بعد 4 تخفيضات متتالية.. صندوق النقد يرفع توقعاته للاقتصاد السعودي مدفوعاً بثلاث قوى رئيسية

الاقتصاد العربي | بقش
في انعطافة بارزة، عدّل صندوق النقد الدولي نظرته للاقتصاد السعودي، رافعاً توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للعامين 2025 و2026، بعد أربعة تخفيضات متتالية، مشيراً إلى انتعاش متوقع في عائدات النفط وتوسع متسارع في القطاعات غير النفطية.
وبحسب تحديث يوليو لتقرير “آفاق الاقتصاد العالمي”، يتوقع الصندوق أن يسجل الاقتصاد السعودي نمواً بنسبة 3.6% هذا العام، مقارنة بـ3.0% في توقعات أبريل الماضي، وهو ما يتجاوز أيضاً تقديرات بعثة الصندوق الرسمية التي زارت المملكة في يونيو وقدرت النمو بـ3.5%.
أما في 2026، فيتوقع التقرير تسارع النمو إلى 3.9%، في ضوء تعافي تدريجي للإنتاج النفطي، واستمرار ارتفاع الأسعار العالمية، إلى جانب زخم استثماري في القطاع غير النفطي تقوده مشاريع القطاع الخاص، والإنفاق الحكومي المرتبط برؤية السعودية 2030.
وأشار التقرير إلى أن قرار تحالف “أوبك+” بإلغاء التخفيضات الطوعية للإمدادات النفطية اعتباراً من مايو الماضي، ساهم في تعزيز فرص نمو الإيرادات، خاصة مع رصد زيادة في إنتاج المملكة بلغت نحو 240 ألف برميل يومياً خلال يونيو.
كما رجّح الصندوق أن يبلغ متوسط سعر البرميل خلال العام الجاري نحو 68.18 دولاراً، بارتفاع عن التوقعات السابقة البالغة 66.9 دولاراً، مع استمرار الارتفاع فوق حاجز 64 دولاراً حتى عام 2026، وهو ما يُعزز الإيرادات السيادية.
الاقتصاد غير النفطي يتصدر المشهد
ورغم مساهمة العوائد النفطية في تحفيز النمو، إلا أن صندوق النقد أكد أن التحول الهيكلي في بنية الاقتصاد السعودي بدأ يُعطي ثماره. وسجل الناتج المحلي غير النفطي نمواً بنسبة 4.4% خلال 2024، وسط مؤشرات رسمية على استمراره بوتيرة مماثلة أو أعلى خلال العام الحالي.
وكان وزير المالية “محمد الجدعان” قد صرّح في مقابلة سابقة أن الاقتصاد غير النفطي يمضي بثقة نحو تعزيز مساهمته في الناتج المحلي، فيما توقّع وزير الاقتصاد والتخطيط “فيصل الإبراهيم” نمواً بأكثر من 6% للقطاعات غير النفطية بحلول 2026.
أثر إقليمي لزخم الاقتصاد السعودي
التحسن في التوقعات السعودية انعكس على مستوى الإقليم، إذ دفع بصندوق النقد إلى رفع تقديراته لنمو اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 3.2% هذا العام، مقارنة بـ2.6% في تقديرات أبريل، في تطور عَزاه التقرير إلى قوة الدفع الاقتصادية القادمة من الرياض.
رغم أن توقعات صندوق النقد لا تزال دون تقديرات وزارة المالية السعودية، التي توقعت نمواً عند 4.6% في 2025، إلا أن التقارب في الاتجاهات يعكس تناغماً متزايداً بين السياسات الاقتصادية السعودية وتطلعات المؤسسات الدولية.
وكان صندوق النقد قد أوصى، في تقرير سابق صدر عن بعثته في يونيو، بضرورة تعزيز الإيرادات العامة من خلال تحسين كفاءة النظام الضريبي، وتقليص دعم الطاقة بشكل تدريجي، وترشيد الإنفاق الحكومي، بما يضمن الاستدامة المالية دون الإضرار بمعدلات النمو.