أخبار الشحن
أخر الأخبار

الميناء الإسرائيلي بين العجز والإفلاس.. إيلات يطلب من واشنطن ومصر التدخل في أزمة البحر الأحمر

أخبار الشحن | بقش

منذ اندلاع أزمة البحر الأحمر أواخر عام 2023، إثر تصاعد هجمات قوات صنعاء على السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إليها، يعيش ميناء إيلات الإسرائيلي حالة شلل شبه تام، فالميناء -وهو المنفذ البحري الوحيد للاحتلال على البحر الأحمر- أُغلق فعلياً منذ نوفمبر 2023، بعد أن أصبحت شركات الشحن العالمية ترفض المرور عبر البحر وقناة السويس خشية الاستهداف.

ورغم إعلان الحوثيين في منتصف أكتوبر الجاري وقف الهجمات المباشرة على إسرائيل “ما دام اتفاق غزة قائماً”، إلا أنهم لم يعلنوا صراحةً وقف استهداف السفن العابرة، وهو ما أبقى الميناء في عزلة اقتصادية خانقة.

وفي آخر مستجدات الميناء التي يتابعها مرصد “بقش”، نشرت صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية أنّ مسؤولين في ميناء إيلات تقدّموا بطلب إلى السفارة الأمريكية لإدراج قضية “قناة السويس” ضمن الاتفاقية الموقعة برعاية ترامب، كما يسعى الميناء للتواصل مع مصر بشأن الشحن، ويأمل الميناء أن يتعاون المصريون مع الدول العربية والولايات المتحدة للضغط على الحوثيين وإقناعهم برفع الحصار عن الميناء.

وربما يسعى الإسرائيليون -من خلال فتح قناة تواصل غير مباشرة مع القاهرة- إلى محاولة استغلال خسائر قناة السويس للضغط على مصر، عبر الإيحاء بأن تراجع الإيرادات المصرية مرتبط باستمرار هجمات الحوثيين، ما قد يدفع القاهرة للتحرك بما يخدم المصلحة الإسرائيلية.

ويوم الجمعة الماضي، أعلنت مصر أنها تكبدت خسائر تزيد على 9 مليارات دولار من إيرادات قناة السويس، منذ بداية هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، ما يمثل أكثر من 60% من إيرادات القناة، وفق اطلاع بقش للبيانات المصرية.

وتأتي تحركات ميناء إيلات هذه عقب الإعلان المصري المتجدد عن خسائر قناة السويس، إذ تريد إدارة الميناء وضع حل بأي طريقة لوضع الميناء المتوقف غير المسبوق، فمنذ بداية عام 2024 لم تقترب السفن الأوروبية من قناة السويس، كما لم تدخل سيارة واحدة وفق التقارير التي تتبَّعها بقش منذ ذلك الوقت.

موقف حذر محتمل لواشنطن

تشير الوقائع التي حدثت في البحر الأحمر، وما تلاها من حملة عسكرية على اليمن ثم اتفاق بين واشنطن وسلطة صنعاء، إلى أن واشنطن ستتعامل بحذر مع الأزمة البحرية.

ومن غير المرجّح أن تتبنّى واشنطن علناً مطلب ميناء إيلات بالضغط على مصر أو بالتفاوض المباشر مع الحوثيين، لأنها، وفق التقديرات، لا تريد أن تظهر كأنها تدافع عن مصلحة إسرائيل الاقتصادية على حساب الاستقرار الإقليمي، خاصة بعد توقيع اتفاق غزة الذي تسوّقه واشنطن كـ”إنجاز سلام”.

ويعني ذلك أن واشنطن ستتفاعل لكن في الكواليس وليس في العلن. وقد تلجأ واشنطن إلى قنواتها الاستخباراتية والعسكرية في المنطقة، وخصوصاً عبر القيادة الوسطى الأمريكية (CENTCOM) الموجودة في البحرين، التي تتابع أمن الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن.

كما قد تلجأ إلى التنسيق مع القاهرة والرياض وأبوظبي لتشكيل مظلة ضغط غير مباشرة على حكومة صنعاء. وحسب قراءة بقش، ربما لن يكون التحرك بدافع إنقاذ ميناء إيلات تحديداً، بل سيُقدَّم في إطار أوسع هو “ضمان حرية الملاحة الدولية”، كي لا يبدو منحازاً لإسرائيل بشكل فاضح.

ورغم أن البحرية الأمريكية كثفت وجودها في البحر الأحمر منذ أواخر 2023، إلا أن إدارة ترامب ترفض التورط في عمليات عسكرية مباشرة ضد الحوثيين ما دامت تهدد الملاحة ولا تستهدف القوات الأمريكية نفسها، لذا فمن غير المتوقع أن تستجيب لمطلب إيلات بالتحرك العسكري أو الميداني المباشر، لأن ذلك حسب التقديرات قد يُعيدها إلى مستنقع اليمن.

وبناءً على التجارب السابقة، يُمكن القول إن ردة فعل واشنطن ستكون باردة دبلوماسياً، وفاعلة أمنياً خلف الستار.

الخسائر والانهيار المالي

حسب التقارير الإسرائيلية، وأبرزها من كالكاليست، فإن إيرادات ميناء إيلات انهارت بنسبة 80% خلال عام واحد، ما أدى إلى عجز مالي كبير تراكمت معه الديون لصالح بلدية إيلات وهيئة الموانئ.

وفي يوليو 2025، أعلنت وزارة المواصلات الإسرائيلية رسمياً أن الميناء سيتوقف عن العمل كلياً، بعد الحجز على حساباته البنكية بسبب الديون، وعدم قدرته على تغطية النفقات التشغيلية.

وكانت الحكومة الإسرائيلية حوّلت 15 مليون شيكل (4.5 ملايين دولار) في محاولة لإنقاذ الميناء مؤقتاً، إلا أن المبلغ لم يكن كافياً سوى لتسديد الضرائب وأجور محدودة حسب متابعة بقش ردود فعل إدارة ميناء إيلات.

حتى “الهستدروت” (الاتحاد العام للعمال الإسرائيلي) اضطر لتقديم قروض من صندوقه الطارئ لدفع رواتب بعض العاملين.

وبذلك، يمكن القول إن ميناء إيلات دخل عملياً مرحلة الإفلاس الإداري والتشغيلي، في سابقة لم تشهدها الموانئ الإسرائيلية منذ التأسيس.

هذا ويُستخدم ميناء إيلات عادة لاستيراد السيارات والأدوية والسلع الاستهلاكية وتصدير الفوسفات أيضاً إلى الصين والهند. ومع تعطله الكامل بسبب هجمات قوات صنعاء، توقفت حركة التصدير إلى آسيا تقريباً، وأصبحت إسرائيل تعتمد على الموانئ المتوسطية في موانئ “حيفا” و”أشدود”، ما يضاعف تكاليف النقل ويطيل زمن الشحن.

وأدت الأزمة البحرية وتجنب المرور عبر البحر الأحمر، إلى تحول مسارات الشحن نحو رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، ما زاد مدة الرحلات بين آسيا وأوروبا بنحو 10 إلى 14 يوماً، وقد انعكس ذلك على أسعار النقل والتأمين العالمية، وأصاب سلاسل التوريد باضطرابات مشابهة لتلك التي شهدها العالم خلال جائحة كورونا.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش