إيران تعزز مناورة تفادي العقوبات النفطية عبر ناقلات أصغر حجماً باتجاه الصين

مع تشديد العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية، تعتمد طهران بشكل متزايد على ناقلات نفط أصغر حجماً وأكثر مرونة، مثل طرازي “أفراماكس” و”سويس ماكس”، لضمان استمرار تدفق الخام إلى السوق الصينية، وفقاً لبيانات حديثة من شركة “كبلر” المتخصصة في تحليل تجارة الطاقة.
وتكشف هذه الاستراتيجية عن تحول جوهري في سلاسل التوريد الإيرانية، بهدف التمويه على مصدر الشحنات وتجنب الرقابة الدولية.
أظهرت بيانات تتبع السفن أن 8 ناقلات من فئة أفراماكس وسويس ماكس استلمت النفط الخام الإيراني عبر عمليات نقل بحري من سفينة إلى أخرى خلال فبراير الماضي، مقارنة بناقلتين فقط في كل من ديسمبر ويناير.
وتوجهت معظم هذه الشحنات إلى الموانئ الصينية، وخاصة ميناء دونغ ينغ الضحل، الذي أصبح وجهة رئيسية للنفط الإيراني والروسي، نظراً لصعوبة وصول الناقلات العملاقة إليه.
ويرجع هذا التحول إلى قدرة الناقلات المتوسطة على تفريغ حمولاتها في الموانئ الضحلة، بينما تتجنب الموانئ الكبرى مثل شانغهاي ونينغبو، التي تفرض إجراءات أكثر صرامة لتفادي انتهاك العقوبات الثانوية. كما تسمح هذه الناقلات بإجراء عمليات نقل متكررة في عرض البحر، مما يصعّب تتبع الشحنات.
ضغوط العقوبات وتأثيرها على الناقلات العملاقة
دفعت العقوبات الأمريكية المشددة، التي عززتها إدارة الرئيس السابق جو بايدن واستمرارها تحت إدارة دونالد ترامب، إلى إدراج العشرات من الناقلات العملاقة في القوائم السوداء، مما قلل من استخدامها في نقل النفط الإيراني.
وكانت هذه الناقلات، التي تتسع لنحو مليوني برميل، تشكل العمود الفقري للصادرات الإيرانية سابقاً، حيث كانت تبحر مباشرة من موانئ مثل جزيرة خرج الإيرانية إلى الصين.
لكن مع تشديد الرقابة، لجأت إيران إلى نقل النفط عبر نقاط تبادل في مياه ماليزيا ومنطقة الفجيرة قبالة سواحل الإمارات، حيث تُنقل الشحنات من الناقلات العملاقة إلى سفن أصغر، تُغير مسارها ووجهاتها لإخفاء الهوية.
رغم أن الناقلات الأصغر (أفراماكس وسويس ماكس) تستطيع نقل نحو 700 ألف إلى مليون برميل، مقارنة بالناقلات العملاقة، فإن الاعتماد عليها يرفع التكاليف الإجمالية بسبب الحاجة إلى عمليات نقل متعددة.
ففي فبراير، مثلاً، نقلت الناقلة العملاقة “لان جينغ” (المدرجة على قوائم العقوبات) حمولتها عبر ثلاث عمليات منفصلة إلى ناقلات أفراماكس مثل “ريستون” و”برافا ليك” و”شون تاي” قبالة ماليزيا، قبل توجهها إلى موانئ هوانغداو ودونغ ينغ وتشوشان الصينية.
كما شهد الشهر ذاته نقل الناقلة الإيرانية العملاقة “دريا” حمولتها إلى ناقلتي سويس ماكس “أفينتوس 1” وأفراماكس “فيولا”، المتجهتين إلى موانئ دونغجياكو ودونغ ينغ.
التداعيات: اختبار لفعالية العقوبات
يعكس هذا التحول قدرة إيران على ابتكار آليات مرنة لمواصلة تصدير النفط، رغم الحصار الأمريكي، مستفيدةً من شبكة معقدة من الوساطة البحرية والتعاون مع كيانات تجارية غامضة.
لكن الخبراء يحذرون من أن هذه الاستراتيجيات قد تزيد من تكاليف الإيرادات الإيرانية على المدى الطويل، بينما تواصل واشنطن تطوير آلياتها لتعقب الأنشطة غير المشروعة.
من جهتها، تواجه الصين ضغوطاً متزايدة للتوازن بين استيراد النفط بأسعار مخفضة من إيران وروسيا، وتجنب التورط في انتهاك العقوبات الدولية، خاصة مع تهديدات أمريكية محتملة بفرض عقوبات ثانوية على الشركات الصينية المشاركة في هذه التجارة.
باتت عمليات النقل البحري المتكررة واستخدام الموانئ الثانوية أدوات رئيسية في ترسانة إيران لتفادي العقوبات، مما يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها الجهود الدولية لفرض حصار فعّال على الاقتصاد الإيراني.
في المقابل، تُعيد هذه التطورات تشكيل جغرافيا تجارة النفط العالمية، مع صعود موانئ صغيرة كمراكز جديدة لتدفقات الطاقة غير الخاضعة للرقابة.