الاقتصاد العالمي
أخر الأخبار

الين والذهب والبيتكوين والنفط.. كيف تشكّل عوامل انهيار اقتصادي محتمل؟

الاقتصاد العالمي | بقش

يقف الاقتصاد العالمي على حافة مرحلة شديدة الاضطراب، إذ تتحرك المؤشرات المالية والاقتصادية على نحو غير متوازن، وسط تصاعد ديون الدول الكبرى، وتذبذب أسعار الطاقة والمعادن، واهتزاز أسواق العملات والأصول الرقمية.

إذ يطرح الاقتصاديون تساؤلات حول ما إذا كان الاقتصاد العالمي مقبلاً على “زلزال” ناجم إما عن انهيار العملة اليابانية “الين” والسندات، أو عن انهيار الذهب والبيتكوين اللذين تحوّلا من ملاذات آمنة إلى بؤر محتملة للانفجار.

من ناحية، يبدو اقتصاد اليابان غارقاً في أزمة مديونية غير مسبوقة، فقد تجاوزت الديون الحكومية 250% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي الأعلى عالمياً وفق اطلاع بقش على تقرير لشبكة CNN بيزنس، وتراجَعَ الين إلى مستويات تاريخية قاربت 151 يناً للدولار، ما أوقع السلطات المالية اليابانية أمام خيارين، إما التدخل لإنقاذ العملة عبر رفع الفائدة وضخ مليارات الدولارات، أو ترك السوق يحدد مصير الين، بما يفاقم التضخم ويهز الثقة بالاقتصاد الياباني.

إضافةً إلى ذلك، تواجه طوكيو ضغوطاً داخلية لتعديل سياستها النقدية المتساهلة المعروفة بـ”مراقبة منحنى العائد”، وأي تحول مفاجئ فيها سيجبر البنوك وصناديق التقاعد على إعادة أموالها إلى الداخل، ما قد يؤدي إلى موجة بيع ضخمة لسندات الخزانة الأمريكية، تهز الأسواق من طوكيو إلى وول ستريت.

أزمة ثقة في الديون الأمريكية

ومن ناحية أخرى، تتفاقم أزمة الدين الأمريكي الذي تجاوز السقف البالغ 36 تريليون دولار مع توقعات ببلوغه 40 تريليوناً بنهاية 2025.

وقد أدى هذا الارتفاع القياسي في العجز إلى صعود عوائد السندات لأجل عشر سنوات إلى 4.5%، واقتراب السندات طويلة الأجل (30 عاماً) من 5%، وهو أعلى مستوى منذ عقدين.

وحسب قراءات بقش، يخشى خبراء الاقتصاد من سيناريو “البيع العظيم”، حين تلجأ دول مثل الصين واليابان إلى تصفية حيازاتها من السندات لتجنب الخسائر، ما قد يزعزع الثقة في الدولار والنظام المالي الأمريكي برمته.

النفط: انفجار محتمل

يُعد النفط عاملاً محورياً في توازن الاقتصاد العالمي، إلا أنه يعيش حالياً حالة اضطراب متواصلة، ويتراوح خام برنت بين 60 و70 دولاراً للبرميل، متأرجحاً بين شدّين متناقضين: ارتفاع محتمل للأسعار بسبب التوترات في الشرق الأوسط وضعف الإمدادات، وانخفاض حاد محتمل نتيجة تباطؤ الطلب من الصين وأوروبا.

المحللون يحذرون من أن تجاوز الأسعار 100 دولار سيشعل موجة تضخمية جديدة، تجبر البنوك المركزية على تأجيل خفض الفائدة، بينما انهيار الأسعار إلى 50 دولاراً أو أقل قد يسبب أزمات مالية في الدول المنتجة، وفي كلتا الحالتين يبقى النفط عنصر المفاجأة القادر على إشعال الزلزال الاقتصادي في لحظة.

العملات والذهب

بدوره يشهد الدولار الأمريكي صحوة قوية بفضل سياسة الاحتياطي الفيدرالي الصارمة ومرونة الاقتصاد الأمريكي، وهذه القوة رغم أنها تمنح الولايات المتحدة نفوذاً مؤقتاً، تضغط في المقابل على الاقتصادات الناشئة المثقلة بالديون المقومة بالدولار، وتضعف عملات رئيسية كاليورو الذي يتأرجح تحت وطأة الركود الأوروبي وتردد البنك المركزي الأوروبي في خفض الفائدة.

وعن الذهب، تجاوز سعر الأونصة 3977 دولاراً مدعوماً بمخاوف التضخم وتراجع الثقة في النظام المالي، لكن عدداً من المحللين يحذرون من فقاعة سعرية قد تنفجر عند أول مؤشرات على الاستقرار المالي، ما يحوّل المعدن الأصفر من ملاذ آمن إلى مصدر أزمة جديدة.

كما قفزت العملة الرقمية الأولى “البيتكوين” فوق 126 ألف دولار وفق متابعة بقش، بفضل تدفق استثمارات ضخمة وإطلاق صناديق ETF جديدة، ما جعلها ملاذاً رقمياً موازياً للذهب، لكن تقلباتها الشديدة تجعلها سلاحاً ذا حدين؛ فقد تتحول المكاسب الهائلة إلى خسائر فادحة في ساعات قليلة، خصوصاً في حال انهيار ثقة المستثمرين أو تشديد القيود التنظيمية.

وبشكل عام، يصف صندوق النقد الدولي عام 2025 بأنه “عام الصمود الهش”، في إشارة إلى حالة عدم اليقين السائدة، فرغم أن الاقتصاد العالمي لم ينهَر بعد إلا أن المؤشرات تنذر بمرحلة جديدة من عدم الاستقرار بسبب استمرار التضخم فوق المستويات المستهدفة، وتباطؤ التجارة العالمية، واحتمالات تجدد أزمة الطاقة، واتساع الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية.

بالنتيجة يبدو أن الاقتصاد العالمي يقف أمام مجموعة من المخاطر المتداخلة، ففي حال انهار الين أو السندات الأمريكية، ستتزعزع ركائز النظام المالي التقليدي، وإذا انفجرت فقاعة الذهب أو البيتكوين، فستتلقى أسواق التحوط ضربة قاصمة، أما النفط فقد يكون الشرارة التي تفجر كل ذلك دفعة واحدة.

وترى التقارير أن “الزلزال القادم” ليس مجرد احتمال بعيد، بل تسلسل زمني يتكون بصمت من تفاعلات الديون والطاقة والمال الرقمي، بينما السؤال هو متى وأين ستكون نقطة الصفر.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

عزيزي المستخدم،

نرجو تعطيل حاجب الإعلانات لموقع بقش لدعم استمرار تقديم المحتوى المجاني وتطويره. شكرًا لتفهمك!

فريق بقش