الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

صرف منخفض وأسعار مرتفعة… التحسن يربك المشهد في مناطق حكومة عدن

الاقتصاد المحلي | بقش

حالة من الاستياء الشعبي تشهدها عدن وباقي المحافظات بسبب تقلبات الأسعار، وبقاء بعضها عند مستويات عالية، رغم انخفاض أسعار الصرف من مستواها التاريخي عند قرابة 3,000 ريال إلى أكثر من 1600 ريال للدولار الواحد، في الوقت الذي يتواصل فيه إغلاق شركات ومنشآت الصرافة التي يتهمها بنك عدن المركزي بمخالفة التعليمات.

ويطالب المواطنون بما وصفوها بالعدالة السوقية، معتبرين أن استمرار تذبذب وارتفاع أسعار السلع الأساسية قد يكون معبراً عن تحسن مفتعل في أسعار الصرف دون فوائد ملموسة على أرض الواقع. وقال المواطنون وفقاً لمتابعات بقش، إن انخفاض أسعار الصرف منحهم بارقة أمل بانخفاض الأسعار، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً، مؤكدين أن تجاراً يبيعون المواد الأساسية بالأسعار ذاتها كأن العملة لم تتغير.

وما زالت الأسعار عند مستويات مرتفعة، مثل أسعار القمح والسكر والزيت والخضروات. رغم ذلك أعلنت عدة شركات عن خفض أسعارها مواكبةً لانخفاض أسعار الصرف، وفق اطلاع بقش على قوائم الأسعار الجديدة. لكن مواطنين لا يزالون يؤكدون على غياب الرقابة الحقيقية على الأسواق، مما شجع تجاراً على التلاعب بالأسعار.

ووسط استمرار الأزمة المعيشية، تتفاقم حالة الغضب الشعبي يومياً، ويتحول الأمل بتحسن سعر الصرف إلى خيبة أمل لدى آلاف الأسر، التي تنتظر تحسناً فعلياً في قدرتها الشرائية.

وكان بنك عدن المركزي عمَّم بالتقيد بحد أعلى في عمليات البيع والشراء لعملة الريال السعودي، عند سعر الشراء 425 ريالاً يمنياً كحد أعلى، وسعر بيع 428 ريالاً يمنياً كحد أعلى، مع قابلية الشراء والبيع بأقل من السعر المعلن.

إغلاق المحلات والشركات التجارية

مع بقاء قوائم سعرية في عدد من المحافظات كما هي، خرجت احتجاجات في عدة مدن، مثل أبين، وأدت هذه الاحتجاجات إلى إغلاق العديد من المحلات التجارية، تنديداً باستمرار ارتفاع الأسعار رغم انخفاض أسعار الصرف.

ووجهت إدارة أمن الضالع بمنع دخول أو مرور منتجات شركة هائل سعيد أنعم إلى المحافظة حتى إشعار آخر، بسبب بقاء الأسعار مرتفعة رغم انخفاض أسعار الصرف. وفي شبوة جرى إغلاق شركات هائل سعيد أنعم والمحضار والنقيب ووكالات شهاب، ومُنعت من البيع أو إدخال بضائعها إلى المحافظة حتى يتم إلزامها بالنظام.

وفي تصريحات تتبَّعها بقش، قال مكتب الصناعة والتجارة بشبوة إن إغلاق وكالات الشركات في المحافظة جاء نتيجة لعدم تجاوبها مع الخطابات التي تدعو إلى ضرورة تسوية أسعار منتجاتها بما يتماشى مع التغيرات الحالية في أسعار الصرف، وأضاف أن قرار الإغلاق بشكل مؤقت يأتي حتى يتم الالتزام بتعديل الأسعار وفقاً لمتغيرات الصرف، داعياً إلى الإبلاغ عن أي تجاوزات أو مخالفات من قبل التجار.

امتناع عن بيع العملات الأجنبية.. وصرافات مغلقة

في سياق تراجع أسعار الصرف وفرض مستويات معينة، تم إغلاق عدد من محلات الصرافة في مدينة عدن وعدد من المحافظات. وفي مديرية المنصورة بعدن، على سبيل المثال، أُغلق عدد من محلات الصرافة لامتناعها بيع العملات الأجنبية وفق متابعات بقش، في حين يقتصر النشاط المصرفي على شراء العملات الأجنبية، مع رفض البيع، بينما تقوم شركات أخرى ببيع العملات الأجنبية بفوارق سعرية كبيرة، خلافاً للأسعار المعلنة والمحددة من قِبل البنك المركزي.

امتناع محلات الصرافة والبنوك عن بيع العملة الأجنبية يعود إلى التعميم الصادر عن البنك المركزي يوم أمس، الأحد، والموجه للبنوك، وفقاً للصحفي عبدالرحمن أنيس.

واليوم الإثنين عمم بنك عدن المركزي على كافة شركات ومنشآت الصرافة بوضع سقف أعلى لا يتجاوز 2000 دولار فقط، لتنفيذ الحوالات الشخصية وعمليات بيع العملة الأجنبية للأغراض الشخصية (مصاريف دراسية وعلاجية)، على أن تقوم كل شركة ومنشأة ببذل “العناية المهنية الواجبة” لضمان عدم تجزئة الحوالات أو تكرار عملية البيع وكذا استيفاء وثائق ومستندات الغرض من الحوالة.

وأعلن بنك عدن المركزي عن تنفيذ حملات رقابة واسعة على شركات ومحلات الصرافة، شملت إيقاف عدد منها بتهمة المضاربة بالعملة، كما أوقف بنوكاً وشركات صرافة محددة عن التعامل وفق متابعة بقش للتعاميم.

كما أنشأ بنك عدن المركزي لجنة وطنية لتمويل وتنظيم الاستيراد، وقد أقرت هذه اللجنة دليل العمل والإجراءات لبدء أعمال الفريق في عدن، بما في ذلك إشعار الشركات التجارية والبنوك وشركات الصرافة بآلية التمويل واستقبال الطلبات والضوابط المنظمة لعمليات تمويل الاستيراد، وكذا الرفع لرئيس مجلس الوزراء بالسلع التي يتطلب وضع قيود على استيرادها، بحيث تبدأ لجنة الاستيراد ممارسة مهامها خلال هذا الأسبوع.

من جهة أخرى، مراقبون اقتصاديون أشاروا إلى أن هذه الإجراءات، المرافقة لانخفاض أسعار الصرف، لا تبرر تحسناً بنسبة كبيرة خلال فترة قصيرة، وسط غياب العناصر الهيكلية المؤثرة في سوق الصرف بشكل حقيقي، وأهمها غياب وديعة مالية معلنة أو دعم خارجي جديد، واستمرار توقف تصدير النفط، وعدم تدفق الإيرادات إلى بنك عدن المركزي (من قرابة 147 مؤسسة إيرادية)، وعدم تحسين الموارد العامة للدولة أو زيادة تدفقات العملة الصعبة، وغياب الإصلاحات المالية والمؤسسية كتفعيل آلية لتوريد الإيرادات، إضافة إلى غياب الضبط الحقيقي لممارسات الفساد المالي في المؤسسات الإيرادية الكبيرة.

وهناك حاجة إلى تحسين مستدام للعملة، وبصورة حقيقية، عبر زيادة المعروض من النقد الأجنبي وفقاً للمحلل الاقتصادي “أحمد الحمادي”. ويقول الحمادي في حديث لـ”بقش” إن من الضروري تحقيق تكامل السياسة النقدية مع السياسة المالية، وتقديم ضمانات للمستوردين والمستثمرين بتوفير العملة الأجنبية بسعر السوق المعلن.

وكانت مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه، أصدرت بياناً حذرت فيه من خطورة فرض أسعار غير واقعية دون ضمان استقرار سعر الصرف أو توفير العملة الأجنبية بالسعر المعلن، وقالت إنها تعمل على مراجعة قوائم الأسعار بما يحقق “مصلحة المستهلك ويحافظ على توازن السوق”، محملة الحكومة والبنك المركزي مسؤولية تحقيق الاستقرار النقدي كشرط أساسي لأي تعديل سعري.

ويرى الحمادي أن من الضروري وضع آلية لإعادة التسعير، بناءً على استمرار تدفق النقد الأجنبي عبر قنوات آمنة ومنتظمة، ما لم فإن تحسن العملة المحلية لن ينعكس بشكل فعال على أسعار السوق وسيظل التحسن في مقام الظرف الطارئ الذي يبعث الأمل المؤقت، وقد يكون أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة إذا لم يُبنَ على أساسيات اقتصادية أبرزها وجود وديعة وتدفق الإيرادات من كافة المؤسسات.

وبينما فُتحت أبواب آمال للمواطنين في عدن وباقي المحافظات بعد خفض أسعار الصرف، تبقى التساؤلات مفتوحة هي الأخرى على أرض الواقع: هل تشهد الأسواق انعكاساً تاماً وحقيقياً لانخفاض الصرف، وهل يكون المواطنون على موعد قادم مع مزيد من الانخفاض، أم أن ما يحدث سيكون مقدمة لانتكاسة جديدة أشد وطأة من سابقتها؟

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش