الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

الذهب والفضة في أعلى مستوى تاريخي على الإطلاق.. هذا سر القفزة القياسية

الاقتصاد العالمي | بقش

شهدت أسواق المعادن الثمينة اليوم الثلاثاء قفزة قياسية في أسعار الذهب، حيث اقترب سعر الأونصة من عتبة 4,500 دولار، وهو مستوى تاريخي لم يسبق الوصول إليه من قبل في الأسواق العالمية وفق اطلاع مرصد “بقش”.

جاء هذا الارتفاع نتيجة تضافر عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية ونقدية دفعت المستثمرين نحو الذهب باعتباره الملاذ الآمن التقليدي في أوقات عدم اليقين.

ولم يقتصر الصعود على الذهب، بل امتد إلى الفضة، التي سجلت مستويات تاريخية أيضاً، فيما شهدت المعادن النفيسة الأخرى مثل البلاتين والبلاديوم ارتفاعات قوية، مما يعكس حالة طلب استثنائية على المعادن الثمينة في نهاية عام 2025.

الوضع الحالي للأسعار

وفق قراءة بقش بيانات وكالة “رويترز”، فإن الذهب الفوري وصل إلى 4,486.34 دولار للأونصة، بعد أن سجل أعلى مستوى له خلال الجلسة عند 4,497.55 دولار، فيما ارتفعت عقود الذهب الأمريكية لتسليم فبراير بنسبة 1.1% لتصل إلى 4,518.90 دولار.

وصعدت الفضة الفورية إلى 69.63 دولار للأونصة، بعد أن سجلت أعلى مستوى خلال الجلسة عند 69.98 دولار، فيما يمثل هذا ارتفاعاً بنسبة 141% منذ بداية العام، مدفوعاً بعجز العرض والطلب الصناعي وزيادة الاستثمار.

وارتفع البلاتين الفوري بنسبة 2.7% ليصل إلى 2,177.05 دولار، وهو أعلى مستوى له خلال أكثر من 17 عاماً.

ووصل البلاديوم إلى 1,788.33 دولار للأونصة، وهو أعلى مستوى له خلال ثلاث سنوات، مواكباً صعود الذهب والفضة.

وهذا الأداء يعكس اتجاهاً جماعياً نحو المعادن الثمينة كملاذات آمنة وسط التوترات العالمية والتقلبات الاقتصادية.

لماذا الارتفاع التاريخي؟

يعود الارتفاع التاريخي للذهب والفضة إلى ضعف الدولار الأمريكي، إذ يُعد ضعف الدولار أحد أهم العوامل المحركة لأسعار الذهب. فقد سجل الدولار يوم الثلاثاء خسائر لليوم الثاني على التوالي، متجهاً نحو أكبر انخفاض سنوي منذ عام 2017.

ويزيد انخفاض قيمة الدولار من جاذبية الذهب للمستثمرين حول العالم، خاصة أولئك الذين يتعاملون بالعملات الأخرى، لأنه يجعل المعدن أقل تكلفة بالنسبة لهم.

استمرار حالة عدم اليقين على الصعيد العالمي دفع المستثمرين نحو الملاذات الآمنة حسب متابعة بقش، وأبرز هذه التوترات كان إعلان الرئيس الأمريكي ترامب فرض حصار على جميع ناقلات النفط الفنزويلية الخاضعة للعقوبات، مع عدم استبعاد احتمال صراع عسكري محتمل، مما زاد المخاوف من اضطراب أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي.

وتتجه الأسواق إلى توقع سياسات نقدية متحفظة في 2026، مع تعيين ترامب لرئيس جديد لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما يعزز توقعات خفض أسعار الفائدة أو تثبيتها عند مستويات منخفضة.

وتجعل أسعار الفائدة المنخفضة الاحتفاظ بالذهب أكثر جاذبية مقارنة بالاستثمارات التي تقدم عوائد ثابتة بالدولار.

ويشير محللون اطلع بقش على تقديراتهم لدى وكالة رويترز، إلى أن المستثمرين يظلون متحمسين لشراء الذهب بسبب مزيج العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، فيما تواصل البنوك المركزية دعم احتياطياتها من الذهب، ما يعزز الطلب على المعدن الثمين.

ولم يقتصر ارتفاع الفضة على عوامل الاستثمار فقط، بل شمل أيضاً جوانب العرض والطلب الصناعي، حيث أدى عجز المعروض وزيادة الطلب الصناعي إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير، ما جعل الفضة تحقق مكاسب استثنائية بلغت 141% منذ بداية العام.

ماذا بعد؟

استمرار ارتفاع أسعار الذهب يعكس تراجع الثقة في العملات الورقية، خاصة الدولار، ويعزز أهمية الذهب كأداة للتحوط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية.

وينعكس ارتفاع أسعار الذهب والفضة على سوق الأسهم والعقود الآجلة وفق قراءة بقش، إذ تتجه الاستثمارات أحياناً من الأصول عالية المخاطر إلى المعادن النفيسة، ما قد يؤدي إلى تقلبات في الأسواق المالية.

وأدى الصعود القوي للذهب والفضة إلى رفع أسعار البلاتين والبلاديوم، ما يعكس توجهاً واسعاً نحو المعادن النفيسة بشكل عام، ويشير إلى زيادة الطلب الصناعي والاستثماري عليها.

وقد تشهد الدول المستوردة للذهب والفضة تأثيرات على ميزان المدفوعات، في حين تستفيد الدول المصدرة للمعادن من ارتفاع العائدات.

توقعات مستقبلية

يتوقع الخبراء استمرار قوة شراء الذهب والفضة خلال الفترة القادمة، مع اعتبار مستويات 4,500 دولار للأونصة للذهب و70 دولاراً للأونصة للفضة كنقاط مرجعية ضمن الاتجاهات الصاعدة وليست حدوداً نهائية.

استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي العالمي، إلى جانب السياسات النقدية المتحفظة، سيبقي الذهب في دائرة الطلب المكثف، ومن الممكن أن يشهد الذهب مستويات قياسية جديدة في أوائل 2026، خاصة إذا استمرت التوترات الجيوسياسية أو ضعف الدولار بشكل أكبر.

وقد تواصل الفضة والبلاتين والبلاديوم الاستفادة من العوامل نفسها، مع توقع زيادة الاستثمار الصناعي والتكنولوجي، خاصة مع ارتفاع الطلب على الفضة في الصناعات التكنولوجية والطاقة النظيفة.

بالنتيجة، ومع استمرار هذه العوامل، من المتوقع أن يشهد الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم مستويات قياسية جديدة خلال الأشهر المقبلة، مما يجعل المعادن الثمينة أكثر أهمية في الاستثمار والتحوط الاقتصادي على مستوى العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى