تقارير
أخر الأخبار

من البحر الأحمر إلى الرياض.. علاقات استراتيجية بين السعودية وإسرائيل

تقارير | بقش

العلاقة بين إسرائيل السعودية لم تعد مجرد همس في الأروقة الدبلوماسية، بل باتت حقيقة مكشوفة تفرض نفسها في مسار المنطقة، ورغم غياب العلاقات الرسمية، فإن التعاون بين الجانبين ظل قائماً منذ سنوات طويلة في الظل، وظهر إلى العلن بشكل أوضح في نوفمبر 2020، عندما التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو بولي العهد السعودي محمد بن سلمان على متن يخت في البحر الأحمر.

وفي أحدث تقاريرها تحدثت صحيفة تايم أوف إسرائيل الإسرائيلية عن ذلك، وقالت إن جهاز الموساد لعب دوراً محورياً في هذه اللقاءات، مقدِّماً غطاءً لوجستياً وإنكاراً سياسياً لحكومتين لم تُعلنا علاقاتهما بعد، ولم تكن هذه المبادرات مجرد رمزية، بل جسدت تحوّلاً استراتيجياً، إذ أدرك الطرفان أن لديهما مصالح مشتركة، وهو احتواء إيران، ومواجهة الشبكات المتطرفة، وبناء مراكز نفوذ تكنولوجي في المنطقة.

أبعاد استراتيجية من وجهة نظر إسرائيلية سعودية

تداعيات أي شراكة رسمية بين إسرائيل والسعودية قد تتجاوز القضية الفلسطينية، إذ إن التعاون الاستخباراتي بين جهازَي الموساد والمخابرات العامة السعودية يمكن أن يشكل حاجزاً صلباً في مواجهة الحرس الثوري الإيراني وحلفاء إيران في المنطقة، وفي المجال الدفاعي، وقد يفتح الباب لتنسيق عسكري يحقق الاستقرار في الخليج ويعزز الردع في المشرق.

أما في الجانب التكنولوجي، فقد يلتقي النظام البيئي الإسرائيلي المبتكر مع رؤية السعودية الطموحة 2030، لخلق استثمارات ضخمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والأمن السيبراني.

لكن العقبات لا تزال قائمة وفق اطلاع بقش على الصحيفة العبرية، أبرزها الانقسامات الثقافية والدينية، إضافة إلى رفض قطاعات واسعة من الرأي العام السعودي للتطبيع مع إسرائيل.

إلا أن التقارب بين إسرائيل والسعودية، من وجهة نظر الطرفين، قائم على دوافع استراتيجية حقيقية “مواجهة إيران، الأمن البحري، التعاون التقني والاقتصادي” لكنه هشّ. فالحرب على غزة أعادت إحياء العامل الفلسطيني بوصفه متغيراً مركزياً يمكن أن يعرقل أي تطبيع سريع، وقد صُور كامتحان لمدى قدرة الرياض على المضيّ في التطبيع دون غطاء سياسي للفلسطينيين.

مؤتمر “شراكة الأمن البحري اليمني”

في السياق، انعقد اليوم في العاصمة السعودية الرياض مؤتمر شراكة الأمن البحري اليمني (YMSP) بتنظيم سعودي بريطاني مع حكومة عدن، للإعلان عن تدشين الأمانة العامة المشتركة لأمن الملاحة البحرية في اليمن كمبادرة دولية جديدة تهدف إلى تعزيز أمن الملاحة في المياه اليمنية، ومكافحة التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر وفقاً لما نشرته حكومة عدن.

وشهد المؤتمر حضور أكثر من 40 دولة، وأعلن خلاله عن تعهدات مالية واسعة لدعم خفر السواحل اليمني التابع لحكومة عدن، من خلال التدريب المتخصص، وتوفير المعدات، وبناء القدرات المؤسسية.

ومن ذلك إعلان السعودية عن تقديم 4 ملايين دولار دعماً لخفر السواحل اليمنية، فيما ستقدم بقية الدول دعماً فنياً يتعلق بالتدريب والمعدات”. كما قال الاتحاد الأوروبي إنه قدم من خلال البرامج الإقليمية والثنائية أكثر من مليونَي يورو دعماً لخفر السواحل اليمني بهدف الاستثمار في تأمين حدود اليمن وتعزيز الاستقرار الإقليمي.

وفي البيان الصادر عن المؤتمر، شدد المشاركون على ضرورة ان تكون المياه والسواحل اليمنية أكثر أمناً بشكل ملموس، عقب إطلاق شراكة دولية كبرى لتعزيز قدرات اليمن في إنفاذ القانون البحري والأمن، وأشار البيان وفق اطلاع بقش إلى أن هذه الشراكة الدولية تأتي استجابة للتحديات الأمنية البحرية الخطيرة التي تهدد الاستقرار الإقليمي وخطوط التجارة الدولية، مشيراً أيضاً إلى أن المياه اليمنية صارت ممراً لعمليات التهريب والقرصنة والاتجار بالبشر.

يشير الربط بين مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي ومؤتمر “شراكة الأمن البحري اليمني” إلى خيط استراتيجي واحد، يتمثل في مواجهة النفوذ المتصاعد لقوات صنعاء في البحر الأحمر. فالهجمات البحرية التي أدت إلى فرض حصار شبه كامل على الموانئ الإسرائيلية، جعلت من الأمن البحري الإسرائيلي قضية عاجلة.

وبهذا المعنى، فإن التحالفات الجديدة سواء في مسار التطبيع أو عبر المنصات الأمنية البحرية، تعكس إعادة تشكيل للتوازنات لمواجهة خصم مشترك. فإسرائيل ترى في الحوثيين ذراعاً مباشراً لإيران يهدد أمنها البحري، بينما تعتبر السعودية أن ضبط الممرات البحرية في اليمن شرط أساسي لحماية خطوطها الاقتصادية ورؤيتها الاستراتيجية، ومن ثم تبدو كل هذه التحركات جزءاً من خارطة مواجهة أوسع، عنوانها الحد من تأثير صنعاء في معادلة البحر الأحمر.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش