الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

الاقتصاد اليمني في مأزق غذائي: تفاقم الأزمة وتراجع المساعدات يهددان الملايين

الاقتصاد اليمني | بقش

يُتوقع أن يواجه اليمن خلال الفترة (من أكتوبر 2025 حتى مايو 2026) مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي، تشمل ظهور نتائج الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC) والطوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف) في بعض المناطق.

سبب ذلك يعود إلى استمرار الصراع وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية العميقة، بما في ذلك ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية وانخفاض فرص توليد الدخل، وهو ما يجعل الأسر عاجزة عن تأمين غذائها واحتياجاتها الأساسية بانتظام، وفق اطلاع مرصد “بقش” على تقرير حديث لشبكة FEWS (نظام الإنذار المبكر بالمجاعة).

ورغم توقع تخفيف جزئي لانعدام الأمن الغذائي من نوفمبر إلى مايو 2026 نتيجة الغذاء الموسمي والدخل الموسمي، سيظل أكثر من ثلث السكان يعانون من فجوات في استهلاك الغذاء.

الوضع في مناطق الحكومتين

يتوقع التقرير تحقيق نتائج طارئة (المرحلة الرابعة) في محافظات واقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء، وهي: حجة، الحديدة، وتعز، مشيراً إلى أن العوامل المؤثرة تشمل تدمير البنية التحتية للموانئ وانقطاعات التجارة بسبب الصراع مع إسرائيل، وكذلك الفيضانات الأخيرة التي زادت من هشاشة الوضع الغذائي، وضعف الطلب على العمالة وانخفاض مصادر دخل الأسر، وتضرر محاصيل الحبوب والمحاصيل النقدية.

وتواجه الأسر الفقيرة عجزاً كبيراً في استهلاك الغذاء، ما يضعها في حالة طارئة من الأمن الغذائي.

أما في مناطق حكومة عدن فمن المتوقع أن تكون النتائج واسعة النطاق ضمن مرحلة الأزمة (المرحلة الثالثة).

وأشار التقرير إلى تنفيذ تدابير اقتصادية صارمة في أغسطس 2025 أدت إلى ارتفاع الريال اليمني في عدن، وخفض أسعار المواد الغذائية الأساسية. لكن هناك تحديات تشمل نقص العملة الصعبة والإيرادات العامة، ما تسبب بتأخيرات مستمرة في رواتب الموظفين الحكوميين.

وتعاني مناطق حكومة عدن، وفقاً للتقرير، من ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل عام، وانقطاع الخدمات العامة مثل الكهرباء الذي يحد من الأنشطة المدرة للدخل.

المساعدات الغذائية والإنسانية

في أكتوبر 2025، قدّرت الشبكة الاحتياجات الغذائية بين 15 و15.99 مليون شخص (40-45% من السكان).

أما في نوفمبر 2025 – مايو 2026، من المتوقع انخفاض الاحتياجات الغذائية نسبياً إلى 13–13.99 مليون شخص (35-40%) بفضل موسم حصاد الحبوب والمحاصيل النقدية الرئيسية، وارتفاع دخل الأسر الموسمي من مبيعات الماشية، والزكاة والهدايا خلال شهر رمضان وعيد الأضحى.

وفي مناطق حكومة صنعاء، لا يُتوقَّع وصول أي مساعدات غذائية إنسانية بسبب تعليق “برنامج الأغذية العالمي” لعملياته، وهو ما استنكرته حكومة صنعاء. إضافةً إلى التصنيف الأمريكي بالإرهاب.

أما المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة عدن، فمن المتوقع وصول المساعدات الغذائية إلى 3.4 مليون شخص أو أقل، طبقاً لقراءة بقش للتقرير.

تأثيرات اقتصادية مباشرة

استمرار الصراع يؤثر بشكل مباشر على القدرة الاقتصادية للأسر ويحد من قدرتها على الوصول إلى الغذاء. كما أن الفيضانات وتدمير البنية التحتية التجارية زادت من ضعف السوق المحلي وانخفاض الدخل.

ويخلص التقرير إلى أن الإجراءات الاقتصادية في مناطق حكومة عدن (التي بدأت عملياً في يوليو 2025 وظهرت نتائجها مع حلول أغسطس حسب متابعات بقش) خففت جزئياً من الأسعار لكنها لم تحل مشكلة انقطاع الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة.

وتوقعات المساعدات الغذائية منخفضة للغاية، خصوصاً في مناطق حكومة صنعاء، مما يزيد من مخاطر التدهور الإنساني.

ورغم التوقعات الموسمية الإيجابية (حصاد، مبيعات ماشية، زكاة)، ستظل نسبة كبيرة من السكان (تتراوح بين 35 و40%) بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية حتى مايو 2026.

بالنتيجة، يشير تحليل شبكة FEWS إلى أن اليمن يواجه مرحلة حرجة من الأمن الغذائي، مع احتمالية ظهور حالات طارئة في مناطق محددة.

والأزمة الاقتصادية المستمرة، وضعف القدرة الشرائية، وتدمير البنية التحتية، وانخفاض وصول المساعدات الإنسانية، كلها عوامل تجعل التحديات الإنسانية مستمرة ومعقدة، وتعتمد الحلول قصيرة المدى على دعم المساعدات الغذائية، بينما الحلول طويلة المدى تتطلب استقراراً سياسياً واقتصادياً شاملاً.

زر الذهاب إلى الأعلى