الاقتصاد العالميمنوعات
أخر الأخبار

الصين تزيد بريقها الاستثماري بفضل الذكاء الاصطناعي.. والهند تفقد جاذبيتها أمام “ثورة التكنولوجيا”

في تحول جيوسياسي مالي، تعيد الصين كتابة قواعد جذب الاستثمارات العالمية عبر بوابة الذكاء الاصطناعي، مستفيدةً من الصعود المُذهل لشركة “ديبسيك” (DeepSeek) التكنولوجية، بينما تواجه الهند موجة هروب تاريخية لرؤوس الأموال وسط مخاوف من فقاعة تقييمات الأسهم وتباطؤ النمو.

وفقاً لتحليل لوكالة بلومبيرغ، اطلع عليه مرصد بقش، أضافت الأسواق الصينية 1.3 تريليون دولار إلى قيمتها السوقية في يناير 2024، بينما خسرت الهند 720 مليار دولار في الفترة نفسها، في إشارة إلى تحوّل استثماري غير مسبوق من مومباي إلى شنغهاي.

الصين تعيد الهيمنة: “ديب سيك”.. القاطرة التكنولوجية إلى القمة
بات مؤشر MSCI الصيني على أعتاب التفوق على نظيره الهندي للشهر الثالث على التوالي، في أطول سلسلة تفوق منذ عامين، مدعوماً بطفرة استثمارية في قطاع التكنولوجيا الصيني، الذي أعاد اكتساب ثقة المستثمرين بعد سنوات من الحملات التنظيمية القاسية.

جاء هذا التحول بعد إطلاق “ديب سيك” نموذجاً ثورياً في الذكاء الاصطناعي أواخر يناير، تسبب في إثارة ضجة عالمية وإرباك الأسواق الأمريكية، حيث انخفضت أسهم كبرى الشركات التكنولوجية مثل “نفيديا” و”ميتا” بنسب قياسية خلال جلسة تداول واحدة.

ويرى محللون أن نجاح “ديب سيك” لم يقتصر على إثبات قدرة الصين على المنافسة في الذكاء الاصطناعي فحسب، بل أعاد تصويرها كـ”منارة للابتكار” في نظام التكنولوجيا العالمي. ويقول كين وونغ، مدير محفظة الأسهم الآسيوية في “إيست سبرينغ إنفستمنت”: “أظهرت الصين أنها تمتلك شركات قادرة على لعب دور محوري في الثورة التكنولوجية القادمة”، مشيراً إلى أن شركته زادت استثماراتها في الصين على حساب الهند، حيث تجاوزت تقييمات الأخيرة الحدود المعقولة.

الهند: من “بديل التصنيع” إلى ضحية الفقاعة
على النقيض، تخسر الهند مكانتها كـ”البديل الآمن” للصين، بعد أن اجتذبت استثمارات هائلة خلال السنوات الماضية بفضل خططها الطموحة للبنية التحتية ومبادرات “صنع في الهند”. لكن تباطؤ أرباح الشركات، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وتضخم تقييمات الأسهم – التي تُقدّر بأكثر من 22 ضعف الأرباح مقارنة بـ12 ضعفاً في الصين – دفعت المستثمرين إلى الهروب نحو الفرص الأكثر جاذبية في الشرق.

تشير تقارير إلى تحول استراتيجي في سياسة بكين، التي بدأت تستبدل حملاتها السابقة ضد قطاع التكنولوجيا بدعم مكثف للابتكار، حيث استضاف كبار القادة الصينيين – مؤخراً – رواد أعمال بارزين مثل جاك ما مؤسس “علي بابا”، في خطوة تُفسر كمحاولة لتحفيز الثقة واستعادة الزخم الاستثماري.

وكشف تحليل بلومبيرغ لبيانات صناديق الأسهم الآسيوية الكبرى عن اتجاه واضح خلص إلى أن 80% من الصناديق خفضت تعرضها للهند خلال الربع الأخير، في حين أن 65% زادت استثماراتها في الصين، خاصة في قطاعات الذكاء الاصطناعي والرقمنة.

وبحسب بلومبيرغ، قال “فيفيك دهاوان”، مدير صندوق في “كاندريام للاستثمار”: “عندما تزن المخاطر مقابل العوائد، تصبح الصين خياراً أكثر منطقية اليوم”.

رغم التفاؤل الحذر، يرى خبراء مثل أندرو سوان من “مان غروب” أن تعافي الصين الكامل مرهون بإعلانات تحفيزية جديدة من الحكومة، بينما تحتاج الهند إلى إصلاحات جذرية لاستعادة ثقة المستثمرين، في معركة اقتصادية تُحدد مصير القوة الآسيوية الأكثر جذباً لرأس المال خلال العقد المقبل.

بينما تلوح الصين ببطاقة “الذكاء الاصطناعي” لاستعادة عرشها الاستثماري، تواجه الهند اختباراً مصيرياً في إثبات أنها ليست مجرد “فقاعة تقييمات”. المعركة لم تُحسم بعد، لكن المؤشرات المبكرة تُظهر أن التكنولوجيا قد تكون السلاح الأقوى في حرب الاستثمارات الآسيوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى