الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

الأسطوانة بـ14 ألف ريال.. أزمة غاز خانقة تعصف بعدن والإمدادات من مأرب معطلة

تشهد مدينة عدن وعدد من المحافظات المجاورة لها أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي مع دخول شهر رمضان المبارك، في الوقت الذي تغيب فيه الرقابة الرسمية على الأسعار ومحطات التوزيع.

وقفز سعر الأسطوانة الواحدة من 7,500 إلى نحو 14,000 ريال يمني (بزيادة تقارب 50%)، وسط شحة حادة في الإمدادات ناجمة عن قطاع قبلي في محافظة مأرب، ما تسبّب بقطع طرق نقل الغاز من منشأة صافر، المصدر الرئيسي لإنتاج الغاز المنزلي في اليمن، وفق ما ذكرته مصادر محلية.

وتصطف طوابير طويلة أمام مراكز التوزيع الرسمية التي تعجز عن تلبية الطلب، بينما يسيطر تجار السوق السوداء على الجزء الأكبر من المخزون، وتباع الأسطوانة بأسعار تفوق الضعف.

وفي حين يقضي المواطنون ساعات تحت الشمس للحصول على أسطوانة واحدة، فإن التجار المحتكرين يبيعون الغاز بأسعار تفوق راتب موظف حكومي، حسب توصيف وسائل الإعلام المحلية.

خلفية الأزمة: شبكات التهريب والاحتكار الأكثر جرأةً وانهيار البنية التحتية

تُعد منشأة صافر في مأرب -التي تديرها حكومة عدن- المصدر الرئيسي لإنتاج الغاز المنزلي في اليمن، بإنتاج يومي يصل إلى 20,000 أسطوانة. لكن سيطرتها الفعلية تقع في أيدي تحالفات قبلية تفرض “رسوم مرور” على شاحنات الغاز، مستغلةً الفراغ الأمني.

وخلال فبراير 2025، قطعت قبائل تابعة لأحد مشايخ المحافظة الطرق احتجاجاً على ما وصفته بأنه “توزيع غير عادل لعقود النقل”، وفق مصادر قبلية، ليتضح لاحقاً أن ذلك القطاع كان مجرد حلقة ضمن سلسلة طويلة ومعقدة لأخطر شبكة احتكار وتهريب لمادة الغاز المنزلي في اليمن.

ولا تزال فضيحة خزن الغاز واحتكاره والاتجار به وتهريبه إلى الخارج هي السبب الأساسي حالياً في أزمة الغاز التي تضرب عدن وباقي المحافظات الجنوبية، حيث لا يجد فيها المواطنون سبيلاً للحصول على الغاز المنزلي إلا عبر طوابير طويلة ومرهقة أمام محطات توزيع وتعبئة الغاز، دون أن يكون للجهات المختصة أي دور في ما يحدث.

وسبق لمرصد “بقش” نشر تفاصيل القضية التي أكدت افتعال أزمة الغاز على أيدي تجار ونافذين قاموا في العام الماضي بإنشاء عدد من محطات الخزن المركزية الضخمة في محيط محافظتي لحج وعدن، وعمدوا إلى تعبئة هذه المحطات، وافتعال قطاعات (مسلّحة) ممولة على مشارف مأرب وشبوة وأبين، واحتجاز الوارد من الغاز لأيام طويلة، لافتعال أزمة الغاز، ليأتي بعدها دور محطات الخزن المركزية الضخمة المملوكة لهؤلاء التجار لإنقاذ الوضع، بفارق سعر يصل إلى 5 آلاف ريال في الأسطوانة الواحدة.

ولاحقاً يتم رفع القطاع المسلّح، وتصل بعض الكميات للسوق، فيما يذهب جزء كبير منها للتجار الذين يعاودون عمليات التخزين مجدداً، وتختفي القطاعات المسلحة دون أي وساطة من أحد.

هذا يضاف أيضاً إلى عملية “تهريب” منظمة لمخزون المحافظات إلى دول مجاورة مثل الصومال وجيبوتي، ويتم التهريب عبر نقطتي إرسال بحريتين، الأولى عبر سواحل نشطون بمحافظة المهرة، والثانية عبر السواحل الفاصلة بين غرب عدن وباب المندب، وصولاً إلى جيبوتي.

تداعيات الأزمة: دخول رمضان وغياب الحلول

مع دخول شهر الصيام -الذي يشهد زيادة استهلاك الغاز بنسبة 40%- تتفاقم المخاوف من انفجار اجتماعي، في ظل أسعار جنونية، وحكومة غائبة.

من جهتها، أعلنت السلطات في عدن عن “مباحثات مع قيادات قبلية في مأرب”، لكن مصدراً في شركة الغاز بعدن -فضَّل عدم الكشف عن اسمه- أوضح: “الإمدادات انخفضت إلى 30% فقط من الاحتياجات اليومية”.

ومن خلال ما كُشف عنه مؤشراً، فإن أزمة الغاز في عدن ليست مجرد نقص في سلعة أساسية، بل مؤشر على انهيار حكومة لصالح تجار ومتنفذين واقتصاد حرب يطحن المواطن.

وفي السياق، تشهد المكلا أيضاً أزمة غاز خانقة مع بيع أسطوانة الغاز المنزلي بنحو 13 ألف ريال، تزامناً مع قطاع قبلي في شرق مأرب أوقف شحنات الغاز، وسط انعدام شبه تام للمادة في المراكز الرسمية بالمكلا، وصمتٍ رسمي من قبل الجهات المختصة، الأمر الذي ضاعف الضغط على الأسر المعتمدة على الغاز في احتياجاتها اليومية خصوصاً خلال شهر رمضان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى