الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

اضطرابات الصرف في عدن.. السوق المصرفي بين “استدعاءات الصرافين” وخطط البنك المركزي

الاقتصاد اليمني | بقش

لا تزال أزمة بيع العملة الأجنبية تلقي بتداعياتها على السوق المصرفي مع استمرار شكاوى المواطنين ضد الصرافين المتهمين بالتلاعب وخلق أزمة مصطنعة طيلة الأيام الماضية.

ويُنظر إلى الأزمة على أنها فاقمت فقدان الثقة، وتسبب في نتائج وخيمة أضرت بتحويلات المغتربين والأسر المتلقية للحوالات من الخارج، واستنزف مدخرات المواطنين الذين واجهوا تعقيداً أيضاً في صرف الحوالات أو قيوداً على المبالغ، وهو ما يزيد بشكل عام من الضغوط المعيشية التي يعاني منها المواطنون في المدينة.

استدعاءات أمنية لمنتسبي القطاع المصرفي

وفي ضوء الأحداث الأخيرة، قامت الجهات الأمنية باستدعاء منتسبي القطاع المصرفي لاسترجاع المشتريات من العملة الأجنبية. لكن وزارة الداخلية والنيابة العامة وجهتا بوقف الاستدعاءات الأمنية التي وُصفت بأنها “غير قانونية” والتي يتعرّض لها العاملون في القطاع المصرفي دون المرور عبر القنوات الرسمية المخولة بذلك وفق اطلاع بقش.

النائب العام قاهر مصطفى أصدر توجيهات بوقف الاستدعاءات، كاستجابة لمذكرة تقدمت بها جمعية صرافي عدن بتاريخ 02 سبتمبر 2025، وحسب اطلاع بقش على تلك المذكرة فقد قالت الجمعية إن بعض وكلاء النيابات يقومون بإصدار خطابات استدعاء لعدد من منتسبي القطاع المصرفي، على خلفية قضايا تتعلق باسترجاع مشتريات من العملة الأجنبية، رغم أن هذه الاختصاصات تعود حصراً للبنك المركزي في عدن.

وفي مذكرته إلى رؤساء النيابات، شدد النائب العام على ضرورة التقيد بعدم اتخاذ أي إجراءات تجاه منتسبي القطاع المصرفي ما لم تكن هناك إحالة رسمية من البنك المركزي، باعتباره الجهة المعنية بتنظيم ومتابعة القضايا المرتبطة بالنشاط المالي والمصرفي في البلاد. ويشار إلى أن التوجيه يستهدف حماية الاستقرار المالي وضمان عدم تداخل السلطات ومنع التجاوزات التي قد تضر بثقة القطاع المصرفي أو تؤثر على أداء العاملين فيه.

وبدورها أصدرت وزارة الداخلية توجيهات لإدارة شرطة عدن والأحزمة الأمنية بالكف عن استدعاء الصرافين لاسترجاع مشتريات العملة الأجنبية إلا بالأطر الرسمية وبخطابات من البنك المركزي والنيابة العامة، ووجهت الوزارة نسخة إلى رئاسة مجلس النواب ومحافظ بنك عدن المركزي أحمد غالب.

وعلق اقتصاديون على هذه التوجيهات، ومنهم الصحفي الاقتصادي ماجد الداعري الذي اعتبر أن كافة المتضررين المطالبين بتعويضهم “مضاربون”، وأشار إلى أن “الفلوس صارت ملكاً للدولة وبنكها المركزي بموافقة النيابة العامة التي تمثل الشعب، بعد إعلان الصرافين وجمعيتهم عن رفع كشوفات تلك المبالغ إلى البنك المركزي وجعلها تحت تصرفه باعتبارها ملكاً له وفقاً لقرار مجلس إدارته”. ووفق متابعة مرصد بقش، فقد اعتَبرَ بنكُ عدن المركزي جميع المبالغ التي تم شراؤها من العملات الأجنبية خلال الفترة الماضية (يومَي الاضطراب) ملكاً له وفق الآلية المعتمدة.

وكانت مصادر أكدت لمرصد بقش أن بنك عدن المركزي لا يعتزم خفض سعر الصرف حالياً إلى مستوى معين، وأنه يعمل على تثبيت السعر الحالي عند 425 ريالاً مقابل الريال السعودي، وأن انخفاض الصرف لم يعد مرتبطاً إلا بوجود وديعة أو منحة مالية جديدة من الخارج.

من جانبه يعلق الخبير الاقتصادي أحمد الحمادي لـ”بقش” بأن التوجيهات الخاصة بوقف استدعاءات الصرافين والمنتسبين إلى القطاع المصرفي تشير في مضمونها إلى أن هذه الجهات تسعى إلى تعزيز أدوار القنوات الرسمية، في الوقت الذي غاب دور هذه القنوات الفعلي عن المشهد عند اضطراب السوق مما أحدث هذه الفجوة.

ويشير الحمادي إلى أن السوق يعيش حالياً في حالة اضطراب واضحة تتطلب حل مسألة مدخرات المواطنين وتحويلات المغتربين، وإحداث توازن حقيقي بين العرض والطلب، وتفعيل العملية الرقابية بما يضمن استقرار السوق.

مطالب بـ”استقرار الصرف”

وتجري مطالب بتحقيق استقرار سعر الصرف وإنهاء التقلبات الحادة التي سادت السوق، كأهم خطوة يمكن أن يحققها بنك عدن المركزي، وذلك عبر تفعيل أدوات السياسة النقدية، والعمل على كبح الارتفاع المستمر في الأسعار كونه يعزز حالة عدم اليقين الاقتصادي، ويعقّد اتخاذ القرار لدى المستهلكين والشركات التجارية والحكومة.

ووسط الضغوط الحالية خرجت أنباء عن أن بنك عدن المركزي يعتزم فرض سيطرته على أرصدة محلات الصرافة في إطار ضبط السيولة النقدية، ويشمل ذلك حصر الأرصدة المتاحة لدى شركات الصرافة من مختلف العملات ثم سحب أغلبها، بينما يزداد القلق بين أصحاب محلات الصرافة بشأن هذه الإجراءات، إذ يعتبرونها سياسات قد تصيب عملياتهم بالتعقيد وتحد من قدرتهم على شراء وبيع العملات، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى خروج العديد من الصرافين من السوق.

ويرى القلقون من هذه الخطوات أنها قد تضيق نشاطات الصرافة، بينما يرى مؤيدون أنها ضرورية لتحقيق استقرار مالي ولو مؤقتاً.

إلى ذلك يشير اقتصاديون إلى أنه يتم تجفيف السيولة المحلية من التداول في أسواق الصرف لتثبيت العملة، وهو ما لا يُعتبر حلاً ناجعاً وفقاً للصحفي الاقتصادي وفيق صالح، إذ يرى أنه مجرد مسكنات مؤقتة فقط، ستحدث موجات ركود وكساد في الأسواق وتعطيل النشاط الإنتاجي، وأن الحلول الحقيقية تكمن في معالجة الأسباب الجذرية لضعف العملة وليس فقط في استخدام أدوات مؤقتة مثل تجفيف السيولة، لأن هذه الأدوات قد تؤدي إلى نتائج عكسية.

هذا الملف برمّته يطرح تساؤلات حول مدى نجاح بنك عدن المركزي في تحقيق توازن يسمح بتحقيق أهدافه دون التأثير سلباً على مؤسسات الصرافة الصغيرة والمتوسطة، وما إذا كان سيتمكن من سد الثغرات التي قد يستغلها المضاربون لإعادة إرباك السوق أو إفشال المراحل القادمة من خطط الإصلاح المالي والنقدي.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش