الاقتصاد العربي
أخر الأخبار

رغم نمو الصادرات.. العجز التجاري في مصر يقفز إلى 50 مليار دولار في 2024

الاقتصاد العربي | بقش

أظهرت بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن العجز التجاري لمصر ارتفع بنسبة 20.2% على أساس سنوي في عام 2024، ليسجل 50 مليار دولار مقارنة بنحو 41.6 مليار دولار في 2023. وجاء هذا الارتفاع رغم زيادة الصادرات بنسبة 6.5% إلى 45.3 مليار دولار، إلا أن الواردات صعدت بوتيرة أسرع بلغت 13.2% لتصل إلى 95.3 مليار دولار.

وتعكس الأرقام اتساع الفجوة بين الصادرات والواردات، ما يزيد الضغوط على ميزان المدفوعات، ويضع تحديات إضافية أمام الحكومة المصرية التي تستهدف رفع الصادرات إلى مستوى 100 مليار دولار سنوياً عبر برامج تحفيز استثماري وتوسيع الأسواق الخارجية.

الزيادة اللافتة في الواردات، خاصة في قطاع الطاقة، ساهمت بشكل أساسي في دفع العجز إلى هذا المستوى القياسي، على الرغم من محاولات ترشيد الاستيراد وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي.

وفقاً للبيانات التي طالعها بقش، ارتفعت الصادرات غير البترولية بنسبة 14.4% لتصل إلى 39.3 مليار دولار في 2024، وهو ما يعكس تحسناً نسبياً في تنافسية عدد من القطاعات مثل الملابس الجاهزة والحديد والمنتجات البلاستيكية.

في المقابل، تراجعت صادرات البترول والغاز بنسبة 29% إلى 5.5 مليارات دولار، وهو ما يعد عاملاً رئيسياً في كبح نمو الصادرات الكلية، ويكشف عن تأثر قطاع الطاقة المصري بتقلبات السوق العالمية وانخفاض الكميات المتاحة للتصدير.

هذا التراجع في الصادرات البترولية مقابل ارتفاع كبير في واردات الطاقة (↑ 38.3% إلى 16.1 مليار دولار) زاد من الضغوط على الميزان التجاري، خصوصاً مع محدودية قدرة مصر على تنويع مصادر الطاقة في الأمد القصير.

تفاصيل الواردات والاتجاهات الاستهلاكية

على صعيد الواردات غير البترولية، ارتفعت بنحو 9.2% لتسجل 79.2 مليار دولار. وبينما تراجعت واردات بعض السلع مثل الذرة (↓ 8.5% إلى 2.3 مليار دولار) والخشب (↓ 2.4% إلى 1.2 مليار دولار)، سجلت واردات أخرى زيادات كبيرة في ظل استمرار الطلب المحلي.

اللافت أن واردات النفط الخام انخفضت بنحو النصف لتصل إلى 900 مليون دولار فقط، لكن الزيادة في مشتريات المنتجات البترولية المكررة والغاز الطبيعي دفعت إجمالي فاتورة الطاقة إلى الصعود، ما يبرز اعتماد مصر المتزايد على استيراد منتجات جاهزة بدلاً من المواد الخام.

هذا النمط من الواردات يعكس تحولاً في هيكل الاقتصاد، لكنه في الوقت نفسه يفاقم الضغوط على العملة الأجنبية ويرفع فاتورة الاستيراد في ظل ضعف الاحتياطيات.

أبرز الصادرات: الذهب والملابس في الصدارة

الذهب والبلاتين المطلي بالذهب جاءا في صدارة الصادرات المصرية لعام 2024 بقيمة 3.2 مليارات دولار، تلاهما قطاع الملابس الجاهزة والإكسسوارات بـ 2.8 مليار دولار، ثم البلاستيك والحديد بقيمة 2.3 مليار دولار لكل منهما حسب البيانات التي قرأها بقش.

هذا التركيب يعكس اعتماداً ملحوظاً على صادرات المواد الخام والسلع نصف المصنعة، مع ضعف في القيمة المضافة للصناعات التحويلية مقارنة بالأسواق المنافسة.

في الوقت نفسه، تكشف الأرقام عن الحاجة إلى تنويع أكبر في سلة الصادرات، إذ لا تزال بعض القطاعات المحدودة تسيطر على الحصة الأكبر من إجمالي العائدات.

السعودية تصدرت قائمة وجهات الصادرات المصرية بقيمة 7.7 مليارات دولار، تلتها تركيا بـ 7.6 مليارات، ثم الإمارات بـ 7.2 مليارات، وإيطاليا بـ 3.2 مليارات. هذا يبرز اعتماد القاهرة على أسواق إقليمية رئيسية لتصريف منتجاتها.

أما على صعيد الواردات، فجاءت الصين في الصدارة بقيمة 15.7 مليار دولار، تلتها السعودية (7.9 مليارات)، الولايات المتحدة (7.6 مليارات)، وروسيا (6.1 مليارات). هذا التوزيع يعكس استمرار اعتماد مصر الكبير على الصين كمصدر رئيسي للسلع والمواد المصنعة، ما يجعلها عرضة لتقلبات العلاقات التجارية والسياسية.

الاعتماد على شركاء محدودين في جانبي الصادرات والواردات يفرض مخاطر إضافية على الاقتصاد المصري، ويحد من قدرته على تنويع قنواته التجارية.

تحديات أمام هدف 100 مليار دولار صادرات

الحكومة المصرية تستهدف منذ سنوات الوصول إلى صادرات بقيمة 100 مليار دولار سنوياً وفق اطلاع بقش، عبر إجراءات لتحفيز الاستثمارات الموجهة للتصدير، وزيادة تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الخارجية، والاستفادة من اتفاقيات التجارة الحرة والتفضيلية.

لكن الأرقام الأخيرة تكشف عن فجوة واسعة بين الطموحات والواقع. فالزيادة المحققة في الصادرات (6.5%) لا تكفي للوصول إلى الهدف، خصوصاً مع استمرار نمو الواردات بمعدلات أعلى.

التحدي الأكبر يتمثل في تقليل الاعتماد على الواردات، خصوصاً في قطاع الطاقة، وتعزيز الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة المرتفعة القادرة على المنافسة في الأسواق العالمية.

ارتفاع العجز التجاري إلى 50 مليار دولار في 2024 يعكس خللاً هيكلياً في ميزان التجارة المصرية، حيث تنمو الواردات بوتيرة أسرع من الصادرات، مدفوعة بزيادة كبيرة في واردات الطاقة. ورغم تحسن الصادرات غير البترولية، فإن التراجع في صادرات البترول والغاز حد من إمكانات تقليص العجز.

المؤشرات الحالية توضح أن هدف الوصول إلى صادرات بـ100 مليار دولار لا يزال بعيداً، وأن المطلوب هو إعادة هيكلة حقيقية للاقتصاد المصري، تقوم على دعم الإنتاج المحلي، وتوسيع قاعدة الصادرات ذات القيمة المضافة، وتقليل الاعتماد على الواردات الاستراتيجية.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش