
تزايدت الشكاوى بين تجار ميناء المنطقة الحرة في عدن، بعد تعرُّض عشرات الحاويات التجارية لعمليات سرقة متكررة خلال عمليات التفتيش الجمركي، مما أسفر عن خسائر مادية فادحة، وفقاً لوثائق وبلاغات اطّلع عليها مرصد بقش.
وأصبح الأمر بالنسبة لعديد من التجار بمثابة “الظاهرة المكررة”، حيث تكررت عمليات النهب المنفذة بواسطة عمالة مؤقتة تعمل داخل الحوش الجمركي، وسط غياب الإجراءات الأمنية الفعّالة، مما دفع التجار إلى المطالبة علناً بتحركات عاجلة لوقف “الاستهداف المنظم” لممتلكاتهم.
ومن التجار من أكَّد أنَّ السرقات تتضمن استيلاءً على بضائع متنوعة من داخل الحاويات، بدءاً بالمواد الغذائية وحتى الأجهزة الإلكترونية، مع صعوبة تتبُّع المسروقات بسبب عدم وجود أنظمة مراقبة مُحكمة.
وأشاروا إلى أن هذه الحوادث “تدمر سمعة الميناء” الذي يُعتبر شرياناً حيوياً لاستيراد الكثير من احتياجات البلاد.
الردود الرسمية.. وعود غير مُجدية
عقب ضغوط إعلامية، تعهّد “محسن قحطان”، مدير جمارك ميناء عدن، بـ”تعزيز الإجراءات الأمنية ومراجعة آلية التعاقد مع العمالة اليومية”، مؤكداً سعيه لحماية حقوق التجار.
وقوبلت الوعود بتشكيك في جدية تنفيذها، خصوصاً مع استمرار البلاغات عن سرقات جديدة خلال الأيام الماضية، وفق مصادر داخل الميناء.
وتأتي هذه الوعود في الوقت الذي يطالب فيه القطاع الخاص بتقوية القنوات بين القطاع الخاص والجهات الحكومية الرسمية، لتوفير المستوى المفترض من حماية بيئة الأعمال والتجارة بمناطق الحكومة.
الانهيار الاقتصادي في عدن: عملة مُتداعية وأسعار تُحطم الأرقام القياسية
يحدث ذلك بينما تعاني عدن من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تبلورت بوضوح مع انهيار العملة المحلية أمام الدولار والعملات الأجنبية في عدن إلى أكثر من 2,300 ريال في السوق السوداء.
انهيار سعر الصرف أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع جنوني في أسعار المواد المعيشية الأساسية من الغذاء والدواء وحتى مواد البناء، بالتزامن مع اختفاء بعض السلع الأساسية من السوق وفقاً لمنظمات إغاثية أفادت بنقص حاد في الأدوية والحليب عالي الجودة حسب متابعات بقش، مع اعتماد 70% من السكان على المساعدات الإنسانية.
البطالة والفقر: وقود لأزمات اجتماعية
بلغت نسبة البطالة 65% بين الشباب، وفق إحصاءات محلية، فيما يعيش 85% من سكان عدن تحت خط الفقر، مما دفع بالكثيرين إلى مهن هامشية أو الهجرة. وأدى هذا الوضع إلى تفشي الجريمة المنظمة، التي يُعتقد أن بعض عصاباتها تقف خلف سرقات الميناء، وفق تحليلات أمنية.
ورغم الوعود الحكومية بتحسين الأوضاع، فشلت السلطات في إدارة الملف الاقتصادي، حيث انهارت الخدمات العامة مع انقطاع الكهرباء والمياه لأيام.
يضاف إلى ذلك تراجع الصادرات بنسبة 80% منذ 2022، بسبب توقف معظم المنشآت الإنتاجية، إلى جانب تضخم الدين العام إلى 150% من الناتج المحلي، مع اعتماد كامل على القروض الخارجية.
وحذّر اقتصاديون من أن استمرار الانهيار يحوّل المدينة إلى “دولة فاشلة”، خاصة مع تفشي الفساد إلى جميع مفاصل الحكومة وتقاعس الجهات الدولية الراعية لها عن الاستمرار في ضخ مساعدات عاجلة.
وفي قلب المشهد الكارثي، تبقى عدن معلقة بين فشل سياسي محلي وتجاهل دولي، فيما يدفع المدنيون ثمن أزمات لا يد لهم فيها، دون استجابة حقيقية لأصواتهم الاحتجاجية.