تقارير
أخر الأخبار

غزة تستنزف حتى الرمق الأخير: مجاعة معلنة وغارات متواصلة وخذلان عربي إسلامي

تقارير | بقش

القصص موجعة عن العيش المدمر في قطاع غزة، حيث لا يزال القطاع المحاصر يعاني من مأساة نقص الغذاء والدواء وضروريات الحياة الأخرى، ويعاني من ذلك حتى الصحفيون الذين يعانون من هذه الأزمة مما يعيق مواصلتهم في إظهار الحقائق للعالم، في وقت لا تسمح فيه إسرائيل لا بدخول المساعدات ولا الصحفيين الأجانب لاستعراض المأساة بشكل أكبر.

ولا يزال الوضع يزداد سوءاً يوماً بعد آخر دون أي تغير رغم الإعلان الأممي في 22 أغسطس الماضي عن المجاعة رسمياً في قطاع غزة كأول تصنيف في الشرق الأوسط من هذا النوع، إذ لم تتحرك أي دولة عربية وإسلامية لوضع حد للمأساة، ولم تخرج البيانات الدولية عن حدود الإدانة العالية، ولا وقفَ للحرب.

بل إن تحركات إسرائيل الراهنة تعكس مخططاً لتوسيع الهجمات على غزة، فقد بدأ عشرات الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين اليوم الثلاثاء بالالتحاق بالخدمة العسكرية قبيل هجوم موسّع على غزة، وسط انقسامات بين رئيس الوزراء نتنياهو وضباط الجيش حول تداعيات العملية، في حين تتواصل الغارات الإسرائيلية على رؤوس المدنيين في القطاع.

وتسيطر إسرائيل حالياً على قرابة 75% من قطاع غزة، وتستمر الغارات التي قتلت اليوم الثلاثاء ما لا يقل عن 25 شخصاً فلسطينياً، بينهم 16 في مدينة غزة وحدها، فضلاً عن إصابة عشرات آخرين.

وتؤكد أرقام وزارة الصحة في غزة أن 13 فلسطينياً بينهم ثلاثة أطفال توفوا خلال الـ24 ساعة الماضية نتيجة الجوع وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 361 على الأقل، من بينهم أكثر من 130 طفلاً معظمهم في الأسابيع الأخيرة، أما إسرائيل فما تزال تشكك في هذه الأرقام وتعتبر أن أسباب الوفاة الأساسية طبية أخرى.

إرهاق ممنهج: لا دخل ولا مساعدات

من أشكال المأساة في غزة أن الناس -الذين لا يعرفون متى يُقتلون- يعانون حالياً من البقاء على قيد الحياة دون مصادر دخل ودون عمل ودون قدرة على تأمين احتياجات أسرهم الأساسية، بالتزامن مع ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة، ومعدلات غلاء الأسعار التي تضاعفت أسعارها بأكثر من 1000% نتيجة شح البضائع.

ولجأ آلاف الناس في غزة إلى بيع جزء من المساعدات الإنسانية القليلة التي تصلهم أو مقايضتها بسلع أخرى أكثر إلحاحاً لحياة أطفالهم ضمن مظاهر اقتصاد البقاء، وتتسع هذه الظاهرة لتشكل مشهداً اقتصادياً واجتماعياً مخيفاً يعكس عمق الأزمة الإنسانية.

وباتت القدرة الشرائية لدى أهالي غزة شبه معدومة، حيث استنزفت الحرب مدخراتهم وما تبقى من مواردهم المالية، وهو ما ينذر -في حال استمرار هذا الوضع- بتآكل الطبقة المتوسطة بالكامل في غزة، ودخول غالبية السكان في دائرة الفقر المدقع، وبالتالي يهدد ذلك البنية الاقتصادية والاجتماعية ككل.

وبات أكثر من 95% من أهالي غزة يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية -على قلّتها- كمصدر وحيد للعيش، ورغم ذلك لا تدخل المساعدات بالكميات الكافية بسبب القيود الإسرائيلية المشددة. ووفق اطلاع مرصد بقش، فإن ما تم إدخاله خلال الأيام الخمسة الماضية بلغ 534 شاحنة فقط من أصل ثلاثة آلاف شاحنة كان من المفترض دخولها.

أسطول الصمود لكسر الحصار

يواصل أسطول الصمود إبحاره مع عشرات القوارب المحملة بالمساعدات لكسر الحصار على قطاع غزة، وذلك بعد أن عاد الأسطول أمس الإثنين إلى ميناء برشلونة بعد أن أجبرته الأحوال الجوية العاصفة على العودة.

أطلقت بعض القوارب التابعة لمبادرة “أسطول الصمود العالمي” أبواقها أثناء مغادرتها الميناء، في حين هتف النشطاء في الميناء “حرروا فلسطين”، مؤكدين إصرارهم على إنجاح هذه المهمة التي يتبناها ناشطون وناشطات من أوروبا.

وقبل انطلاق سفن أخرى ضمن الأسطول من ميناء جنوة الإيطالي، حذر أحد قادة عمال الموانئ من أنه إذا فُقد الاتصال بالقوارب حتى ولو لمدة 20 دقيقة، “فستُغلق أوروبا كلها” بإضراب دولي، ودعا إلى تعطيل الطرق والمدارس إذا ما حدث ذلك حتى يعود جميع المشاركين سالمين.

ووفق رصد بقش، تشارك شخصيات ونشطاء بارزون من مختلف دول العالم في “أسطول الصمود العالمي”، أبرزهم السويدية غريتا ثونبيرغ، والممثلة الأمريكية الحائزة على الأوسكار سوزان ساراندون، والممثل السويدي غوستاف سكارسغارد، والممثل الأيرلندي ليام كانينغهام، وأستاذ القانون الدولي في جامعة السوربون الفرنسية فرانكو رومانو، والمؤثرة الأمريكية ومسؤولة الإعلام في الأسطول هانا كلير سميث.

من جانب آخر، ذكرت وسائل إعلام خليجية أن هناك سفينة سُميت بـ”سفينة الصمود الخليجية” جمعت 100 ألف يورو لتجهيزها، ومن المقرر أن تنطلق من “تونس” يوم الخميس المقبل، بمشاركة ناشطين من سلطنة عمان وقطر والكويت والبحرين، مع غياب المشاركة من السعودية والإمارات، وفقاً لوسائل الإعلام.

تفاعل أوروبي واسع: دعوة إلى مقاضاة الاتحاد الأوروبي

في سياق استمرار الإبادة الإسرائيلية والتجويع الممنهج في غزة، يتواصل التفاعل الأوروبي مع القضية وسط تخاذل عربي ملحوظ. الممثل الأعلى السابق للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، دعا الدول الأعضاء إلى مقاضاة مؤسسات الاتحاد الأوروبي بسبب تقاعسها عن التحرك تجاه الحرب على غزة.

وهناك دول أوروبية أبدت دعمها لإقامة دولة فلسطينية أو تستعد لاتخاذ هذه الخطوة قبيل الاجتماع المقبل للأمم المتحدة. وقد أكدت بلجيكا وفق متابعة بقش أنها ستعترف بدولة فلسطين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيوريورك التي ستُعقد من 09 إلى 23 سبتمبر الجاري، مضيفة أنها ستفرض “عقوبات صارمة” على إسرائيل تتضمن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية والسلع التي تنتج في المستوطنات.

أما أيرلندا فقد تنحّت عن دورها في المصادقة على سندات إسرائيل في الاتحاد الأوروبي، إذ قررت إسرائيل استبدال البنك المركزي الإيرلندي بالبنك المركزي في لوكسمبورغ كجهة مصادقة على نشرة الاكتتاب الخاصة بسندات حكومة الاحتلال الإسرائيلي داخل الاتحاد الأوروبي.

جاء هذا القرار على خلفية الضغوط السياسية والشعبية المتزايدة في إيرلندا، التي طالبت بنكها المركزي بقطع علاقته بعمليات جمع الأموال لصالح إسرائيل، إلى جانب المواقف النقدية الحادة التي تبديها دبلن تجاه سياسات الاحتلال.

وحتى وقت قريب، كان البنك المركزي الإيرلندي يرفض الضغوط ويتمسك بدوره المالي، إلا أن تنامي الأصوات المعارضة جعل استمراره أكثر صعوبة، ويُشار إلى أن عملية التصديق على السندات كانت تُدار سابقاً عبر بريطانيا، قبل أن تنتقل إلى أيرلندا بعد البريكست.

و”سندات الشتات الإسرائيلية” صغيرة نسبياً، وتُباع بالأساس في المجتمعات اليهودية حول العالم لدعم مبيعات سندات الاحتلال التي تُموّل عجز ميزانيته الذي ارتفع بسبب الحرب.

وتتصاعد قناعة الشعوب الأوروبية، وخصوصاً في إسبانيا وأيرلندا، بأن ما يجري في قطاع غزة يرقى إلى مستوى “الإبادة الجماعية” وسط دعوات متزايدة لاتخاذ مواقف حاسمة تجاه إسرائيل. وهناك آلاف من الأكاديميين والمفكرين في أوروبا يصفون ما يحدث بغزة بأنه إبادة ممنهجة، إلا أن الاتحاد الأوروبي يواصل التزام الصمت، كما يواصل علاقاته التجارية ومبيعات السلاح ولم يطبق أياً من تحذيراته السابقة بقطع هذه العلاقات والمبيعات.

هذا ويُستنكر على الدول العربية تقاعسها وعجزها تماماً كدول قلة أوروبية لا تزال تتحفظ إزاء الكارثة الإنسانية في غزة، ولا تتجاوز المواقف العربية حدود البيانات والإدانات والاستنكار المتواصل منذ بدء الحرب في أكتوبر 2023 حتى اليوم.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش