السعودية: انخفاض تاريخي لسهم أرامكو مع تصاعد الأعباء المالية وتراجع أسعار النفط

الاقتصاد العربي | بقش
يتراجع سهم شركة أرامكو السعودية العملاقة إلى أدنى مستوياته في تاريخ الشركة، حيث سجل السهم المدرج ضمن قطاع الطاقة في السوق الرئيسية، لأدنى سعر منذ مارس 2020 عند 23.70 ريال.
وتشهد أسهم شركة أرامكو تداولاً لافتاً بالقرب من أدنى مستويات السهم التاريخية عند 22.32 ريال، وهي أرقام تستدعي النظر فيها وتفسير جزء من أسبابها، حيث إن تداول سهم أرامكو بهذه المستويات يضع المستثمرين أمام لحظة حاسمة.
فشركة أرامكو لا تُعتبر مجرد شركة لإنتاج النفط، بل كيان اقتصادي عملاق وحجر زاوية في الاقتصاد العالمي، وتمتلك احتياطيات ضخمة وموارد مالية هائلة تمكنها من الصمود أمام تقلبات السوق وتحدياته.
وتشير البيانات التي اطلع عليها بقش إلى أن السعر الأسبوعي والشهري والسـنوي والأدنى خلال 50 و100 يوم، كلها تدور حول مستوى 24.05 ريال، وهذا التوافق يشير إلى استقرار السهم عند هذا المستوى المنخفض نسبياً على المدى القصير والمتوسط. وبلغ أدنى سعر تاريخي 22.32 ريال، والسعر الحالي 24.05 ريال، أي قريب جداً من هذا القاع التاريخي، ما يجعله نقطة محورية للمستثمرين.
ضغوط حادة… لماذا تهاوت الأسهم؟
أبرز العوامل وراء تراجع السهم، هي تراجع الأرباح والضغوط على السيولة النقدية، ففي البيانات التي اطلع عليها بقش، يشار إلى أن أرامكو سجلت انخفاضاً في أرباح الربع الثاني من العام 2025، بنسبة 22% إلى نحو 22.7 مليار دولار، وهو أقل من توقعات المحللين.
وتراجع التدفق النقدي الحر بنسبة تقترب من 20%، حيث بلغ 15.2 مليار دولار فقط. ورغم الانخفاض في الأرباح، قررت الشركةُ المحافظةَ على توزيعات أرباح تقدر بـ 21.3 مليار دولار للربع، وهو ما شكل ضغطاً إضافياً على مواردها.
كما يُعد اللجوء إلى الاقتراض لتغطية الأرباح من عوامل الضغوط على الشركة، إذ اضطرت الشركة إلى إصدار سندات لتغطية الفرق بين التدفقات النقدية وتوزيعات الأرباح، حيث بلغ إجمالي الاقتراض 92.9 مليار دولار، وارتفع مؤشر المديونية (gearing) إلى 6.5% مقارنة بـ -0.3% في العام السابق، و5.3% في الربع السابق.
ومنذ الطرح الأولي في 2019، سجلت أرامكو أقل أداء بين النفطيات الكبرى، بعائد إجمالي لا يتجاوز 16%، مقارنة بـ أكثر من 50% لشركات مثل إكسون موبيل وشيفرون وشل.
كما أن أسعار النفط العالمية ليست في صالح أرامكو، فمتوسط سعر الربع الثاني بنحو 66.7 دولاراً للبرميل، ينخفض عن حوالي 85 دولاراً المسجل قبل عام.
ويُضاف إلى ذلك زيادة إنتاج تحالف “أوبك+” وتراجع الطلب، مما زاد الضغوط على أسعار النفط، وهو ما أثر سلباً على أرباح الشركة. كما أن شركة أرامكو لم تكن بمنأى عن التأثيرات السياسية والإقليمية، إلى جانب التأخر في تنويع الاستثمارات الذي تسعى إليه الحكومة السعودية، وسط التحديات المالية المحدقة بالمملكة واستمرار حركة الاقتراض للإيفاء بالتزامات المشاريع وعلى رأسها مدينة “نيوم”.
وتعتمد الدولة السعودية على أرباح شركة أرامكو لدعم مشاريع رؤية 2030، ما يجعل أي تراجع في العوائد يشكل تهديداً للموازنات الحكومية. وتشير قراءة بقش إلى أن مشروع نيوم واستضافة كأس العالم 2034 في السعودية، إلى جانب توزيع الأرباح الضخمة، تزيد الأعباء المالية.
وكل ذلك يُضاف إلى تراجع الحماسة من “وول ستريت”، فالمستثمرون الأمريكيون يُظهرون فتوراً تجاه السهم، في حين أن الواقع يعكس ضعفاً في الأداء بالفعل.
وتخلص قراءة بقش للمشهد برمته إلى أن شركة أرامكو تمر بضغوط نتيجة عدد من العوامل أبرزها انخفاض التدفق النقدي والتراجعات في الأرباح وتراجع التدفقات النقدية، وضعف الأداء، وتدني سعر النفط، ووجود ضغوط داخلية تمويلية لتلبية طموحات الدولة السعودية، وضعف ثقة المستثمرين بما في ذلك المستثمرون الأمريكيون في وول ستريت.
وبالنتيجة، يعود تراجُع سهم أرامكو إلى توازن هش بين انخفاض الإيرادات، والضغوط الاقتصادية، والاعتماد على توزيعات مرتفعة، ومستويات دين متزايدة، وسط غياب زخم تسويقي قوي من المستثمرين العالميين.