
الاقتصاد اليمني | بقش
مثل هذه الأزمة لم تحدث لا في حرب 1986، ولا 1994، ولا 2015. فانقطاع التام للكهرباء في عدن يُعد حدثاً لم يسبق له مثيل منذ عقود، وتُصنّف بأنها الأسوأ في تاريخ المدينة.
إذ أدت أزمة نفاد الوقود إلى توقف كامل في كافة محطات التوليد، مع غياب أي تحرك حكومي فوري لمعالجة الوضع، وهو ما دفع الشارع في عدن إلى الانفجار وخروج الاحتجاجات الغاضبة في مديريات مختلفة.
أزمة الظلام تعطل كل شيء
تفاقمت الأزمة مع نفاد الوقود المشغّل للمحطات، إذ توقفت محطة “الرئيس” المركزية بالكامل وفق معلومات “بقش”، بينما يتم الاعتماد حالياً فقط على القواطر القادمة من حضرموت، وبشكل محدود وغير كافٍ لتشغيل المحطات ولو لساعات.
وأدى عدم وصول أي شحنات جديدة من الوقود من مأرب أو حضرموت إلى توقف التوليد بشكل كامل.
ولم تتلق مؤسسة الكهرباء أي دعم عاجل من الحكومة أو رئاسة المجلس الرئاسي، رغم المناشدات المتكررة لمؤسسة كهرباء عدن وفق بياناتها التي حصل بقش على نسخ منها.
ومع غياب استجابة رسمية أو توضيح عن موعد استئناف التشغيل، ازدادت حدة الأزمة وسخط المواطنين.
فقد أحدث انقطاع الكهرباء تأثيرات كبيرة على المواطنين والخدمات العامة، وسط موجة حر خانقة، إضافة إلى انقطاع خدمات مهمة بالفعل بالفعل مثل المياه.
وأصدرت مؤسسة المياه في عدن اليوم الإثنين بياناً وصل “بقش”، أكدت فيه أن الانقطاع الكامل لمنظومة الكهرباء سيؤدي إلى توقف خدمة المياه والصرف المياه، حيث ستتوقف عملية إنتاج المياه في الحقول وتموين المديريات، إضافةً إلى توقف محطات ضخ مياه الصرف الصحي.
وتعطلت الخدمات الأساسية مثل التبريد، والإضاءة، ومضخات المياه، ما أثّر على حياة الأسر والأطفال وكبار السن بشكل مباشر. كما يهدد الوضع المصانع والمحلات التجارية.
انفجار شعبي
شهدت عدن مساء اليوم مظاهرات شعبية واسعة، وإحراقاً لإطارات تالفة وقطعاً للطرق في عدد من المناطق، مثل مديريتي المنصورة والمعلا.
ويحذر المواطنون من تصعيد الاحتجاجات في حال استمرار الانقطاع، ما يهدد بالتحول إلى أزمة أكبر.
وخرج المتظاهرون في احتجاجاتهم وسط تآكل الثقة بالمؤسسات الرسمية وتجاهل الحكومة وعدم تدخلها حتى الآن.
ويهدد الانقطاع التام للكهرباء بموجة احتجاجية أكبر قد تمتد لتشمل كافة المديريات والأحياء.
ويرى المتظاهرون أن أزمة الكهرباء مزيج من الفشل الإداري الحكومي ونقص الموارد الأساسية، بشكل بات يحفز على الغضب الشعبي الواسع.
وفي غضون ذلك يبقى الانقسام السياسي حاضراً في المشهد، إذ نُشرت تقارير عن أن رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي يحمّل نائبه في المجلس، رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، مسؤولية تدهور خدمة الكهرباء.
وقالت التقارير إن العليمي رد على مناشدات مؤسسة كهرباء عدن التي حذرت من توقف المنظومة بسبب نفاد الوقود، بالقول إن على الزبيدي أن يتصرف بصفته رئيس لجنة الإيرادات، فالمسؤولية لا تقتصر على إصدار القرارات فقط، وفق ما هو متداول.
وتمثل أزمة الكهرباء نتيجة صارخة لتراكم الإهمال وانعدام التخطيط وإدارة الموارد الحيوية، حيث أظهرت هشاشة البنية التحتية في مواجهة الضغوط اليومية والأزمات الطارئة.
ويبقى الخيار المُلح أمام السلطات هو التدخل العاجل لتوفير الوقود وإعادة تشغيل المحطات، مع وضع خطط مستدامة لضمان استقرار الكهرباء، لتلافي تكرار الكارثة التي تكاد أن تتحول إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة.