
الاقتصاد اليمني | بقش
تحذيرات رسمية تجري في صنعاء من نشاط شركة “كيونت” (QNet) لممارستها أعمالاً مشبوهة واحتيالية عبر بيع المنتجات والتسويق الهرمي ونهب مدخرات المساهمين. وفي أحدث التعميمات حذرت وزارة الاقتصاد بحكومة صنعاء من التعامل مع الشركة كونها تمارس الغش والاحتيال من خلال الممارسات المشبوهة والمخالفة للقوانين النافذة، محذرةً من الانجرار وراء وعود الربح السريع التي تستهدف نهب المدخرات.
هذا التحذير جاء بعد تحذير مشابه نهاية الأسبوع الماضي من البنك المركزي بصنعاء، الذي دعا المواطنين إلى عدم التعامل مع هذه الشركة وغيرها من الكيانات المشابهة، التي تعمل بنظام التسويق الشبكي والهرمي وتزاول أنشطة تجارية واستثمارية مشبوهة، من خلال بيع سلع رخيصة بأسعار عالية، وإقناع المواطنين بالاستثمار في مقابل أرباح مغرية شريطة إدخال أشخاص جدد وإرسال الأموال خارج البلاد عبر شبكات وهمية، ومن تلك الكيانات “كيونت”.
ودعا البنك المواطنين إلى الإبلاغ عن أي نشاطات لشركة كيونت أو التجمعات التي تقوم بها ومندوبيها، والاستفسار عن قانونية أي كيانات يرغبون بالتعامل معها.
احتيال واسع النطاق وخسائر فادحة
وفق تتبُّع مرصد “بقش” لمعلومات شركة “كيونت”، اتضح أنها تمارس أنشطة احتيالية على نطاق عربي ودولي واسع.
تقدّم الشركة نفسها بأنها “شركة عالمية لأسلوب الحياة والعافية تستخدم نموذج أعمال البيع المباشر للترويج للمنتجات الفريدة التي تمكّن الأشخاص من تولي مسؤولية صحتهم ورفاهيتهم وأسلوب حياتهم”.
وتزعم الشركة أنها تجسّد معايير الصناعة العالية وأنها عضو في العديد من جمعيات البيع المباشر في جميع أنحاء العالم، وشاركت في العديد من الرعايات الرياضية العالمية بما في ذلك شراكتها في البيع المباشر لنادي مانشستر سيتي لكرة القدم (مان سيتي) والاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF).
وللشركة مراكز رئيسية، منها في هونغ كونغ وإندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وجنوب أفريقيا وتايلاند والإمارات حسب رصد “بقش”، وتقول إن هدفها هو “تمكين حياة الناس وتحويل المجتمعات”.
في الواقع، ضحايا كُثُر من الوطن العربي والعالم وصفوا هذه الشركة بأنها إحدى أخطر شبكات النصب والاحتيال المقنّعة بغطاء “العمل الحر” و”الفرص الاستثمارية”، وتواصل الإيقاع بضحايا جدد كل يوم، مستغلةً طموح الشباب وسوء أوضاعهم الاقتصادية.
وتبدأ القصة بحلم الثراء السريع، وعرض مغرٍ عن عمل حرّ لا يحتاج شهادات، ويحتاج فقط “علاقات اجتماعية”، بينما لا وجود لأي عمل حقيقي، بل هي شبكة تسويق هرمي تتغذى على أموال المنضمين الجدد.
ظاهرياً، تمارس شركة “كيونت” نوعاً من عمليات التسويق، غير أنها تقوم في الواقع باستخدام بعض المنتجات والعروض (ساعات، أحجار لإبعاد الطاقة السلبية، إقامة في فندق)، لتغطية العمليات الاحتيالية اللاحقة. وتستغل ضعف الحالة المادية للناس، حيث إن قيمة هذه المنتجات لا تساوي المبلغ المدفوع.
وعَلِم “بقش” أن هذه الشركة تمارس نموذج البيع المباشر والتسويق متعدد المستويات (MLM)، أي إن الشركة توظّف ممثلين مستقلين يقومون ببيع منتجاتها مباشرة للمستهلكين، ويجني هؤلاء أرباحاً عن مبيعات المنتجات ومن خلال إيجاد وإدخال موزعين جدد ضمن هيكل شبكي هرمي.
الشركة تصرّ عبر بياناتها الرسمية على أنها “عمل شرعي” يلتزم بالبيع الحقيقي للمنتجات، وأنها لا تعتمد نموذج “بونزي” التقليدي المعروف بممارسة الاحتيال المالي، وتقول هذه الشركة إن دخل الموزعين يستند بالأساس إلى مبيعات المنتجات وليس التوظيف فقط.
لكن تقارير اطلع عليها بقش أكدت أن الشركة واجهت تحقيقات قانونية في عدة دول. في الهند -على سبيل المثال- واجهت الشركة تحقيقاً اقتصادياً، ووُصفت أنشطتها بأنها تهديد محتمل. وتم اتهام ممثلين ومديرين في QNet في عدة بلدان بحالات احتيال وغسيل أموال وتزوير.
وهناك حالات واسعة لأفراد خسروا مبالغ كبيرة ووقعوا ضحايا في عمليات الاحتيال المرتبطة بالشبكات التسويقية التي تروج باسم QNet، وفي بعض البلدان الغربية وأفريقيا أُشير إلى حالات سوء استغلال وتنظيمات تقنع الضحايا بوعود غير واقعية ثم ينتهي الأمر إلى الخسائر المالية الفادحة.
عمليات النصب في اليمن
التعميمات الرسمية من السلطات المعنية في صنعاء، جاءت في الوقت الذي تناول فيه مرصد “بقش” عديداً من القضايا المرتبطة بالمنصات الوهمية التي توهم المساهمين بالربح السريع للسطو على مدخراتهم استغلالاً للمعاناة الاقتصادية والمعيشية.
الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي، قال لـ”بقش” إن ثمة العديد من الكيانات الوهمية المستغلة لتدهور الأوضاع الاقتصادية، تجتذب الشباب من خلال التداول الرقمي، وسط غياب إطار تشريعي واضح، ما أدى إلى بروز العديد من المخاطر أمام المساهمين والقطاع المالي.
ووصف الحمادي خطوة بنك صنعاء المركزي والسلطات المعنية في صنعاء بأنها بالغة الأهمية ويُفترض أن تكون قد وضعت المواطنين أمام الصورة الكاملة لحقيقة مثل هذه الكيانات التي تستغل ظروفهم، داعياً إلى فرض عقوبات رادعة بقوة أمام مثل هذه المشاريع المشبوهة، على حد تعبيره.
ومن هذه الكيانات من يعرض أرباحاً كبيرة تصل إلى 100% شهرياً، وتنتهي بخسارة كل أموال المساهمين المندفعين إلى الربح السريع، كما حدث منذ أشهر بمنصة ITAS التي أغلقت على أكثر من 12 مليون دولار كان كل ضحاياها من اليمنيين.
بدوره اعتبر الخبير المصرفي علي أحمد التويتي، في تصريحات صحفية أن بيان بنك صنعاء المركزي مهم للتنبيه إلى أخطر مشكلة في هذه السوق، وتتمثل في انتشار المنصات الوهمية.
وذكر التويتي أن محامي شركة “كيونت” رفع عليه دعوى في النيابة لأن التويتي حذر منها بعد أن وقع فيها آلاف اليمنيين، ولا يزالون، رغم أن البنك المركزي في صنعاء ووحدة جمع المعلومات نشرا سابقاً تعميماً بإيقاف حسابات منسوبيها، وتجريم التعامل معهم.
وتشير متابعات بقش إلى أن ناشطين في الوقت الحالي يطالبون بمحاسبة المحامي الخاص بشركة كيونت في اليمن، وبكافة الأشخاص المرتبطين بها في حال تم العثور على أيٍّ منهم، وبكل من له علاقة بهذه الكيانات الوهمية.


