الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

سعر “الروتي” في عدن يقفز إلى 100 ريال.. ماذا بعد الدولار الذي يلامس 2600 ريال؟

الاقتصاد اليمني | بقش

يتجه أصحاب المخابز والأفران في عدن نحو اتخاذ خطوة تصعيدية جديدة ستلقي بظلالها القاتمة على موائد الأسر المنهكة أصلاً، حيث أفادت مصادر محلية مطلعة بأن قراراً وشيكاً سيقضي برفع سعر قرص الخبز “الروتي” إلى 100 ريال يمني، ابتداءً من الأيام القليلة القادمة، في خطوة أثارت موجة عارمة من الاستياء والسخط الشعبي.

هذا التوجه، الذي لم تؤكده أو تنفه الجهات الرسمية بعد، يأتي مع استمرار الدوامة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بالمدينة والمناطق المجاورة. ويشكو أصحاب المخابز من ارتفاع جنوني في تكاليف الإنتاج، خاصة أسعار الدقيق المستورد الذي يتأثر بشكل مباشر بانهيار العملة المحلية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود (الديزل والغاز) المستخدم في تشغيل الأفران والمولدات الكهربائية في ظل الانقطاعات المستمرة للتيار الحكومي. وينتقد أصحاب المخابز ما يصفونه بغياب أي دعم حكومي أو رقابة فعالة لتنظيم السوق وضبط أسعار مدخلات الإنتاج.

في المقابل، قوبل هذا التوجه برفض شعبي واسع، حيث عبر مواطنون عن استيائهم وغضبهم من هذه الزيادة المرتقبة في سعر “الروتي”، الذي يمثل وجبة أساسية لا غنى عنها لملايين اليمنيين، وخاصة ذوي الدخل المحدود والفقراء، الذين يشكل الخبز المكون الرئيسي في غذائهم اليومي، وأكدوا أن مضاعفة سعر هذه السلعة الحيوية ستزيد من معاناتهم بشكل لا يطاق، في ظل أزمة معيشية طاحنة أصلاً وانهيار تاريخي لقيمة الريال اليمني.

انهيار العملة والاقتصاد.. السبب الجذري

يربط خبراء اقتصاديون بشكل مباشر بين أزمة الخبز المرتقبة والانهيار الاقتصادي الشامل الذي تشهده عدن ومناطق سيطرة الحكومة هناك. وفي تصريح خاص للمرصد الاقتصادي بقش، دق الخبير الاقتصادي “أحمد الحمادي” ناقوس الخطر قائلاً: “ما نشهده في عدن هو انهيار اقتصادي شبه كامل، وليس مجرد أزمة عابرة، لقد وصل سعر صرف الدولار الأمريكي اليوم إلى مستوى كارثي جديد حول 2600 ريال يمني للدولار الواحد”.

وأضاف الحمادي: “هذا الانهيار في قيمة العملة هو المحرك الرئيسي لارتفاع تكاليف كافة السلع المستوردة، وعلى رأسها القمح والدقيق، وكذلك الوقود، مما يجعل زيادة سعر الخبز نتيجة شبه حتمية لهذا الفشل الاقتصادي والإداري”.

ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها مخابز عدن خطر الإغلاق أو تضطر لرفع الأسعار بشكل كبير، فقد وثق المرصد الاقتصادي بقش في تقارير سابقة الأزمات المتكررة التي ضربت هذا القطاع الحيوي خلال الأشهر والسنوات الماضية، والتي تمثلت في إضرابات لأصحاب المخابز، وإغلاقات مؤقتة، وزيادات سابقة في الأسعار، وكلها كانت مرتبطة بشكل أساسي بصعوبة الحصول على الدقيق والوقود بأسعار معقولة في ظل تقلبات سعر الصرف وعدم استقرار الإمدادات، وغالباً ما كانت وعود الحكومة بالدعم أو الرقابة تتبخر دون إجراءات ملموسة على أرض الواقع، مما ترك أصحاب المخابز والمواطنين في مواجهة مباشرة مع تقلبات السوق القاسية.

ويشير الحمادي في حديثه للمرصد الاقتصادي بقش إلى أن “الأزمة الحالية تكشف عن فشل ذريع في إدارة الملف الاقتصادي والخدمي في عدن. فبدلاً من العمل على استقرار سعر الصرف، وتأمين إمدادات القمح والوقود بآليات دعم واضحة، أو فرض رقابة حقيقية تمنع الاحتكار والمضاربة، تُركت الأمور لتصل إلى هذا الحد الذي يهدد لقمة عيش المواطن بشكل مباشر”.

وحذر الحمادي من أن “الاعتماد المستمر على الحلول الترقيعية أو تجاهل الأسباب الجذرية للأزمة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور ودفع المواطنين نحو حافة الياْس”.

تداعيات أوسع لأزمة رغيف الخبز

وسط هذه الأجواء المشحونة، ارتفعت أصوات الأهالي مطالبةً السلطات المحلية والجهات الحكومية المعنية في عدن، بما في ذلك وزارة الصناعة والتجارة، بالتدخل الفوري والعاجل لوقف هذه الزيادة المرتقبة في سعر الروتي.

وطالب المواطنون بتشديد الرقابة الفعلية على أسعار مدخلات الإنتاج وأسعار البيع للمستهلك، ومنع أي تلاعب أو استغلال لحاجة الناس، والعمل على إيجاد حلول مستدامة لأزمة الدقيق والوقود التي تهدد الأمن الغذائي للمدينة بأكملها.

أزمة سعر الخبز في عدن تتجاوز كونها مجرد زيادة في تكلفة سلعة غذائية، لتمثل مؤشراً خطيراً على تآكل قدرة الأسر على الصمود في وجه الانهيار الاقتصادي. فحين يصبح رغيف الخبز الأساسي بعيد المنال عن فئات واسعة من المجتمع، فإن ذلك ينذر بتداعيات اجتماعية وأمنية وخيمة وفقاً للمراقبين، وقد تشمل زيادة معدلات سوء التغذية، وتصاعد التوترات الاجتماعية، وربما اضطرابات أوسع نطاقاً يصعب السيطرة عليها في مدينة تعاني أصلاً من الهشاشة الأمنية والسياسية.

ويبقى الوضع مفتوحاً على كافة الاحتمالات خلال الأيام القادمة، حيث ينتظر المواطنون بقلق بالغ ما ستسفر عنه مشاورات أصحاب المخابز، وما إذا كانت السلطات ستتدخل بجدية هذه المرة لوقف الزيادة وتخفيف العبء عن كاهلهم، أم إن سعر المائة ريال لقرص الروتي سيصبح واقعاً مريراً جديداً يضاف إلى سلسلة الأزمات التي لا تنتهي في عدن.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش