة للبلاد والمواطنين، إذ هي شبكة غير منتظمة ولا يوجد لديها أي ضمين لحوالات المواطنين أو للصرافين.
وأضافت النقابة: «إذا كان البنك المركزي يعتزم تنظيم شغل الصرافة، فيجب على قيادة البنك أن تبدأ بنفسها، وتطبق قانون الصرافة الصحيح، وبعدها يتم إنشاء شبكة آمنة تضمن حقوق الشعب عبر بنك يضمن الحقوق وليس عبر بنوك تجارية، أو البنك المركزي الغارق في ديون أموال العملاء التي تبلغ 5 تريليونات ريال يمني».
وجددت النقابة مطالبتها بعزل قيادة مركزي عدن، وتكليف قيادة نزيهة تعمل مع أقطاب النظام المصرفي لتحييد العملة المحلية عن الصراعات السياسية وتخفيف معاناة الناس، إذ تعتقد النقابة أن من الضروري إيجاد إدارة نزيهة للبنك تقوم بضبط المخالفين والمتسببين في التلاعب الحاصل في أسعار الصرف المرتفعة، في حين لا توجد ضوابط فعالة لدى إدارة البنك الحالية تلزم البنوك وشركات الصرافة وشبكات التحويلات بالحد من تدهور العملة.
وكانت نقابة الصرافين الجنوبيين أكدت في بداية يناير على خطورة مشكلة الحوالات المنسية المتأخرة مع غياب الرقابة على شبكات التحويل من قبل بنك عدن المركزي وعدم وضع آلية مناسبة للمشكلة، إذ توجد مليارات معلقة ومنسية، وعممت النقابة بأن على مرسل الحوالة عبر أي شركة صرافة إضافة رقم المستلم ورقم المرسل واستلام سند الإرسال وتحويله إلى المستلم لتذكيره، وذلك بسبب كثرة نسيان المواطنين حوالاتهم لدى الأنظمة والشبكات مما يُدخل الحوالات ضمن الحوالات المنسية، داعيةً شركات الصرافة إلى متابعة الحوالات المتأخرة وإرجاعها إلى أصحابها.
عدن | بنكان تحت المساءلة
دانت محكمة الأموال العامة الابتدائية بعدن بنك الأمل للتمويل الأصغر والبنك التجاري اليمني بالامتناع عن الالتزام بتطبيق مواد قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقالت إن البنكين لم يوافيا وحدة جمع المعلومات المالية ببنك عدن المركزي بكافة البيانات والمعلومات المطلوبة منهما.
المحكمة، في الثامن والعشرين من يناير، فرضت على بنك الأمل غرامة قدرها 5 ملايين ريال تدفع لخزينة حكومة عدن، وعلى البنك التجاري اليمني مليوني ريال، مع إلزام كل منهما دفع 100 ألف ريال مخاسير التقاضي، وفقاً لمنطوق الحكم الذي طالعه «بقش»، كما أُلزِما بالقيام بالواجبات المنصوص عليها في قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وموافاة مركزي عدن بالبيانات المطلوبة.
وخولت المحكمة بنك عدن المركزي في حال تخلف البنكين خلال شهر صلاحية إلغاء الترخيص الممنوح لهما ومنعهما من مزاولة النشاط، ونوَّهت إلى حق البنكين في الاستئناف خلال 15 يوماً من تاريخ النطق بالحكم.