تقارير
أخر الأخبار

مجاعة غزة تتكشف على الأرض: مراكز توزيع الغذاء تتحول إلى مصائد موت ونداءات أممية عاجلة لوقف الكارثة

تقارير | بقش

تتسارع المؤشرات الميدانية والدولية نحو إعلان غزة رسمياً منطقة مجاعة، في ظل تصاعد أعداد الشهداء بسبب الجوع، وتحول نقاط توزيع المساعدات إلى مساحات للقتل الجماعي، وسط اتهامات مباشرة لمؤسسة أمريكية إسرائيلية بتعمد تجميع المدنيين وقنصهم أو قصفهم.

وبحسب تقارير اطلع عليها مرصد بقش، فإن الوضع الإنساني في غزة تجاوز كافة خطوط الإنذار، مع تسجيل أكثر من 800 وفاة في طوابير المساعدات خلال شهر يونيو وحده، ومقتل 147 شخصاً – بينهم 88 طفلاً – بسبب الجوع وسوء التغذية منذ مارس، حسب وزارة الصحة في القطاع.

“المساعدات تقتل الناس” بدلاً من إنقاذهم

نشرت مجلة إيكونوميست تحقيقاً صادماً قالت فيه إن عدد القتلى في صفوف الفلسطينيين قرب مواقع توزيع المساعدات ارتفع بأكثر من 8 أضعاف بين مايو ويونيو الماضيين، بعد بدء نشاط “مؤسسة غزة الإنسانية” التي تمولها وتديرها الولايات المتحدة بالتنسيق مع إسرائيل.

ووفقاً لمعلومات حصل عليها مرصد بقش، أنشئت هذه المراكز داخل مناطق عسكرية محظورة على المدنيين، وتم تصميمها بطرق تُشبه قواعد عسكرية: مداخل ضيقة طويلة تؤدي إلى نقاط اختناق، حيث يُطلق الجنود النار مباشرة على المتجمهرين بمجرد اقترابهم من المساعدات.

وتقول المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن تلك المراكز تم إنشاؤها للقتل وليس للإغاثة، مؤكدة في شكوى رفعتها إلى المحكمة الجنائية الدولية أن هذه المنشآت “تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وتدخل ضمن توصيف الإبادة الجماعية”.

السيناريو الأسوأ يتكشف الآن

وأكد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن السيناريو الأسوأ للمجاعة يحدث الآن في غزة، محذراً من أن انتشار الجوع وسوء التغذية والأمراض بدأ يتسبب بارتفاع واضح في وفيات الأطفال والنساء.

وقال التصنيف في تقرير تابعه بقش إن هناك مؤشرات تقترب من العتبة القانونية لإعلان المجاعة: أكثر من 20% من السكان يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، واحد من كل 3 أطفال يعاني من سوء تغذية حاد، وارتفاع بمعدل وفيات الجوع لأكثر من حالتي وفاة لكل 10,000 شخص يومياً.

ورغم أن التصنيف لم يُعلن المجاعة رسمياً، إلا أنه شدد على أن إعلاناً كهذا يتطلب “تحليلاً جديداً”، داعياً إلى “إغاثة عاجلة بلا قيود لإنقاذ الأرواح”.

الأونروا: الوضع تخطى الكارثة وإسقاط المساعدات دعاية إعلامية

في سياق متصل، أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) اليوم الثلاثاء أن كل مناطق غزة تخطت عتبة الجوع الحاد، وشددت على أن “أسوأ سيناريو للمجاعة يحدث الآن بالفعل”، بحسب المفوض العام فيليب لازاريني.

وأضاف لازاريني في مؤتمر صحفي: “أكثر من 100 فلسطيني توفوا جوعاً خلال الأسابيع القليلة الماضية فقط… ولدينا 6 آلاف شاحنة جاهزة بالدعم الغذائي والدوائي، تنتظر فقط سماح إسرائيل لها بالدخول”.

وقالت مديرة الاتصال في الأونروا إن الإسقاط الجوي للمساعدات مجرد دعاية إعلامية لا تنقذ أرواحاً على الأرض، مشيرة إلى أن تلك العمليات “محفوفة بالمخاطر”، في حين أن الشاحنات البرية أكثر كفاءة وقدرة على التوصيل.

وحذّرت الأونروا من أن تأخير دخول هذه الشاحنات يعمّق الكارثة، ويُسهم في موت مزيد من المدنيين، خاصة الأطفال الذين بدأوا يسقطون يومياً في مراكز التغذية أو على أبواب المخابز المغلقة.

ووفقاً للشكوى المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، فإن “مؤسسة غزة الإنسانية” تُدار كشركة خاصة من جنرالات متقاعدين وشركات أمنية متعاقدة مع وزارة الدفاع الأمريكية، وتعمل خارج منظومة الأمم المتحدة.

وتوضح الشكوى أن المراكز التي أنشأتها المؤسسة تعتمد نمطاً عسكرياً في التصميم يُسهّل عمليات التصفية، عبر جرّ المدنيين إلى ممرات ضيقة، ثم استهدافهم برصاص القناصة أو بقذائف الدبابات، كما حدث في مناطق مثل الزيتون وحي الشجاعية ورفح.

وتشير تقارير دولية إلى أن عدة منظمات إغاثية، بينها الصليب الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي، رفضت المشاركة في هذا المشروع، واعتبرت أن هدفه الأساسي تصفية دور الأمم المتحدة واستبداله بجسم موازٍ يشرعن الحصار.

جوع وموت وتواطؤ دولي

في ظل استمرار الحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل منذ مارس 2025، ومنع دخول المساعدات من المعابر، دخل القطاع مرحلة متقدمة من “التجويع الممنهج”، بحسب وصف المنظمات الإنسانية.

ويقدّر عدد ضحايا الحرب والمجاعة في غزة حتى الآن بأكثر من 204 آلاف شهيد وجريح، بينهم آلاف الأطفال، إضافة إلى 147 شهيداً بسبب الجوع وسوء التغذية فقط، مع تزايد الخشية من انفجار “موجة وفيات صامتة” خلال الأسابيع المقبلة.

وأكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن المؤسسة الأمريكية لعبت دوراً في تعطيل دخول مساعدات الأمم المتحدة، ما ساهم في ازدياد أعداد الضحايا، وطالبت بفتح تحقيق دولي شفاف ومحاسبة جميع المسؤولين عن هذه الكارثة.

مرصد بقش سيواصل متابعته اليومية لتطورات الوضع الإنساني في غزة، ويحث وسائل الإعلام على تغطية الحقيقة الكاملة حول ما يجري في مراكز توزيع المساعدات، التي تحوّلت من “نقاط إنقاذ” إلى “مصائد موت” يديرها الاحتلال وأذرعه.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش