الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

سيئون تحت سيطرة المجلس الانتقالي.. هل تخلت السعودية عن “حلف القبائل”؟

الاقتصاد اليمني | بقش

دخلت محافظة حضرموت منعطفاً خطيراً بسيطرة قوات المجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على مدينة سيئون بالكامل، في وادي حضرموت، وشملت السيطرة مطار سيئون الدولي، القصر الجمهوري (دون مقاومة)، مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى، مجمع الدوائر الحكومية، ومعسكرات عسكرية رئيسية، وهو ما دفع السعودية إلى إرسال وفد أمني رفيع بغرض “احتواء التصعيد”.

وجرى الاستيلاء على مطار سيئون الدولي والدخول والانتشار لقوات الانتقالي داخل مرافق المطار، ورفع علم الانتقالي في القصر الجمهوري وإزالة علم الجمهورية اليمنية وفق متابعة “بقش”، كما تم دخول مقر قيادة المنطقة العسكرية الأولى والاستحواذ على أسلحة ثقيلة.

وقال المجلس الانتقالي إنه سيطر على معسكر القطن ومعسكر الخشعة 37 في المنطقة العسكرية الأولى، ونقطة الوهد وهي أول نقطة عسكرية في مديرية العبر، وأعلن انضمام كتيبة الحضارم والجنوبيين في المنطقة العسكرية الأولى إلى صفوف قواته، وأضاف أن قوات “النخبة الحضرمية” تؤمّن مواقع حماية الشركات النفطية في هضبة حضرموت بعد السيطرة عليها فجر اليوم.

وفي أحدث منشوراته التي تتبَّعها بقش، قال المجلس الانتقالي إنه سيحتفل بـ”تحرير وادي حضرموت” عبر مسيرة بالدراجات النارية.

وفي المقابل قام رئيس حلف قبائل حضرموت، الشيخ عمرو بن حبريش، ومعه قائد قوات حماية حضرموت، اللواء مبارك أحمد العوبثاني، بزيارات ميدانية إلى عدد من مواقع قوات حماية حضرموت المكلّفة بتأمين الحقول والمنشآت النفطية، مشدداً على أهمية استمرار اليقظة والثبات في تنفيذ المهام الموكلة للقوات.

وقال رئيس حلف قبائل حضرموت، بن حبريش، بعد سيطرة الانتقالي على سيئون: “لن نسمح لأي قوة بالتقدم نحو الشركات النفطية في حضرموت”.

وفي شبوة أعلن الانتقالي السيطرة الكاملة على معسكر “عارين” في مديرية عرماء، الواقع في المنطقة الفاصلة بين محافظتي شبوة ومأرب، بعد أن كانت تتخذه القوات الحكومية التابعة للجيش والأمن معسكراً لها، وقال الانتقالي إن السيطرة على المعسكر ستساهم في تأمين خطوط الإمداد بين شبوة ووادي حضرموت.

واللافت أن حكومة عدن التزمت الصمت حتى لحظة كتابة هذا التقرير، إذ لم يصدر أي بيان حكومي رسمي بهذا الشأن وفق متابعة بقش للقنوات الرسمية التابعة للحكومة.

وصول وفد أمني سعودي.. وتراجع دعم المملكة

تبعاً لهذه التطورات أرسلت السعودية وفداً أمنياً رفيعاً تم استقباله في مطار الريان، في أول تحرك سعودي منذ التصعيد العسكري المتسارع قبل قرابة شهر.

ونشرت “وكالة الأنباء الحضرمية” معلومات طالعها بقش عن أن لقاء الوفد السعودي مع قيادات السلطة المحلية، ممثلةً بالمحافظ سالم الخنبشي، أسفر عن عدة تأكيدات أبرزها الرفض القاطع من السعودية لدخول أي قوات من خارج محافظة حضرموت، والتأكيد على أن ما ترتب على ذلك من أحداث هو أمر غير مقبول وسيتم التعامل معه.

وفي اللقاء أشار الوفد السعودي إلى أن جنود المملكة متواجدون داخل مقر المنطقة العسكرية الأولى، وأن الاستهداف الذي وقع شملهم، مع التأكيد على أنه سيتم تصحيح ومعالجة كل التجاوزات التي حدثت، مضيفاً أن السعودية تدعم المحافظة وأن أبناء حضرموت هم “الأولى بإدارة شؤونهم المحلية والعسكرية والأمنية”، وهي الرؤية التي يتبناها حلف قبائل حضرموت.

وكانت تناولات سياسية اعتبرت أن السعودية تخلت عن حلف قبائل حضرموت بالتزامن مع تقدم قوات الانتقالي لإسقاط آخر معاقل الحكومة في سيئون، وسط تراجع سعودي لافت عن الدعم.

وكانت السعودية، التي دفعت أمس الأول، بعدد من الضباط إلى المنطقة العسكرية الأولى في سيئون، اكتفت بدعم قوات درع الوطن التابعة لها الموجودة على امتداد الخط الصحراوي الرابط بين حضرموت وأراضيها، وهو ما اعتبره مراقبون تخلياً من قبل الرياض عن حلف قبائل حضرموت.

بين “الانتصار” و”التسليم والاستلام”

وتعددت التناولات لما حدث وفق متابعات بقش، منها ما قاله الناطق الرسمي باسم لجنة الاعتصام السلمي في المهرة علي مبارك محامد. رأى محامد أن “‏ما جرى في وادي حضرموت لم يكن سوى عملية استلام وتسليم مفضوحة، تمت دون أي معركة”.

وأضاف أن ذلك تم بأوامر فوقية وإشراف مباشر من السعودية والإمارات “وبتواطؤ وخيانة من الشرعية” التي حسب قوله أصبحت “أداة لتنفيذ مخططات الخارج على حساب الأرض والإنسان”.

وكتب الكاتب صالح أبو عوذل، منشوراً على إكس رصده بقش قال فيه إن “معركة وادي حضرموت انتهت بانتصار ساحق”، وأضاف: “القوات اليمنية انسحبت وتركت وراءها السلاح الثقيل، والهدف التالي هو المهرة، وما بعد المهرة يتجاوز حدود العملين العسكري والأمني”. وتابع: “ديسمبر ليس كما قبله، والعام المقبل يبدو مختلفاً في ملامحه الاقتصادية والمعيشية” حسب قوله.

ويشير محللون إلى أن السيطرة على سيئون تمنح المجلس الانتقالي مكاسب لوجستية واستراتيجية مهمة، وتعني إمكانية التحكم في خطوط الشحن الداخلية والاتصال بمحافظات جنوبية وجنوبية شرقية مثل شبوة والمهرة.

وعَكَس انسحاب وحدات المنطقة العسكرية الأولى من مواقعها في قلب حضرموت ضعفاً ميدانياً وإمكانياً في قدرة الحكومة على ضبط الفصائل المسلحة المتباينة في الجنوب، ويزيد من تعقيد المشهد السياسي أمام المجتمع الدولي.

ولا يزال خطر تصاعد المواجهات أو زعزعة استقرار المنشآت النفطية قائماً، وهو ما يؤثر على اقتصاد المنطقة وتدفقات الموارد.

وتُعد السيطرة على سيئون نقطة مفصلية بالنسبة للمجلس الانتقالي وفي الوقت نفسه تفتح ملفاتٍ خطيرة تتعلق بتقسيم نفوذ، وحماية المنشآت الحيوية، واستقرار سوق الطاقة المحلية، ويزيد الحدث من احتمالية إعادة تشكيل التحالفات المحلية والإقليمية، وتستدعي متابعة وثائقية مستمرة وتحققاً ميدانياً من الأرقام والوقائع.

زر الذهاب إلى الأعلى