الأقل منذ عام 2018 | هل يساهم الدعم السعودي الجديد بنصف مليار دولار في تحسين العملة والوضع الاقتصادي؟

في الوقت الذي تعاني فيه العملة المحلية من أسوأ حالاتها في مناطق #حكومة_عدن، أعلنت #السعودية عن دعم مالي جديد بقيمة 500 مليون دولار، منها 300 مليون دولار كوديعة جديدة لبنك #عدن المركزي، و200 مليون دولار دفعة رابعة من المنحة السعودية لدعم رواتب الموظفين ونفقات التشغيل.
وكالة الأنباء السعودية “واس” ذكرت في تقرير اطلع عليه بقش أنّ الوديعة الجديدة بقيمة 300 مليون دولار في البنك المركزي تأتي تحسيناً للوضعين الاقتصادي والمالي، وأن الدفعة الرابعة بمبلغ 200 مليون دولار تأتي دعماً لمعالجة عجز الموازنة اليمنية من إجمالي 1.2 مليار دولار، عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وذلك لدعم مرتبات وأجور ونفقات التشغيل ولتعزيز الأمن الغذائي في اليمن، ومساعدة الحكومة في تنفيذ برنامج الإصلاحات الاقتصادية.
كما اعتبر السعوديون أن دعمهم الاقتصادي يهدف إلى “إرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في اليمن، وتعزيز وضعية المالية العامة، وتنمية وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، وتعزيز حوكمتها وشفافيتها، وتمكين القطاع الخاص من دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام، وخلق فرص العمل، بما يؤدي إلى وضع الاقتصاد في مسار أكثر استدامة، ودفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
تقول #الرياض أيضاً إن الودائع السعودية السابقة أثّرت إيجاباً برفع احتياطيات النقد الأجنبي في بنك عدن المركزي، وانخفاض أسعار الصرف ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وأسهمت في خفض أسعار الوقود والديزل وانخفاض أسعار السلع الغذائية المستوردة، في حين يرى اقتصاديون يمنيون أن الوضع الاقتصادي اليمني آخذ في التدهور بسبب سوء الإدارة الحكومية وممارسات الفساد التي تؤكد التقارير الحكومية وجودها.
وسبق واتُّهمت الحكومة من قبل خبراء مراقبة العقوبات على اليمن بعمليات فساد وغسل للأموال رافقت تنفيذ الوديعة السعودية المقدمة في 2018، وتم تنفيذ مخطط معقد لغسل الأموال أدرَّ على تجارٍ مكاسبَ بلغت قيمتها نحو 423 مليون دولار، وهو ما نفاه بنك عدن المركزي.
ويشار إلى أن المملكة كانت قد قدمت أيضاً منحاً للمشتقات النفطية لتشغيل قرابة 80 محطة لتوليد الكهرباء في محافظات حكومة عدن، إلا أن أزمة الكهرباء لم تتراجع وأخذت تتفاقم حتى وصول ساعات انقطاع التيار الكهربائي إلى أكثر من 20 ساعة في عدد من المناطق.
من جهتها أثنت حكومة عدن على السعودية، واعتبر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي أن الدعم الاقتصادي السعودي “يمثل التزاماً قوياً بدعم تطلعات اليمنيين”، في حين رأى رئيس وزراء حكومة عدن، أحمد بن مبارك، أن الدعم يمثل فرصة لتمكين الحكومة من “دفع مرتبات الموظفين وإيقاف التدهور في سعر العملة، فضلاً عن المضي بإصرار في برنامج الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد”.
أما محافظ بنك عدن المركزي، أحمد غالب، فقال إن “هذه الدفعة من الدعم جاءت في ظروف اقتصادية حرجة واستثنائية لتسهم في تخفيف حدة الأزمة وتعيد بعض التوازن للقطاع المصرفي”، وأشار إلى أن هذا الدعم سيسهم في تلبية الاحتياجات الضرورية والالتزامات الحتمية للدولة وفي مقدمتها دفع رواتب الموظفين.
نصف المليار: “مبلغ مهين” و”مجرد مسكّن”
انتقد خبراء اقتصاديون الإعلان السعودي عما وصفوه مبلغاً زهيداً لا يستوعب حجم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في محافظات الحكومة.
من عدن، يقول الخبير الاقتصادي “ماجد الداعري” في تصريحات لـ”بقش” إن الدعم السعودي الجديد هو “دعم إعلامي لا أكثر، ولا يكفي حتى لصرف كامل مرتبات الأشهر المعلقة، وصرف ديون مستحقات تجار الطاقة المشتراة (الخاصة) ومورّدي الوقود”.
ويصف الداعري مبلغ النصف مليار دولار (الذي يشمل 300 مليون دولار كوديعة) بأنه “مبلغ مهين” لا يمكن أن يُحدث أيَّ تحسُّن أو استقرار في صرف العملة المحلية، موضحاً: “نحن بحاجة ماسة إلى 5 مليارات دولار على الأقل كاحتياطي نقدي للبنك المركزي، وإعادة تصدير النفط والغاز وجمع كافة موارد الدولة والتقشف وإيقاف المرتبات بالدولار لكبار المسؤولين التي ستذهب إليهم الوديعة أيضاً”.
ويشير رئيس تحرير موقع مراقبون برس، إلى الحاجة لتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة وهيئة مكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين، وكذلك “استعادة الأموال المنهوبة بكل الطرق، وإلا فلن تفيدنا أي منح او دعم أو ودائع ولو وصلت إلى عشرات المليارات من الدولارات” حد تعبيره.
من جانبه يرى المحلل والصحفي الاقتصادي رشيد الحداد، أن الدعم السعودي “المشروط بالأساس بإجراء إصلاحات اقتصادية من جانب الحكومة” لن يكون له أثر إيجابي بدليل أنه لم يؤثر إيجاباً على العملة المحلية منذ إعلان السعودية مساء أمس الجمعة.
“والمتعارف عليه اقتصادياً أنه في حال الإعلان عن وديعة جديدة لدعم الاقتصاد فإنّ الإعلان يسهم بشكل إيجابي ويحسن سعر الصرف، وينعكس إيجاباً على أسعار المواد الغذائية والأساسية، لكن لم نلمس أي أثر إيجابي مباشر للإعلان السعودي عن الدعم”، يقول الحداد في حديثه لـ”بقش”.
ولا تزال أسعار الصرف عند أكثر من 2050 ريالاً للدولار في محافظات حكومة عدن دون تحسُّن يُذكر.
لذلك يَعتبر الحداد أن الأثر الإيجابي للدعم منعدم، إضافةً إلى أن الشروط السعودية تصطدم بواقع مغاير لما يتم الإعلان عنه من قبل الحكومة، خصوصاً ما يتعلق بالسيطرة وبقدراتها على استعادة الإيرادات العامة للدولة وبقدراتها على تحسين الموارد في محافظاتها.
ووفق تعبيره فإن هذا الدعم السعودي الجديد بأنه قد يكون بمثابة “مسكّن” لأزمة اقتصادية في محافظات الحكومة التي تعاني من خلل بنيوي كبير في البنية الاقتصادية، والناجم عن ضعف الحكومة وضعف سيطرتها ونطاق سلطتها المالية والنقدية، مضيفاً أن “من لا يملك السيطرة الحقيقية على الواقع لا يستطيع تمرير أي سياسات نقدية ومالية”.
كما أن هذا الدعم هو “الأقل منذ عام 2018 حتى الآن” حسب حديث الحداد، وقد تم تقسيمها إلى نطاقين، الأول يتعلق بدعم الموازنة والثاني كوديعة للبنك، فيما لا تزال الآليات الحقيقية لعملية الصرف غامضة حتى الآن.
حيث “لم يتم التأكيد على أن الجانب السعودي قد قام بتحويل الأموال لحسابات البنك المركزي بعدن، أو حسابات البنك في الخارج، حتى يتم التصرف بها من قبل المركزي، ولا تزال الأموال تحت وصاية البنك المركزي السعودي” وفقاً للحداد.
ويختتم حديثه لـ”بقش” بالقول إنه خلال الفترة الماضية كان هناك ضغوط سعودية على الحكومة فيما يتعلق باتخاذ إجراءات اقتصادية حقيقية تسهم في رفع معدل الإيرادات العامة للدولة في هذه المحافظات، وبناء على هذه الشروط والمطالب شُكلت لجنة لترجمة هذه الشروط لكن اللجنة على الواقع -بعضوية محافظ بنك عدن المركزي ووزير المالية- لم تسهم في إحداث إصلاحات اقتصادية حقيقية خصوصاً مع تقاسُم الإيرادات الخارجة عن سيطرة الحكومة من قبل مراكز القوى العسكرية والمدنية.