لأول مرة منذ 2020 | “الفيدرالي الأمريكي” يتجه لخفض أسعار الفائدة

أصبح مجلس الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي” مقتنعاً بضرورة تيسير السياسة النقدية وخفض أسعار الفائدة، لمعالجة الشح في سوق العمل الأمريكية، على أمل أن يقترب التضخم من مستواه المستهدف عند 2%.
ففي تصريح يبدو الأول من نوعه خلال 2024، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إنه حان الوقت لكي يبدأ البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة وتعديل السياسة النقدية، وإن توقيت تخفيضها يعتمد على البيانات الواردة والتوقعات المتطورة وتوازن المخاطر.
وفقاً لمتابعات بقش، فإن هذا التصريح يأتي قبل ما يزيد قليلاً عن ثلاثة أسابيع من اجتماع البنك المركزي يومي 17 و18 سبتمبر المقبل، والذي قد يشهد الإعلان عن أول خفض لسعر الفائدة منذ عام 2020.
ورأى باول أن مخاطر تصاعد التضخم قد تضاءلت، فيما زادت مخاطر الهبوط المتعلقة بالتوظيف، ويُذكر أن المركزي الأمريكي أبقى سعر الفائدة في نطاق 5.25% إلى 5.5% في اجتماعه الأخير الذي عقده خلال شهر يونيو الماضي حسب اطلاع بقش.
وفي إشارة إلى الهدفين اللذين كلف الكونغرس مجلس الاحتياطي بتحقيقهما، قال باول إن ثقته زادت في أن التضخم يسير على مسار مستدام للعودة إلى 2%، بعد أن ارتفع إلى نحو 7% خلال جائحة كورونا، في حين تستمر معدلات البطالة في الارتفاع.
وقد ارتفع معدل البطالة بنحو نقطة مئوية واحدة على مدار العام 2023، وذلك بسبب زيادة الأيدي العاملة وتباطؤ التوظيف، وليس بسبب زيادة تسريح العمال، وفقاً لجيروم باول.
ويبلغ معدل البطالة حالياً 4.3%، وهو تقريباً المستوى الذي يشعر مسؤولو مجلس الاحتياطي بأنه متسق مع استقرار التضخم على المدى الطويل.
كما قال باول: “لا نريد مزيداً من الشح في أوضاع سوق العمل ولا نرحب به، وسنبذل ما بوسعنا لدعم سوق عمل قوية مع إحراز المزيد من التقدم نحو استقرار الأسعار، ومع تخفيف القيود المتعلقة بالسياسات بشكل مناسب، سيكون هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الاقتصاد سوف يعود إلى معدل تضخم يبلغ 2% مع الحفاظ على سوق عمل قوية”.
ماذا بعد خفض الفائدة؟
يراهن المتعاملون في الوقت الحالي على خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع مجلس الاحتياطي الاتحادي خلال سبتمبر المقبل، إلا أنه عقب تصريحات باول، أصبح يراهن واحد من كل 3 متعاملين تقريباً على خفض التضخم بمقدار نصف نقطة مئوية.
ووفقاً لمجلس الاحتياطي الفيدرالي فإن استقرار الأسعار يحدث عندما يكون معدل التضخم 2% وفق مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في #أمريكا، وقد سجَّل المؤشر معدلاً سنوياً يبلغ 2.5%.
وتخشى الأسواق الأمريكية أن يكون البنك الفيدرالي قد تأخر فعلاً في خفض أسعار الفائدة، وهو ما ظهر جلياً على تباطؤ التوظيف الحاد المسجل في يوليو الماضي، ونسبة البطالة الأعلى منذ 2021 والبالغة 4.3%.
وفي التأثيرات (عقب تصريحات باول) تراجع الدولار الأمريكي بنسبة 0.63% مقابل ارتفاع اليورو والين، وارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.83% إلى 1.3197 دولار ليلامس أعلى مستوى له منذ أواخر مارس 2022.
ويقدّر الخبراء أن يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى ارتفاع فرص الذهب، فعلى سبيل المثال كانت أسعار الذهب العالمية في مارس قد ارتفعت إلى أكثر من 2183 دولاراً للأونصة، بعد أن قال مجلس الاحتياطي الفيدرالي حينها إنه يتوقع خفض أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس بحلول نهاية عام 2024، وفي المقابل انخفض الدولار وعوائد سندات الخزانة.
وكان هناك تكهنات باندلاع موجة أخرى من التضخم إذا لم يتم التعامل مع خفض أسعار الفائدة بحساسية.
حيث سبق وقال صندوق #النقد_الدولي، في يناير الماضي، إن البنوك المركزية العالمية بحاجة إلى التحرك بحذر بشأن خفض أسعار الفائدة هذا العام، إذ إن توقعات السوق بشأن سياسة نقدية أكثر مرونة يمكن أن تؤدي إلى موجة أخرى من التضخم.
هذا ومن المتوقع أن ينخفض التضخم بشكل أقل حدة مما حدث في عام 2023، بسبب ضيق أسواق العمل وارتفاع تضخم الخدمات في الولايات المتحدة الأمريكية ومنطقة اليورو وأماكن أخرى.
وذلك يشير إلى “مسار وعر” نحو انخفاض التضخم وفقاً لصندوق النقد، وبالتالي رأى الصندوق أنه لا ينبغي خفض أسعار الفائدة الرسمية حتى النصف الثاني من العام، أي الفترة الراهنة التي تشهد توقعات بخفض الفائدة بالفعل.