مساعدات غزة لا تسمن ولا تغني الناس من الجوع وبرنامج الأغذية العالمي يضع “خطة مجحفة”

متابعات | بقش
يعكس المشهد الإنساني المروع في قطاع غزة حجم التخاذل العربي الكبير تجاه المأساة الأعنف التي تعصف بالفلسطينيين هناك، في الوقت الذي دخلت فيه مساعدات محدودة إلى القطاع المحاصر، ورغم محدودية هذه المساعدات، إلا أنها تعرضت أيضاً للنهب.
وقد وثقت مقاطع فيديو عملية استيلاء على أكياس دقيق من الشاحنات، وتعود هذه الشاحنات إلى الإمارات، عبر طرق غير آمنة لشاحنات التوصيل تحت السيطرة الإسرائيلية.
من جهته، منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق (COGAT)، الذي يشرف على عمليات التسليم، ذكر أنه تم السماح بدخول 83 شاحنة تابعة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بالعبور من معبر كرم أبو سالم إلى غزة، يوم أمس الجمعة، وبذلك، وصل إجمالي عدد الشاحنات التي دخلت قطاع غزة خلال الأسبوع إلى حوالي 350 شاحنة حسب هذه الرواية الإسرائيلية، في حين تؤكد المنظمات أن الشاحنات الداخلة إلى القطاع لا تلبي أدنى متطلبات الفلسطينيين في الوقت الذي يحتاج فيه القطاع حسب اطلاع بقش إلى ما لا يقل عن 600 شاحنة يوماً.
المساعدات: إبرة في كومة قش
المفوض العام لوكالة الأونروا أكد أن المساعدات التي تصل الآن إلى قطاع غزة أشبه بـ”إبرة في كومة قش”، وأن تدفق المساعدات بشكل هادف ومتواصل هو السبيل الوحيد لمنع تفاقم الكارثة الحالية، وجددت الوكالة التأكيد على الحاجة إلى ما بين 500 و600 شاحنة يومياً تدار من خلال هيئات أممية بينها الأونروا.
وشددت الوكالة على أن سكان القطاع عانوا من الجوع والحرمان من أساسيات الحياة لأكثر من 11 أسبوعاً، وأن إمدادات الطعام لأطفال غزة نفدت، في حين مات كبار السن بسبب نقص الأدوية.
ومن جانبه، قال برنامج الأغذية العالمي إن ما دخل قطاع غزة من مساعدات “قليل جداً” ولا يكفي لسد احتياجات السكان، وأشار إلى أن الناس في غزة يقطعون 25 كيلومتراً للوصول لنقاط توزيع المساعدات.
المجاعة ومحدودية المساعدات تأتي في حين يتواصل تدفق الإمدادات التجارية والبضائع إلى إسرائيل براً بتأييد أمريكي، عبر جسر تجاري يوفر للإسرائيليين ما يحلو لهم من المواد الطازجة بينما يبحث أهالي غزة عن كسرة الخبز.
ويمتد هذا الجسر البري من الإمارات والبحرين مروراً بالسعودية والأردن، وصولاً إلى إسرائيل التي تتسلم البضائع الخاصة بها، ومنها أيضاً يتم تصدير بعض البضائع القادمة بالأساس من الهند، نحو أوروبا.
توزيع الدقيق قبل إرساله للمخابز
بينما يعيش الناس في أزمة طاحنة يهرعون فيها إلى طوابير المطابخ الخيرية التي تقدم الطعام بكميات محدودة، قالت جمعية المخابز في غزة إنه يجب توزيع الدقيق مباشرة على سكان غزة قبل إرساله إلى المخابز وفق شبكة “سي إن إن” الأمريكية، وأضافت الجمعية أن ذلك من شأنه أن يخفف الضغط على المخابز ويمنع اقتحامها.
وهناك 4 مخابز فقط تعمل من أصل 25 مخبزاً متعاقداً مع برنامج الغذاء العالمي وفق متابعة بقش، وجميعها في دير البلح وسط غزة، بينما يمنع الجيش الإسرائيلي تشغيل عمل العديد من المخابز في ما أسماها “المناطق الحمراء”، في إطار عملية التجويع الإسرائيلية الممنهجة.
وكان مخبز في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة فتح أبوابه ليوم واحد فقط قبل إغلاقه، بعد اقتحامه من قبل مدنيين جائعين، ومن جهتها قالت وزارة الداخلية الفلسطينية بغزة إنها أعدمت عدداً من الرجال المتهمين بالتورط في عمليات نهب.
في السياق نفسه أكدت جمعية المخابز بغزة أن برنامج الأغذية العالمي اعتمد “آلية مجحفة” لتوزيع الخبز لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات الفلسطينيين، في حين برر البرنامج الأممي قراره بأنه لم يحصل حتى الآن على تصريح من السلطات الإسرائيلية لتوزيع المواد الغذائية والدقيق مباشرةً على العائلات في غزة.
وحسب اطلاع بقش، تقضي آلية البرنامج الأممي بتشغيل المخابز وفق كميات محدودة من الدقيق والسكر والزيت والخميرة والوقود، لإنتاج الخبز وتسليم الكميات الجاهزة له (للبرنامج) الذي يتولى بدوره توزيعه على المستفيدين.
هذه الخطة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين والنازحين وسط حالة المجاعة، وفقاً لجمعية المخابز، واقترحت الجمعية بديلاً يقوم على توزيع كيس من الدقيق بشكل مباشر لكل أسرة في مرحلة أولى، بما يضمن الحد الأدنى من الأمن الغذائي ويمتص حالة الغضب الشعبي، ومن ثم تشغيل المخابز في مرحلة ثانية، لكن البرنامج رفض المقترح وفضّل الاستمرار بآلية تشغيل المخابز وتوزيع الخبز عبر المندوبين.