تقارير
أخر الأخبار

«أسطول الصمود» يربك تل أبيب… مستجدات خطة ترامب وإضراب في إيطاليا وسفن جديدة تتجه نحو غزة

تقارير | بقش

دخلت قضية «أسطول الصمود» مرحلة جديدة من التوتر السياسي والإعلامي، بعدما ندد حقوقيون ومحامون فرنسيون بما وصفوه بـ«الانتهاكات الجسيمة» التي ارتكبتها السلطات الإسرائيلية بحق مئات النشطاء الدوليين الذين كانوا على متن السفن المتجهة إلى غزة، في محاولة لكسر الحصار المفروض على القطاع منذ أكثر من 17 عاماً.

أفادت اللجنة الدولية لكسر الحصار أن عدداً من النشطاء المحتجزين في إسرائيل بدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام، احتجاجاً على طريقة التعامل معهم وحرمانهم من التواصل القانوني والإنساني. ووفق متابعات بقش، كانت السلطات الإسرائيلية قد رحّلت أربعة ناشطين إلى إيطاليا من بين أكثر من 470 ناشطاً، بينما أُرسل آخرون إلى سجن كتسيعوت في النقب.

وحسب اللجنة، فإن المحتجزين خضعوا للتحقيق الأولي دون حضور محامين، وتعرضوا لمعاملة مهينة، وهو ما اعتبره محامو مركز «عدالة» انتهاكاً صريحاً للقوانين الدولية المتعلقة بحماية المدنيين والنشطاء.

كما أعلن محامون فرنسيون يمثلون 35 مواطناً فرنسياً نيتهم التقدم بدعوى بتهم «اختطاف سفينة» و«احتجاز تعسفي»، مؤكدين انقطاع الاتصال بموكليهم منذ لحظة الاعتراض.

إضراب عام في إيطاليا تضامناً مع الأسطول

في موازاة الأحداث الميدانية، شهدت إيطاليا يوم أمس الجمعة إضراباً عاماً غير مسبوق في مختلف المدن وفق اطلاع بقش، دعت إليه كبرى النقابات الإيطالية احتجاجاً على اعتراض الأسطول من قبل إسرائيل، وتضامناً مع قطاع غزة.

وخرجت مظاهرات بأكثر من 200 ألف شخص في أنحاء البلاد، وكانت أكبر المسيرات في العاصمة روما، حيث رفعت الشعارات المنددة بسياسات الحكومة الإيطالية برئاسة جورجيا ميلوني، وبدعمها المستمر للحصار الإسرائيلي.

ورغم محاولات الحكومة الحد من الإضراب عبر توفير حد أدنى من خدمات النقل، فإن حركة المواصلات شهدت شللاً واسعاً، ما عكس حجم التعبئة النقابية والشعبية.

وصفت السلطات الإيطالية الإضراب بأنه «غير قانوني»، بينما أعلن برلمانيون إيطاليون تقديم مذكرة إلى النائب العام في روما، يتهمون فيها إسرائيل بـ«اختطاف» مواطنين إيطاليين كانوا على متن الأسطول، مطالبين بتحرك قضائي ودبلوماسي عاجل.

وفي ظل هذه التطورات، أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار أن أسطولاً جديداً من السفن في طريقه إلى القطاع، في محاولة ثانية لاختراق الحصار البحري. ويضم هذا الأسطول 11 سفينة، من بينها قارب «غسان كنفاني» وسفينة «العودة»، بالإضافة إلى سفينة «الضمير» التي تقل عدداً من الأطباء والصحافيين الدوليين.

ووفقاً للجنة، فقد تجاوزت هذه السفن جزيرة كريت اليونانية، وتتواجد حالياً شمالي مرسى مطروح المصرية، وعلى متنها نحو 170 ناشطاً من جنسيات متعددة حسب قراءة بقش. من المتوقع أن تواجه هذه السفن بدورها إجراءات إسرائيلية مشددة، ما يفتح الباب أمام تصعيد جديد على الصعيدين البحري والدبلوماسي.

هذه التطورات تأتي في وقت تزداد فيه الانتقادات الدولية لإسرائيل بسبب أسلوب تعاملها مع الأسطول السابق، حيث اعتبر مراقبون أن ما جرى يعيد للأذهان واقعة «أسطول الحرية» عام 2010 التي فجرت أزمة دبلوماسية واسعة النطاق آنذاك.

صدى عالمي وتحركات رمزية من شخصيات مؤثرة

لم تتوقف أصداء القضية عند الجانب القانوني والسياسي، بل امتدت إلى المجال الرياضي والثقافي. فقد دعا المدرب الإسباني بيب غوارديولا، المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، سكان برشلونة إلى التظاهر اليوم السبت احتجاجاً على ما وصفه بـ«الإبادة الجماعية الجارية في غزة».

في مقطع مصور، قال غوارديولا: «نحن نشهد إبادة جماعية على الهواء مباشرة. آلاف الأطفال قُتلوا وآخرون يواجهون المصير ذاته. غزة مدمرة، والناس يبحثون عن الماء والطعام والدواء». وأضاف: «المجتمع المدني المنظم يمكنه إنقاذ الأرواح والضغط على الحكومات للتحرك فوراً».

موقف غوارديولا أثار ردود فعل إسرائيلية غاضبة، إذ هاجمه وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهار قائلاً: «إذا خسرت إسرائيل، فأنتم التالون». كما انتقدت هيئة البث الإسرائيلية المدرب لأنه لم يذكر قضية الرهائن الإسرائيليين، معتبرة أن تصريحاته «منحازة».

بالتوازي مع الأزمة البحرية، دخلت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس مرحلة أولى حساسة ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب وتبادل الأسرى.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية أن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر سيقود الوفد الإسرائيلي في المفاوضات التي ستجري في مصر، بمشاركة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

أوضح مصدر سياسي إسرائيلي أن الجيش سيوقف عملياته الهجومية في القطاع ويتحول إلى «الدفاعية فقط»، تمهيداً لإطلاق سراح الأسرى خلال ثلاثة أيام في حال موافقة حماس على الخطة. وأضاف المصدر أن الجيش سيراقب الوضع ميدانياً عن كثب لمنع أي استغلال للهدنة المؤقتة.

في المقابل، أعلنت حماس أنها أجرت «مشاورات واسعة» وأنها «مستعدة للدخول في مفاوضات فورية» عبر الوسطاء، وأبدت موافقتها المبدئية على الإفراج عن جميع الأسرى وفق مقترح ترامب الذي يشمل وقف الحرب وانسحاباً تدريجياً من القطاع. هذه الموافقة دفعت ترامب إلى دعوة إسرائيل علناً لوقف القصف «فوراً»، واعتبر أن الفرصة سانحة لتحقيق «سلام دائم» في المنطقة.

ضغط داخلي إسرائيلي متزايد

في الداخل الإسرائيلي، تتصاعد الضغوط الشعبية على الحكومة بعد شهور من الحرب دون حسم واضح. فقد دعا أهالي الأسرى إلى مظاهرات حاشدة في تل أبيب مساء اليوم السبت، واصفين الأيام المقبلة بـ«الحاسمة».

أظهر استطلاع اطلع عليه بقش لمعهد دراسات الأمن القومي أن 64% من الإسرائيليين يرون أن الوقت قد حان لإنهاء الحرب، فيما عبّر 72% عن عدم رضاهم عن طريقة تعامل الحكومة مع الأزمة. هذه الأرقام تعكس تصاعد التململ الشعبي والسياسي، في ظل مأزق عسكري وسياسي متشابك.

هذه المؤشرات تأتي بينما تحاول الحكومة الإسرائيلية الموازنة بين ضغوط الداخل وتحركات الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، وبين محاولات فرض شروطها على الميدان دون الظهور بمظهر المتراجع تحت الضغط.

قضية «أسطول الصمود» تحولت من حدث بحري محدود إلى قضية دولية متعددة المستويات: قانونية، إعلامية، سياسية، وشعبية. إسرائيل تواجه ليس فقط تحدياً في البحر، بل أيضاً تزايداً في الانتقادات الدولية، وتحركات ميدانية أوروبية، وضغوطاً داخلية متنامية، في وقت تتقاطع فيه هذه التطورات مع مفاوضات معقدة حول مستقبل الحرب في غزة.

الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه هذه الملفات المتشابكة: هل ستنجح إسرائيل في احتواء الموجة الجديدة من الأساطيل والمظاهرات والمفاوضات، أم أن الأحداث ستتدحرج نحو أزمة أوسع تتجاوز البحر المتوسط إلى العواصم الغربية والداخل الإسرائيلي نفسه؟

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش