تقارير
أخر الأخبار

ترامب بين الاقتصاد والاستثمارات.. استطلاعات رأي تستعرض هزائم الرئيس الأمريكي

تقارير | بقش

عاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دائرة الضوء ليس فقط على الصعيد السياسي، بل أيضاً في أسواق المال والاقتصاد الأمريكي، حيث تكشف سلسلة من الدراسات والاستطلاعات التي تابعها “بقش” عن واقع اقتصادي معقد يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه إدارته، وكذلك فرص الربح والخسارة الكبيرة التي صاحبت عودته إلى البيت الأبيض.

أظهرت ستة استطلاعات رأي وطنية، أُجريت خلال نوفمبر وديسمبر 2025، أن ترامب يواجه تراجعاً ملموساً في رضا الجمهور عن أدائه الاقتصادي. فقد أشار استطلاع لوكالة أسوشيتد برس إلى أن نسبة الأمريكيين الذين يوافقون على تعامل ترامب مع الاقتصاد بلغت 31% فقط، بانخفاض عن 40% في مارس، وهو أدنى معدل تأييد اقتصادي يسجَّل خلال ولايته الأولى أو الثانية. كما أظهر الاستطلاع أن الدعم بين الجمهوريين انخفض من 78% إلى 69%، ما يشير إلى تصدعات واضحة داخل قاعدة مؤيديه.

من جهته، أظهر استطلاع فوكس نيوز أن 76% من الناخبين يقيمون الاقتصاد الأمريكي بشكل سلبي في عهد ترامب، مقارنة بـ70% في نهاية إدارة بايدن، بينما ألقى الناخبون باللوم على ترامب بنسبة ضعف ما أُلقي على بايدن (62% مقابل 32%). كما كشف استطلاع NBC News وفق اطلاع بقش أن نسبة تأييد ترامب الإجمالية بلغت 42% مقابل 58% لعدم التأييد، مع انخفاض التأييد بين الجمهوريين المؤيدين له بمقدار ثماني نقاط منذ أبريل، بسبب المخاوف الاقتصادية المستمرة مثل التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.

استطلاعات أخرى، مثل رويترز/إيبسوس، أظهرت أن القدرة على تحمل التكاليف لا تزال تشكل تحدياً رئيسياً، حيث بلغت نسبة تأييد ترامب في هذا المجال 31% فقط، على الرغم من الزيادة الطفيفة عن الشهر السابق.

أما استطلاع مجلة الإيكونوميست/يوغوف، فأوضح أن صافي نسبة تأييد ترامب الاقتصادية يبلغ -16%، مع شعور واسع بـ”استياء شديد” من التضخم ومعدلات الأسعار، في حين أظهر استطلاع هارفارد كابس/هاريس أن 59% من الناخبين يعتبرون القدرة على تحمل التكاليف مصدر قلقهم الأكبر، على الرغم من ارتفاع نسبة التأييد العامة إلى 47%.

تصريحات البيت الأبيض وردود ترامب

البيت الأبيض، ممثلاً بالمتحدث كوش ديساي، شدد على أن الإدارة تواجه آثار الأزمة الاقتصادية السابقة التي خلفتها إدارة بايدن، وأن كل إجراء اتخذته إدارة ترامب منذ اليوم الأول يهدف إلى إعادة خلق فرص العمل وزيادة الأجور والنمو الاقتصادي.

من جهته، نشر ترامب على منصته “تروث سوشيال” منشوراً طالب فيه بالاعتراف بما وصفه بـ”عظمة الاقتصاد الأمريكي” الذي بناه، على الرغم من التضخم المرتفع والضغوط الاقتصادية على المواطنين.

في المقابل، دعت قيادات ديمقراطية مثل كيندال ويتمر إلى التركيز على الانعكاسات السلبية لسياسات ترامب على القدرة على تحمل التكاليف، وارتفاع أسعار الغذاء والرعاية الصحية، مؤكدة حسب قراءة بقش أن الأسر الأمريكية العادية تعاني من ضغوط متزايدة، بينما تصر الإدارة على سياساتها الاقتصادية الحالية.

الأسواق المالية: انتعاشات وهزائم

إلى جانب الاستطلاعات، شهدت الأسواق المالية تحركات كبيرة مرتبطة بعودة ترامب. فقد ارتفعت أسهم شركات ومنصات مرتبطة بعائلة ترامب، مثل “تروث سوشيال”، التي تضاعف سعر سهمها ثلاث مرات قبل الانتخابات، إلا أنها انهارت لاحقًا بنسبة 80%، لتصل قيمتها السوقية إلى أقل من 3 مليارات دولار، بعد أن كانت تُقدر بـ11 مليار دولار قبل الانتخابات.

كما شهدت عملات “Trump meme coin” و”Melania meme coin” خسائر فادحة بلغت 88% و99% على التوالي، فيما تراجعت أسهم مشاريع أخرى مثل American Bitcoin وWorld Liberty Financial، بالإضافة إلى انخفاض أسهم شركات السجون الخاصة رغم توقعات زيادة الطلب نتيجة تشديد سياسات الهجرة.

في المقابل، شهدت أسهم الدفاع والفضاء الأوروبية ارتفاعًا يزيد عن 70% بفضل ضغوط ترامب على حلفاء الناتو لزيادة الإنفاق الدفاعي، وارتفع سعر البيتكوين من 63,000 دولار نهاية سبتمبر 2024 إلى نحو 90,000 دولار، مدفوعًا بتوقعات ترامب بدعم العملات الرقمية.

وتوضح هذه البيانات التي تتبّعها بقش التناقضات الكبيرة بين السياسة والشعب والأسواق المالية، فبينما يحاول ترامب تسويق نفسه كرائد اقتصادي يعيد الولايات المتحدة إلى مسار النمو والازدهار، تكشف استطلاعات الرأي استمرار استياء المواطنين من التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، وهو ما يضع الإدارة أمام اختبار صعب قبل انتخابات التجديد النصفي لعام 2026.

أما على صعيد الأسواق، فقد أظهرت رهانات المستثمرين المتفائلة أحيانًا نتائج كارثية، كما حدث مع شركات ومنصات عملات الميم، بينما حققت بعض الاستثمارات المدروسة أرباحاً كبيرة في مجالات الدفاع والفضاء والعملات الرقمية، وهذا المزيج من المكاسب والخسائر يعكس الطبيعة المعقدة للتوقعات الاقتصادية والسياسية المرتبطة بعودة ترامب للسلطة.

تحديات مستقبلية

مع استمرار التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية، يشكل الاستياء الشعبي والضغوط الاقتصادية عامل خطر على الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة.

كما أن الانقسامات داخل قاعدة دعم ترامب قد تؤثر على الاستراتيجية الانتخابية، في حين يواصل البيت الأبيض تعزيز رسائله بشأن انخفاض التضخم ورفع الأجور، في محاولة لاستعادة ثقة الجمهور، وفق التحليلات التي اطلع عليها بقش.

في النهاية، يبدو أن ترامب يقف على مفترق طرق اقتصادي وسياسي، حيث تتقاطع رهانات السوق مع الواقع الشعبي، وتبرز الحاجة إلى استراتيجيات دقيقة ومرنة لإدارة الاقتصاد وإعادة الثقة في الإدارة، مع ضمان أن المكاسب السياسية لا تأتي على حساب رفاهية المواطن الأمريكي.

زر الذهاب إلى الأعلى