معركة قضائية جديدة ضد “حرب ترامب التجارية”: شركات صغيرة تتحدى الرسوم الجمركية

فُتحت جبهة قانونية جديدة ضد السياسات التجارية الحمائية لإدارة الرئيس “دونالد ترامب”، حيث لجأت مجموعة من الشركات الأمريكية الصغيرة، مدعومة بمنظمة للدفاع القانوني، إلى محكمة التجارة الدولية المتخصصة في نيويورك.
الهدف الرئيسي هو وقف تطبيق الرسوم الجمركية واسعة النطاق التي فرضها الرئيس على الشركاء التجاريين، بدعوى أن ترامب تجاوز بشكل صارخ صلاحياته الدستورية التي تمنح الكونغرس، وليس البيت الأبيض، سلطة فرض الضرائب والرسوم الجمركية.
هذه الدعوى، التي تمثل أحدث فصول الجدل المحتدم حول سلطات الرئيس في قضايا التجارة الدولية، تضع المحكمة أمام اختبار حاسم لتحديد حدود السلطة التنفيذية في مواجهة تشريعات الطوارئ.
جوهر النزاع: سلطة دستورية أم تجاوز رئاسي؟
يقود مركز “ليبرتي للعدالة” (Liberty Justice Center)، وهو منظمة غير حزبية، هذه المعركة القانونية نيابة عن خمس شركات أمريكية تتنوع أنشطتها وفق متابعات بقش بين استيراد المشروبات والمستلزمات التعليمية والآلات الموسيقية.
تعتمد هذه الشركات الصغيرة على استيراد بضائع من دول استهدفتها تعريفات ترامب، بما في ذلك الرسوم الشاملة التي أُعلنت في ما بات يُعرف بـ”يوم التحرير” في 02 أبريل الجاري، إضافة إلى الرسوم المنفصلة المفروضة على الصين.
الحجة المركزية للمدعين، كما لخصها جيفري شواب، كبير مستشاري المركز، هي أن “شخصاً واحداً لا يجب أن يمتلك سلطة فرض ضرائب لها تداعيات اقتصادية عالمية هائلة”، مؤكداً أن الدستور واضح في إسناد هذه السلطة للكونغرس.
دفاع البيت الأبيض: حماية “الشارع الرئيسي” ومعالجة العجز التجاري
في المقابل، يدافع البيت الأبيض بقوة عن إجراءات الرئيس. المتحدث باسم الإدارة، هاريسون فيلدز، أكد أن الرئيس ترامب “يدافع عن الشارع الرئيسي” (مصطلح يشير للشركات الصغيرة والمواطنين العاديين) بوضع حد لما وصفه باستغلال الشركاء التجاريين، وخاصة الصين، للولايات المتحدة.
يرى البيت الأبيض أن هذه التعريفات ضرورية لمعالجة “حالة الطوارئ الوطنية المتمثلة في العجز التجاري المزمن” وتحقيق تكافؤ الفرص للشركات والعمال الأمريكيين.
وتستند الإدارة في فرضها لهذه الرسوم إلى قوانين مثل قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA)، الذي يمنح الرؤساء صلاحيات استثنائية لمواجهة التهديدات غير العادية للأمن القومي أو الاقتصاد الأمريكي.
سابقة قانونية على المحك وتداعيات اقتصادية على الشركات والمستهلكين
تشكك الدعوى الجديدة بشدة في الأساس القانوني الذي استندت إليه الإدارة. يؤكد المدعون أن قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية (IEEPA) لم يُستخدم قط في السابق لفرض رسوم جمركية شاملة بهذه الطريقة، معتبرين أن “أي رئيس آخر لم يفعل ذلك من قبل، أو يدّعِ امتلاكه السلطة للقيام بذلك”.
ويطالبون المحكمة ليس فقط بمنع تطبيق هذه الرسوم، بل بإصدار إعلان قضائي يؤكد افتقار الرئيس ترامب للسلطة القانونية لفرضها من الأساس. وتأتي هذه القضية لتضاف إلى تحديات قانونية أخرى مماثلة، مثل الدعوى القائمة في محكمة فيدرالية بولاية فلوريدا والتي تستهدف الرسوم المفروضة على الصين تحديداً.
بعيداً عن الجدل القانوني الدستوري، فإن للرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب تداعيات اقتصادية ملموسة ومباشرة.
الشركات المستوردة، خاصة الصغيرة منها مثل المدعين في هذه القضية، تواجه ارتفاعاً في تكاليف مدخلاتها، مما قد يجبر الكثير منها على رفع أسعار منتجاتها النهائية على المستهلكين أو تقليص هوامش أرباحها، بل وربما تقليص حجم أعمالها أو عدد موظفيها.
كما أن هذه السياسات تثير قلق الشركاء التجاريين الدوليين وتزيد من احتمالية فرض رسوم انتقامية على الصادرات الأمريكية، مما يضر بقطاعات أخرى من الاقتصاد الوطني.