فضيحة كبرى: وثائق أمريكية تكشف تحالفاً عسكرياً واقتصادياً بين تل أبيب و6 دول عربية

تقارير | بقش
أظهرت وثائق أمريكية مسربة من القيادة المركزية للولايات المتحدة (CENTCOM) أن دولاً عربية رئيسية عززت تعاونها العسكري مع إسرائيل رغم إدانتها العلنية للحرب على قطاع غزة.
تشير هذه الوثائق التي حصل عليها “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” (ICIJ)، إلى سلسلة اجتماعات وتدريبات عسكرية مشتركة جرت بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والعرب خلال السنوات الثلاث الماضية، تحت رعاية أمريكية، بهدف مواجهة التهديدات الإقليمية، وتطوير قدرات مواجهة الأنفاق الجوفية وأدوات الحرب الحديثة.
وهذه الشراكة العسكرية غير المعلنة تكشف عن ازدواجية الخطاب السياسي العربي الرسمي الذي يُدين العمليات الإسرائيلية في غزة، بينما يعمل خلف الكواليس لتنسيق الجهود العسكرية والاستخباراتية مع إسرائيل، ووفقاً لقراءة “بقش” فإن ذلك يفتح أيضاً مجالاً لفهم أبعاد العلاقة بين الأمن والاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
أبعاد التعاون العسكري وأهدافه
حسب الوثائق المسربة، انعقدت الاجتماعات العسكرية في البحرين ومصر والأردن وقطر، وتضمنت تدريبات مكثفة على كشف وتحييد الأنفاق التي تستخدمها حماس ضد الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى جلسات تخطيطية لإطلاق عمليات معلوماتية تهدف إلى مواجهة رواية إيران كحامٍ إقليمي للفلسطينيين.
أبرز هذه التدريبات كان الاجتماع الذي عُقد في قاعدة فورت كامبل في تينيسي بالولايات المتحدة في يناير 2025، حيث تم تدريب القوات الأمريكية والشركاء العرب على التعامل مع الأنفاق والتكتيكات الخاصة بها، إضافةً إلى تعزيز نشر “رواية شراكة حول الرخاء والتعاون الإقليمي” في الإعلام، بهدف صياغة سرد إقليمي يدعم التحالفات الغربية-العربية-الإسرائيلية.
وتشير الوثائق أيضاً حسب اطلاع بقش إلى أن ست دول عربية على الأقل كانت متورطة بشكل مباشر في تبادل البيانات الاستخباراتية والتنسيق العسكري، بينما أظهرت الدولتان الخليجيتان، السعودية وقطر، دوراً مهماً وحساساً في تعزيز هذه الشراكة، رغم غياب علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل.
ورغم التعاون العسكري السري، أدان القادة العرب، بما في ذلك قادة مصر والأردن وقطر والسعودية، الحرب الإسرائيلية على غزة ووصفوها بأنها “إبادة جماعية” و”تطهير عرقي”.
ويظهر هذا التناقض في المواقف بين الدعم العسكري خلف الكواليس والإدانة العلنية، ويعكس حساسيات سياسية كبيرة، إذ إن أي إعلان رسمي عن هذه الشراكة كان قد يثير غضباً شعبياً داخلياً ويهدد استقرار العلاقات العربية الداخلية والخارجية.
ويؤدي هذا التباين بين الواقع العسكري والسرد السياسي العام إلى خلق “علاقات براغماتية” بين إسرائيل ودول الخليج، تحكمها اعتبارات الأمن الإقليمي ومواجهة التهديد الإيراني، وليس بالضرورة تطبيعاً سياسياً علنياً.
التعاون العسكري اقتصادياً
ويمكن قراءة التعاون العسكري من منظور اقتصادي بعدد من الجوانب، منها الاستثمارات الدفاعية والمعدات العسكرية، فتنسيق شراء المعدات اللازمة لتنفيذ الخطط الدفاعية المشتركة بين إسرائيل والدول العربية يعكسُ ضخ استثمارات كبيرة في الصناعات العسكرية والتقنيات الدفاعية، ما يساهم في تحريك جزء من الاقتصاد الإقليمي المرتبط بالصناعات الدفاعية، ويخلق فرص عمل وتقنيات جديدة.
ويُنظر إلى هذا التعاون المتبادل أنه يعمل على تهدئة المخاطر الأمنية الإقليمية التي تؤثر مباشرة على الأسواق والطاقة والتجارة، بما في ذلك أسعار النفط والغاز، والتي تعتبر حساسة لأي نزاع في الشرق الأوسط. فاستقرار الأمن العسكري يساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، ويحد من تقلبات السوق نتيجة الصراعات المسلحة.
وتشير الوثائق التي طالع بقش معلوماتها لدى “ICIJ” إلى أن دول الخليج، خاصة قطر والسعودية، قد تقدم الدعم المالي والدبلوماسي لقوة دولية في غزة، وهو شكل آخر من أشكال التدخل الاقتصادي عبر القنوات الأمنية، بهدف الحد من الأضرار الاقتصادية نتيجة الصراع وتوفير البنية الأساسية للسلطة الفلسطينية الجديدة.
وتُظهر الوثائق أيضاً خططاً لإنشاء “مركز سيبراني مشترك للشرق الأوسط” و”مركز دمج المعلومات”، ما يعكس استثماراً طويل الأمد في البنية التحتية الرقمية والأمن المعلوماتي، الذي يرتبط مباشرة بقدرة الدول على حماية أسواقها المالية والبيانات الاقتصادية الحيوية من التهديدات الإلكترونية.
ويبدو أن الولايات المتحدة تراهن على أن التعاون العسكري والاقتصادي سيؤدي إلى استقرار إقليمي نسبي، يقلل من تأثير إيران، ويخلق بيئة مواتية لاستثمارات أجنبية ومحلية أكبر حسب تحليل بقش. في الوقت نفسه، يمثل هذا التحالف اختباراً للثقة بين الدول العربية وإسرائيل، خاصة بعد الغارات الإسرائيلية على قطر، التي أظهرت هشاشة تنسيق الدفاعات الجوية ونقاط الضعف في نظم الإنذار المبكر.
وتؤكد هذه العلاقات البراغماتية أن الأولوية لجميع الأطراف هي الأمن والاستقرار الاقتصادي، حتى على حساب التوترات السياسية أو الانتقادات العلنية، وهو ما يعكس استراتيجية تعتمد على ضبط المخاطر الأمنية لتحقيق فوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة في المنطقة.
وتكشف الوثائق الأمريكية المسربة عن واقع جديد في الشرق الأوسط، حيث يشكل التعاون الأمني العربي الإسرائيلي بقيادة أمريكية شبكة دعم عسكرية واستراتيجية تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الإقليمي وأسواق الطاقة والدفاع والتكنولوجيا.
ورغم أن هذه الشراكات تجري خلف الكواليس، فإنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاستقرار الاقتصادي والاستثمارات المستقبلية، بما في ذلك التمويل المباشر للمناطق المتأثرة بالصراع مثل غزة، وتطوير البنية التحتية الرقمية والأمنية حسب تتبع بقش، وهو ما يجعل الأمن والسياسة والاقتصاد مترابطين بشكل لم يظهر من قبل في الشرق الأوسط الحديث.
ويمكن القول إن التعاون العسكري، رغم سرية تفاصيله، يمثّل عنصراً اقتصادياً واستراتيجياً محورياً، يوازن بين المخاطر السياسية والعسكرية ويهدف إلى حماية المصالح الاقتصادية الإقليمية والدولية على المدى الطويل.