صفقات “بوينغ” الخليجية: “إنقاذ رئاسي” لعملاق الطيران أم استعراض قوة في ساحة الاقتصاد العالمي؟

الاقتصاد العالمي | بقش
أعلن الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، في خضم جولته الشرق أوسطية التي تحظى بمتابعة واسعة، عن إبرام صفقة “تاريخية” بين شركة “بوينغ” الأمريكية ودولة قطر اليوم الأربعاء، مؤكداً أن قيمتها الإجمالية تتجاوز 200 مليار دولار.
جاء هذا الإعلان بالتزامن مع توقيع اتفاقيات رسمية خلال زيارة ترامب للدوحة، تتضمن شراء الخطوط الجوية القطرية 160 طائرة من عملاق صناعة الطيران، بالإضافة إلى اتفاق لشراء طائرات من طراز “إم كيو 90” (MQ-90)، واتفاقيات أخرى في مجال التعاون الدفاعي.
هذه الصفقة القطرية العملاقة تلت توقيع شركة “أفيليس” (AviLease)، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، اتفاقاً يوم أمس الثلاثاء لشراء 30 طائرة “بوينغ” من طراز “8-737” حسب متابعة بقش، خلال محطة ترامب السابقة في المملكة العربية السعودية.
وتضع هذه التطورات المتسارعة شركة “بوينغ” في صدارة المستفيدين الاقتصاديين من جولة الرئيس الأمريكي الحالية في منطقة الخليج.
وبحسب متابعات المرصد الاقتصادي بقش، فإن هذه الصفقات الضخمة، التي تأتي في توقيت حرج لشركة “بوينغ”، لا يمكن فصلها عن تداعيات الحرب التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة والصين.
شركة “بوينغ” واجهت مؤخراً انتكاسة كبيرة بعد أن قامت الصين، قبل أسابيع قليلة، بإلغاء أو تقليص صفقة بمليارات الدولارات لشراء طائراتها، وذلك كرد مباشر على رسوم ترامب الجمركية التصعيدية، هذه الخطوة الصينية كادت أن تكبد “بوينغ” خسائر فادحة، مما وضعها في موقف مالي دقيق.
ووفق اطلاع بقش، يرى مراقبون أن التدخل الرئاسي الأمريكي مثال صارخ على “دبلوماسية الصفقات” التي تنتهجها إدارة ترامب، حيث تم، وفقاً لتحليلات “المرصد”، استخدام النفوذ السياسي والعلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج لتأمين مخرج لـ”بوينغ” من أزمتها.
كما أن تزامن وحجم الطلبيات الخليجية، التي ظهرت مباشرة بعد تعثر صفقة الصين، يشير بقوة إلى أن هذه التحركات لم تكن وليدة اعتبارات سوقية بحتة، بل جاءت نتيجة ضغوط وتفاهمات على أعلى المستويات لإنقاذ الشركة الأمريكية.
كما تلفت تقارير غربية الانتباه إلى الأعباء المحتملة التي قد تفرضها مثل هذه الصفقات الضخمة، والموجهة سياسياً، على اقتصادات دول الخليج. فبينما تظهر كاستثمارات ضخمة، يرى محللون أن توجيه مليارات الدولارات نحو شراء أساطيل طائرات في هذا التوقيت قد يتعارض مع أولويات التنمية والتنويع الاقتصادي الطموحة التي تتبناها هذه الدول، مثل “رؤية السعودية 2030” و”رؤية قطر الوطنية 2030″، خاصة إذا لم تكن شروط الصفقات هي المثلى نتيجة للظروف التي أحاطت بإبرامها.
تأثير اقتصادي واسع ودعم للوظائف الأمريكية
بغض النظر عن الدوافع، فإن حجم الصفقات المعلنة يحمل تأثيراً اقتصادياً كبيراً، فصفقة قطر وحدها، التي تتجاوز 200 مليار دولار وتشمل 160 طائرة، تُعد دفعة هائلة لـ”بوينغ”. وكانت الخطوط الجوية القطرية قد خصصت في السابق، وفق تصريحات سابقة رصدها بقش لوزير الاقتصاد والتجارة القطري (آنذاك) أحمد بن جاسم آل ثاني، نحو 92 مليار دولار لشراء 332 طائرة أمريكية الصنع، الأمر الذي أسهم في توفير أكثر من 527 ألف فرصة عمل داخل الولايات المتحدة.
وتؤكد الصفقات الجديدة هذا المسار، حيث من المتوقع أن تعزز بشكل كبير دفاتر طلبيات “بوينغ” لسنوات قادمة، وتضمن استمرارية الإنتاج في مصانعها، وتدعم شبكة واسعة من الموردين الأمريكيين، وهو ما ينسجم تماماً مع سياسة “أمريكا أولاً” التي يرفعها الرئيس ترامب، والتي تضع تأمين الصفقات التي تعود بالنفع المباشر على الشركات والوظائف الأمريكية في مقدمة أولوياتها.