أخبار الشحنتقارير
أخر الأخبار

كوريا الجنوبية تغازل ترامب بـ”صفقة بناء سفن” لتفادي رسوم جمركية محتملة

تقارير | بقش

تسابق كوريا الجنوبية الزمن لتفادي شمولها في الحزمة الجديدة من الرسوم الجمركية التي تنوي إدارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” فرضها اعتباراً من مطلع أغسطس المقبل، وذلك من خلال اقتراح شراكة اقتصادية غير مسبوقة في قطاع بناء السفن.

المبادرة، التي حملت شعاراً لافتاً: “لنجعل بناء السفن الأمريكية عظيماً من جديد”، تأتي وسط سلسلة صفقات تجارية وقّعتها واشنطن مؤخراً مع كل من اليابان والاتحاد الأوروبي.

وحسب اطلاع بقش على تقرير لوكالة “يونهاب” الكورية الرسمية، فإن “سيؤول” طرحت المقترح خلال مفاوضات رفيعة المستوى، دون الكشف عن تفاصيل المشروع، الذي تُقدّر قيمته بمليارات الدولارات، ويركز على الاستثمار المشترك في الصناعة البحرية الأمريكية.

في بيان صادر عن مكتب الرئاسة الكوري، اطلع عليه “بقش”، وأكدت سيؤول أن “الطرفين عبّرا عن اهتمام مشترك بتوسيع التعاون في مجال بناء السفن، والعمل على إعداد شروط متبادلة ومقبولة تساهم في حماية الشراكة الاقتصادية الثنائية”.

سباق اللحظات الأخيرة في مشهد تجاري متوتر

عرض كوريا الجنوبية يأتي في لحظة حرجة، بعد أن نجحت دول كبرى مثل اليابان والاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاقات قلّصت من حدة الرسوم التي هدد بها ترامب. فقد وافق الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال، على تعرفة موحدة بنسبة 15% على أغلب صادراته إلى السوق الأمريكية، أي نصف النسبة التي كانت مقررة (30%).

أما اليابان، فقد توصّلت إلى اتفاق يتضمن إنشاء صندوق استثمار بقيمة 550 مليار دولار لتمويل مشاريع داخل الولايات المتحدة، في مقابل تخفيض الرسوم على صادراتها، بما فيها السيارات. ومع دخول اتفاقها حيّز التنفيذ، بدأت الضغوط تتصاعد على سيؤول لعقد صفقة مشابهة.

كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وجدت نفسها في موقع حساس، حيث لم تنجح حتى الآن في تأمين إعفاءات أو اتفاقات واضحة، رغم اعتمادها الكبير على التجارة الخارجية، والتي شكّلت أكثر من 40% من ناتجها المحلي الإجمالي عام 2024.

ملف الزراعة.. العقبة الأصعب أمام سيؤول

بحسب تقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس”، فإن عدم التوصل إلى اتفاق تجاري قبل الأول من أغسطس قد يؤدي إلى خسارة نحو 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي الكوري، وهو رقم قد يرتفع إذا ما تزايدت تقلبات الأسواق وعمّقت حالة عدم اليقين. كما حذرت مؤسسة “مورغان ستانلي” من أن كوريا وتايوان ستكونان بحاجة إلى “تعزيز برامج استثمارية وتوسيع انفتاح أسواقهما على واردات الطاقة والزراعة لتتجنبان تصعيداً اقتصادياً”.

إلى جانب التعاون الصناعي، تشمل المفاوضات بين واشنطن وسيؤول مطالب أمريكية بفتح السوق الكورية أمام واردات زراعية إضافية، بما في ذلك لحوم البقر والأرز. وتعد هذه الملفات شائكة داخلياً، نظراً للحساسيات الاجتماعية والسياسية المرتبطة بحماية المزارعين، الذين يشكّلون كتلة ضغط نافذة.

وتخشى الحكومة الكورية من تكرار احتجاجات عنيفة مماثلة لتلك التي اندلعت في 2008، عقب توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة فتحت السوق أمام لحوم البقر الأمريكية، ما دفع مئات الآلاف إلى التظاهر حينها.

هل تنجح ورقة السفن في إنقاذ سيؤول؟

بحسب متابعات “بقش”، فإن العرض الكوري في قطاع بناء السفن يسعى إلى ضرب أكثر من عصفور بحجر: فهو من جهة يفتح الباب أمام تعاون صناعي يخلق فرص عمل في أمريكا، ومن جهة أخرى يجنّب سيؤول خسائر اقتصادية ضخمة، ويوفّر غطاءً سياسياً لحكومتها في الداخل.

وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، لم تصدر إدارة ترامب موقفاً رسمياً تجاه العرض الكوري، لكن من المرتقب أن يلتقي مسؤولون كبار من البلدين خلال الأيام المقبلة لإجراء محادثات “حاسمة” قبيل الموعد النهائي المقرر في الأول من أغسطس، وفق ما أكدته وزارة المالية الكورية.

العرض الكوري الجنوبي ليس إلا حلقة جديدة في إعادة ترسيم موازين التجارة العالمية، وفق رؤية ترامب التي تستند إلى فرض التعريفات كوسيلة ضغط لإعادة التفاوض على اتفاقات قديمة. وقد أعاد الرئيس الأمريكي منذ بداية العام الحالي ترتيب علاقات بلاده التجارية مع الاتحاد الأوروبي، اليابان، والمكسيك، بينما تسير المفاوضات مع الصين والهند وتايوان بوتيرة بطيئة ومعقدة.

يرى مراقبون أن المقترحات مثل مشروع “شراكة السفن” الكوري تحمل دلالات رمزية تتماشى مع الخطاب السياسي لإدارة ترامب، مما يمنحها فرصة فعلية لإبرام اتفاق في الوقت المتبقي، إذا ما توافرت المرونة في الملفات الأخرى، خاصة الزراعة والطاقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش