الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

ارتفاع الأسهم الأمريكية بعد إنهاء الإغلاق الحكومي.. تفاؤل هش مليء بالمخاطر

الاقتصاد العالمي | بقش

شهدت الأسواق المالية العالمية ارتفاعاً ملحوظاً مؤخراً، خصوصاً بعد إقرار مجلس النواب الأمريكي قانون إنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولايات المتحدة، وهذه الخطوة أعادت الثقة نسبياً إلى الأسواق، لكنها لم تُنهِ حالة الغموض وعدم اليقين التي تكتنف التحركات المقبلة للأسهم، خصوصاً مع غياب بيانات اقتصادية مهمة وارتفاع التقييمات بشكل غير مسبوق.

وحافظت الأسهم العالمية على مكاسبها لثلاثة أيام متتالية، مقتربةً من مستويات قياسية جديدة، مدعومة بإقرار قانون تمويل مؤقت لإنهاء الإغلاق الحكومي الذي استمر ستة أسابيع، وأدى إلى تعطيل الرحلات الجوية وتأخير المساعدات الغذائية لملايين الأشخاص.

وحسب تتبُّع مرصد “بقش” للبيانات، ارتفعت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 0.1% في التداولات الآسيوية، بعد سلسلة من أربع جلسات متتالية من المكاسب.

وشهدت الأسهم الآسيوية ومؤشر “إم إس سي آي” العالمي تقلبات طفيفة بين مكاسب وخسائر، مع حذر المستثمرين بسبب محدودية البيانات الاقتصادية.

واستقر الين الياباني عند مستوى 155 مقابل الدولار بعد تحذيرات وزير المالية الياباني ساتسوكي كاتاياما، بالقرب من مستويات تدخل الحكومة الأخيرة. وتراجع النفط بعد أن تجاوزت الإمدادات العالمية الطلب، حيث انخفض خام برنت إلى مستوى نحو 62 دولاراً للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط إلى 58 دولاراً. كما تراجعت أسهم الطاقة في أستراليا في ظل زيادة الإمدادات وتأثيرات انخفاض الأسعار.

حالة عدم اليقين تجاه السياسة النقدية

يترقب المستثمرون قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” وسط غياب بيانات رئيسية مثل البطالة ومؤشر أسعار المستهلك لشهر أكتوبر.

خبراء، مثل مايكل لاندسبرغ، يشيرون إلى أن السوق سيعيد تقييم توقعاته بعد استئناف نشر البيانات، ما قد يؤدي إلى تقلبات جديدة، حسب اطلاع بقش على تقارير لوكالة بلومبيرغ، ورغم توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة في ديسمبر لتعزيز النمو، فإن بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، مثل سوزان كولينز، يفضلون الإبقاء على أسعار الفائدة مستقرة للحفاظ على استقرار التضخم.

سعر الفائدة الحالي بين 3.75% و4% يُعد “مقيداً بشكل طفيف” وفقاً لكولينز، في ظل استمرار التضخم فوق هدف الفيدرالي البالغ 2%.

ولا يعكس ارتفاع الأسهم الأمريكية بالضرورة صحة السوق الاقتصادية، فهناك عدة مؤشرات على هشاشة هذا الصعود، مثل الانحراف السلبي، فهناك عدد كبير من أسهم مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” سجّل أدنى المستويات خلال عام، رغم ارتفاع المؤشر الكلي، وهو مؤشر تاريخي على احتمالية حدوث تصحيح حاد كما حدث في 1998 و2000.

كما أن متوسط مقاييس تقييم سوق الأسهم وصل إلى أعلى مستوى منذ أكثر من 100 عام، وعدد ساعات العمل اللازمة لشراء عقد واحد من مؤشر “إس آند بي 500” تجاوز 200 ساعة، مقابل 140 ساعة عشية الجائحة و100 ساعة في ذروة سوق 2000.

وامتلاك الأسر لكميات كبيرة من الأسهم يدفع التقييمات إلى مستويات غير مستدامة ويزيد من احتمالية فترة طويلة من العوائد الضعيفة.

وتشير التحليلات التقنية إلى أن مسار ارتفاع السوق يشبه القطع المكافئ الحاد، ما يُعد عادةً علامة تحذير على قرب تصحيح هبوطي.

موجة تفاؤل ومخاطر كامنة

السوق الأمريكية حالياً تشهد موجة تفاؤل، لكنها تتضمن مخاطر كامنة تحتاج إلى الحذر في اتخاذ القرارات الاستثمارية حسب قراءة بقش تقرير بلومبيرغ، والمستفيدون الأكبر هم شركات التكنولوجيا الكبرى والقطاعات الدورية التي ستستفيد من أي سياسة نقدية أكثر تيسيراً.

المحافظ الاستثمارية المؤمنة ضد الخسائر تتمتع بميزة كبيرة في مواجهة تقلبات محتملة. وعلى المستثمرين التحلي بالحيطة وعدم الانجرار وراء ارتفاعات السوق الظاهرية، ومراقبة مؤشرات الانحراف السلبي والتقييمات المرتفعة.

بالنتيجة، أعاد إنهاء الإغلاق الحكومي بعض الاستقرار للأسواق العالمية والأمريكية، وساعد على استمرار المكاسب قصيرة الأجل للأسهم.

إلا أن البيانات تشير إلى أن هذا الصعود هش ومليء بالمخاطر، سواء من حيث ارتفاع التقييمات، أو الانحراف السلبي، أو غياب البيانات الاقتصادية الرئيسية.

ويحتاج المستثمرون إلى الجمع بين التفاؤل الحذر والاستراتيجيات الدفاعية لضمان حماية محافظهم، في حين أن القرارات القادمة للاحتياطي الفيدرالي ستلعب دوراً محورياً في تحديد مسار السوق خلال الأشهر المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى