الاقتصاد اليمني
أخر الأخبار

فضيحة كبرى تهز قطاع النفط اليمني: استقالة رئيس هيئة الاستكشاف متهماً وزير النفط بتجاوزات خطيرة

في تطورات مفاجئة هزت أروقة قطاع النفط اليمني، قدم رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط، خالد باحميش، استقالته رسمياً يوم الخميس الماضي، مطلقاً سلسلة اتهامات جسيمة ضد وزارة النفط والمعادن ووزيرها بحكومة عدن “سعيد الشماسي”، تتعلق بتجاوزات قانونية ومالية خطيرة، أبرزها السماح لشركة OMV النفطية النمساوية بالانسحاب من قطاع نفطي استراتيجي دون الالتزام بالشروط المتفق عليها.

وفي رد فعل سريع، أصدر الوزير قراراً بإعفاء “باحميش” من منصبه وتكليف “أسامة هيثمي” بتسيير أعمال الهيئة وفق متابعة بقش، لكن الاستقالة حملت في تفاصيلها ما قد يُشعل أزمة ثقة في واحدة من أهم القطاعات الحيوية بالبلاد.

تفاصيل الاتهامات: من التفريط في الثروات إلى إهدار المال العام

كشف “باحميش” في رسالة استقالته عن ثمانية اتهامات رئيسية، اعتبرها “خرقاً صارخاً للقوانين واستهدافاً متعمداً لمصلحة الاقتصاد الوطني”. أول هذه الاتهامات تورُّط الوزير في التواطؤ مع شركة OMV للسماح لها بالانسحاب من قطاع S2 النفطي في شبوة، دون إحضار بديل مؤهل فنياً ومالياً، وفقاً لبنود الاتفاقية الموقعة، مما يمثل -حسب وصفه- “تفريطاً في حقوق الدولة وتجاهلاً لمواردها”.

أضاف باحميش أن الوزارة عملت على تهميش دور الهيئة رغم كونها الجهة الرقابية الوحيدة المخولة بالإشراف على الشركات النفطية، في خطوة وصفها بمحاولة “سحب الصلاحيات وإضعاف الهيئة”.

كما اتهم باحميش الوزارة بإهدار المال العام من خلال التعاقد مع محامٍ دولي خسر خمس قضايا متتالية، ودفع مبالغ طائلة لشركات مراجعة خارجية رغم وجود وزير نفط يحمل دكتوراه في المحاسبة، وهو ما اعتبره “تبديداً متعمداً للأموال”.

وأشار إلى أن تشكيل رئيس الوزراء لجنة جديدة لمتابعة قضية OMV يُعد “خرقاً للقانون”، لأن الهيئة هي الجهة الوحيدة المخولة قانونياً بإدارة هذه الملفات.

مخاطر تفتيت القطاع النفطي واستغلال الموظفين

نص الاستقالة حذّر أيضاً من توجه الوزارة نحو إنشاء شركات محلية جديدة خارج الإطار القانوني، مما قد يؤدي -وفق باحميش- إلى “تفتيت القطاع النفطي وتمهيد الطريق لنهب الموارد”.

كما كشف عن اتهامات بتحريض وزارة النفط لرئيس نقابة منتهية الصلاحية منذ عامين على عرقلة الانتخابات النقابية، واستخدام معاناة الموظفين المالية كورقة ضغط لتحقيق أجندات خاصة.

وأضاف أن الوزارة ضغطت على الهيئة لصرف رواتب ليست من مسؤوليتها، رغم تمكن الهيئة من تحصيل مستحقات مالية من OMV عن خمس سنوات ماضية، في إشارة إلى محاولة “فرض التزامات غير قانونية”.

ولم يغفل باحميش عن الإشارة إلى تأثير الوجود الطويل للوزير خارج اليمن، حيث ألمح إلى أن مكوثه فترات طويلة في مقرات بعض الشركات النفطية أدى إلى تغيير موقفه تجاه اتفاقية OMV، والسماح لها بالانسحاب دون ضمانات.

خلفية الأزمة: النفط اليمني بين الصراعات والفساد

تأتي هذه الاتهامات في الوقت الذي تفاقمت فيه أزمات القطاع النفطي بعد الحرب التي اندلعت عام 2015، والتي أدت إلى تدمير البنية التحتية وتعطيل الإنتاج في حقول رئيسية مثل بترومسيلة وريما.

ويُعتبر قطاع النفط في اليمن عصب الاقتصاد الوطني، حيث كان يُسهم بأكثر من 70% من إيرادات الموازنة العامة، لكنه ظل لسنوات مركزاً للصراعات السياسية والعسكرية، خاصة مع سيطرة جماعات مسلحة على بعض المناطق المنتجة في الجنوب.

وقد شهد القطاع سلسلة اتهامات بالفساد خلال الأعوام الماضية، منها تقارير دولية أشارت إلى تحويل عائدات النفط إلى البنك الأهلي السعودي لصالح لتمويل الحرب، وإلى حسابات مسؤولين حكوميين وعسكريين، أو توقيع عقود غير شفافة مع شركات أجنبية.

تساؤلات حول مصير التحقيقات ومستقبل القطاع

ومع تصاعد الضغوط الشعبية والسياسية للمطالبة بتحقيق عاجل، يتساءل مراقبون عمّا إذا كانت الاستقالة ستكون بوابة لكشف النقاب عن ملفات فساد أوسع، أم أنها ستُطوى كسابقاتها دون محاسبة.

وتُثير الاتهامات مخاوف من تداعياتها على العلاقات مع الشركات الأجنبية، خاصة وسط المساعي لجذب استثمارات دولية لإعادة إعمار المنشآت النفطية المتضررة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى